جزيئة واعدة لمعالجة الباركنسون

17 : 40

وفق أحدث الأبحاث، قد تستكشف جزيئة جديدة آليات عصبية وكيماوية أساسية لمعالجة مرض الباركنسون.

الباركنسون مرض تنكسي يتطور تدريجاً ويصيب الجهاز العصبي المركزي. بشكل عام، يترافق هذا الاضطراب مع عدد من الأعراض، أبرزها رجفة الأطراف اللاإرادية، والتصلب، وبطء الحركة.

في الدراسة الجديدة، ركّز باحثون من جامعة هلسينكي في فنلندا على جزيئة اسمها BT13 لأنها قد تكون برأيهم علاجاً محتملاً لمرض الباركنسون.

جرى البحث في المختبر وفي الجسم الحي وعلى نماذج من الفئران، وطرح العلماء نتائجه في تقرير نشرته مجلة "اضطرابات الحركة".

يقول ديفيد دكستر، نائب مدير قسم الأبحاث في منظمة الباركنسون البريطانية (معهد بحثي وجمعية خيرية داعمة): "مرضى الباركنسون بأمسّ الحاجة إلى علاج جديد لكبح مسار المرض بدل الاكتفاء بإخفاء الأعراض".

منحت هذه الجمعية منحة لتمويل جزء من جهود العلماء الذين يحققون بقدرة جزيئة BT13 على معالجة الباركنسون.


سبب البحث

أثبتت الأبحاث السابقة أن مرضى الباركنسون يخسرون جزءاً كبيراً من الخلايا التي تنتج الدوبامين، وهو هرمون وناقل كيماوي يؤدي دوراً معقداً في الدماغ والصحة النفسية. يسهم الدوبامين أيضاً في تنظيم الحركة، وهذا ما يجعل خسارة الخلايا التي تنتجه جانباً أساسياً من الباركنسون.لهذا السبب، اختبر عدد كبير من العلماء الطرق التي تزيد إنتاج الدوبامين في الدماغ كعلاج مستهدف للباركنسون.

حتى الآن، ركزت دراسات كثيرة على قدرات جزيئة متخصصة اسمها "عامل التغذية العصبية المشتق من بطانة الخلايا الدبقية" (GDNF)، على اعتبار أنها تستطيع "معالجة" الخلايا المُنتِجة للدوبامين في الدماغ بعد تضررها وتجديد وظيفتها.لكن ترافق العلاج بجزيئة GDNF مع عيب بارز، فهو يتطلب جراحة صعبة لضخ الجزيئة في الدماغ مباشرةً.

هذه العملية ضرورية لأن الجزيئة تعجز وحدها عن اختراق الحاجز الدموي الدماغي الواقي الذي يمنع العناصر والكائنات الدقيقة الضارة من الدخول إلى الدماغ. يعجز عدد كبير من الأدوية عن عبوره أيضاً.

كذلك، كشفت تقارير حديثة أن علاج GDNF لم ينجح في التجارب العيادية لأنه لم يكن فاعلاً بما يكفي لمعالجة المرض.


الخطوة الأولى من مسار طويل

كان العلماء يبحثون في الوقت نفسه عن طرق بديلة للتحفيز على إنتاج الدوبامين. أجرى الفريق في جامعة هلسينكي تجارب في بطانة الخلايا وعلى نماذج من الفئران لاختبار مدى فعالية جزيئة تم اكتشافها حديثاً وتشبه GDNF. فاكتشفوا أن جزيئة BT13 تزيد مستويات الدوبامين في أدمغة الفئران فعلاً. كذلك، بدا وكأنها تحمي الخلايا الدماغية المسؤولة عن إنتاج الدوبامين من الموت. وعلى عكس GDNF، نجحت هذه الجزيئة في اختراق الحاجز الدموي الدماغي.

يوضح دكستر الذي لم يشارك في البحث الأخير: "يتعلق واحد من أكبر التحديات التي تطرحها الأبحاث المرتبطة بمرض الباركنسون بجعل الأدوية تعبر الحاجز الدموي الدماغي، لذا تطلق جزيئة BT13 المثيرة للاهتمام مجالاً بحثياً جديداً يستحق الاستكشاف، وتبدو هذه الجزيئة واعدة جداً كطريقة لإبطاء الباركنسون أو كبحه".

مع ذلك، يشدد دكستر على ضرورة إجراء أبحاث إضافية مستقبلاً قبل أن يتمكن الباحثون من تأكيد فعالية المقاربة الجديدة لدى البشر: "الأبحاث المستقبلية ضرورية لتحويل جزيئة BT13 إلى علاج يمكن اختباره في التجارب العيادية للتأكد من قدرته على تغيير حياة المصابين بالباركنسون".توافقه الرأي الدكتورة يوليا سيدوروفا التي شاركت في الإشراف على الدراسة الجديدة، وتؤكد سعيها مع زملائها لتحقيق هذه الغاية: "نحن نعمل باستمرار على تحسين فعالية جزيئة BT13 ونختبر راهناً سلسلة من المركّبات التي تشبهها، بعدما توقّع برنامج محوسب أنها تتمتع بخصائص أفضل منها".