طوني فرنسيس

تسويات الخارج وحسابات اللبنانيين

14 آذار 2023

02 : 00

يمكن للفرقاء اللبنانيين أن ينتظروا إلى الأبد حلاً لخلافاتهم إذا واصلوا سياساتهم الراهنة واستمر القابضون على السلطة في تجاهل الأزمات وادارتها بما يضمن مصالحهم. ويمكن للبنانيين أن يتوقعوا أياماً أسوأ إذا اعتقد أي فريق أنه سيكون قادراً على فرض مرشحه الرئاسي ومشروعه ورغبته في الهيمنة على الدولة وهضم حقوق ومصالح الآخرين.

فلا «حزب الله» وأنصاره، في موقع القادر على الإملاء، ولا المعارضة في وارد القبول أو الامتثال أو تحديد معالم المرحلة المقبلة بتفاصيلها الكاملة. لم يكن حلفاء إيران على دراية بما يجري في بكين، ولم يكن الآخرون في مناخات اتفاق إيراني-سعودي يجري صوغه. في حالة «حزب الله» الأمر أشد فداحة. كان علي شمخاني قد بدأ اجتماعاته مع الخصم السعودي صباح 6 آذار عندما بدّد السيد حسن نصرالله، نهاية اليوم نفسه، آمال المراهنين على تسوية إيرانية سعودية. لم يكن نصرالله يدري أو لم تكن متاحةً له إمكانية الخوض في الموضوع.

الآخرون في لبنان ما كانوا في أجواء التسوية الإقليمية المهمة، لكن مرارتهم بسبب عدم الاطلاع تبقى ضئيلة مقارنة بدهشة خصومهم، فهم ليسوا ولم يكونوا «درة التاج السعودي» مثلما اعتبر الخامنئي يوماً «حزب الله» درة التاج الإيراني.

الخلاصة اللبنانية الأولى من اتفاق بكين ينبغي أن تدفع باتجاه استعادة منطق الدولة في لبنان. بهذا المعنى يمكن تحديد الربح والخسارة. الخسارة ستكون لمنطق الدويلة، والربح لمنطق الدولة إذا أحسن المتمسكون به السعي من أجل تحقيق شروطه، والمسؤولية تقع على الجانبين إن ارادا وطناً طبيعياً.

لن تكون المصالحة السعودية-الإيرانية الأخيرة في عالمٍ يحتاج سيلاً من المصالحات. الصين ستحدّث خطتها الاوكرانية خلال أيام لدى زيارة رئيسها المرتقبة إلى موسكو، وإيران تفاوض أميركا على صفقة السجناء. وقبل اتفاق بكين تحدثت صحف روسية عن استعداد موسكو للعمل من أجل مصالحة إسرائيلية-إيرانية، وهي مصالحة لم يستبعدها رئيس الموساد الإسرائيلي في تصريحات أدلى بها الاثنين تعقيباً على الاتفاق السعودي-الإيراني.

العالم يتغير حول لبنان وقد آن الأوان كي ينظر اللبنانيون في أمورهم خارج دائرتي الانتظار والامعان في تخريب بلادهم.


MISS 3