"كوفيد - 19" قد يحرمك من قدرتك على معرفة الوجوه

02 : 00

عندما اجتمعت آني مع عائلتها للمرة الأولى بعد أشهر على إصابتها بعدوى "كوفيد - 19"، كانت آثار المرض لا تزال واضحة عليها. قالت آني لباحثين كانوا يستكشفون حالتها: "خرج صوت والدي من وجه شخصٍ غريب"!

كانت آني (اسم مستعار) تستطيع التعرّف على الوجوه بشكلٍ طبيعي قبل إصابتها بفيروس "كوفيد - 19"، في آذار 2020. هي بدأت تتعافى بعد مرور أيام، لكن انتكست حالتها بعد بضعة أشهر. تكشف دراسة حالتها الآن أننا نستطيع إضافة "عمى الوجوه" إلى قائمة طويلة ومتوسعة من المشاكل الدماغية التي يسبّبها المرض.

راقبت الدراسة الجديدة أكثر من 50 مريضاً آخر كانوا مصابين بحالة "كوفيد طويل الأمد"، وتبيّن أن معظمهم يجد صعوبة متزايدة في التعرّف على وجوه مألوفة منذ التقاط العدوى.

أوضحت آني أن الوجوه أصبحت أشبه بمياه في رأسها، واعتبرت محاولات تذكّر الوجوه الآن مشابهة لتكرار حرف صيني بعد مشاهدته لمرة واحدة من دون معرفة اللغة.

كانت هذه الشابة التي تعمل كرسّامة بدوام جزئي وتبلغ 28 عاماً تحتاج إلى النظر إلى الشخص الذي ترسمه مرة كل 15 أو 30 دقيقة أثناء رسمه سابقاً. لكنها مضطرة الآن للنظر إليه بشكلٍ متكرر.

خضعت آني لسلسلة فحوصات تحت إشراف الخبيرَين في علم النفس العصبي براد دوشين وماري لويز كيسيلير من جامعة "دارتموث"، فتبيّن أن صعوبة التعرّف على الوجوه تنجم عن اختلالات محددة في ذاكرة الوجه ولا تتعلق بمشاكل أخرى على نطاق أوسع. لكن وجدت آني أيضاً صعوبة في التنقل في أماكن مألوفة، فلم تعد تجيد تحديد وجهتها بسهولة وباتت تضطر للاتكال على "خرائط غوغل" للعثور على سيارتها. تكون مشاكل تحديد المواقع شائعة لدى المصابين بعمى الوجوه أيضاً.

يوضح دوشين: "لقد لَفَتنا خليط عمى الوجوه وصعوبة تحديد المواقع لدى آني لأن هاتين المشكلتين تظهران في الوقت نفسه عموماً بعد تعرّض الشخص لأضرار دماغية أو خلل في النمو. تنجم هاتان الحالتان المتزامنتان على الأرجح عن قدرتَين مرتبطتَين بمناطق دماغية مجاورة في الفص الصدغي".

في فترة التقاط العدوى، خسرت آني حاستَي الشم والذوق، ووجدت صعوبة في التنفس، وأصيبت بحمى مرتفعة لأيام. ومنذ أن انتكست حالتها، ترافقت مشاكل التعرّف على الوجوه وتحديد المواقع مع أعراض أخرى على صلة بـ"كوفيد طويل الأمد"، بما في ذلك التعب، وصعوبة التركيز، وتشوّش الدماغ. حتى أنها وجدت صعوبة في الحفاظ على توازنها لاحقاً وتعرّضت لنوبات صداع نصفي. وبسبب مشاكل في التأمين الصحي، لم تخضع آني لتصوير بالرنين المغناطيسي.

عند دراسة هذه الحالة، أطلق الباحثون التحذير التالي: "لا يمكن استبعاد الجلطة الدماغية كسببٍ لتلك الأعراض، إذ تتعدد الأدلة التي تشير إلى ارتفاع خطر التعرّض لهذه الجلطات عند الإصابة بعدوى "كوفيد - 19".

لكن بغض النظر عن الآلية الكامنة وراء الأعراض، تشكّل هذه الحالة مثالاً آخر على المشاكل العصبية التي يسبّبها "كوفيد - 19" أحياناً. يضيف دوشين: "تسلّط دراستنا الضوء على أنواع من المشاكل الإدراكية المرتبطة بالتعرّف على الوجوه وتحديد المواقع وقد تكون على صلة بفيروس كورونا. يجب أن يدرك الناس هذه المخاطر، لا سيما الأطباء وغيرهم من خبراء الصحة".

يذكر معظم المصابين بـ"كوفيد طويل الأمد" في الدراسة أنهم يواجهون مشاكل عصبية ملحوظة عند القيام بمهام كانوا يعتبرونها بسيطة. لا تقتصر هذه المشكلة على الأقلية المصابة بحالات حادة من المرض.

في النهاية، يستنتج دوشين: "كنا نعرف بحصول مشاكل معرفية واسعة بسبب "كوفيد - 19"، لكننا نرصد في هذه الحالة مشاكل حادة وانتقائية جداً، ما يثبت أن عدداً كبيراً من الناس قد يصاب باختلالات قوية وانتقائية بعد التقاط عدوى كوفيد".


MISS 3