جنى جبّور

إلى الأم المستقبلية...هكذا تهتمين بطفلك

21 آذار 2023

02 : 01

عزيزتي الأم المستقبلية، تختبرين اليوم أحاسيس جديدة، ما زال شعورك بالأمومة غريباً بعض الشيء، فأنت لست بعد أمّاً فعلية، الّا أنك تتحضرين لتكوني كذلك. في مناسبة "عيد الأم"، قررت "نداء الوطن" محاورة فريق Naissanciel المتخصص لتزويدك بأهم المعلومات والإجابة عن الأسئلة التي تراودك والهواجس التي تقلقك، ابتداءً من تأهيلك النفسي إلى الرضاعة مروراً بضرورة الإهتمام بنفسك وبطفلك بعد الولادة وصولاً إلى كيفية تنمية مهارات صغيرك.



أنت امرأة في الأساس

نبدأ مع مستشارة بالتواصل العلاقاتي كاتيا الهبر يزبك، التي تحدثت عن كيفية تأهيل الأم نفسياً قبل وبعد استقبال مولودها، فتقول: "عندما نتحدث عن تأهيل الأم، ننسى غالباً أهمية أن يتحضر الثنائي سوياً لهذه الفكرة وليس الأم فحسب، الى حين ادراكهما كيف سيستقبلان هذه الحياة الجديدة والاهتمام بها. مع الاشارة الى أنّ انجاب الاطفال مكون اساسي من مكونات الأم، فهي تشعر بالفطرة ومن خلال الرغبة غير الواعية لديها بالرغبة بالانجاب ومرافقة الحياة. أمّا بالنسبة للتأهيل النفسي، فيجب على الأم أن تثقف نفسها جيداً وأن تسأل طبيبها كل الأسئلة التي تشغل تفكيرها، كما يمكن أن تستند الى اختصاصيين يساعدونها ويرافقون افكارها ومخاوفها ورغباتها وحاجاتها...

أمّا خلال المخاض، فالخوف طبيعي جدّاً، فهي تختبر هذا الشعور للمرّة الأولى، وأنصحها بالاتكال على ما اكتسبته وتحضرت له خلال حملها، وهذا كافٍ لإنهاء عملية الولادة، مع التشديد على أهمية الاعتماد على شعورها في هذه اللحظة والذي سيساعدها على اكمال هذه المرحلة بأجمل الذكريات الممكنة".

أمّا عن كيفية الاهتمام بنفسها بعد الولادة والابتعاد عن الشعور بالتقصير، فتضيف: "تهمل الأم نفسها غالباً وتصب كل تركيزها على طفلها، من دون أن تدرك أنّه كيان كامل متكامل منذ اللحظة التي يبدأ فيها بالتكون داخل رحمها الى حين خروجه منه الى هذه الحياة فيكون له حضوره وشخصيته وحريته وقراراته.

انطلاقاً من هذه النقطة، أنصحها بالتخلي عن الشعور بالذنب والتقصير فولدها بامكانه الاتكال على قدراته ليحقق رغباته، أمّا الأهل فيلعبون دور المرافق له ليكبر ويتطور ويطير ويحلق بجناحيه مبتعداً عنهم لتأسيس حياته الخاصة.

أمّا انتِ سيدتي الأم، فاهتمي بنفسك لأنك بالأساس انسان وامرأة وزوجة، ويجب أن تعطي كل صفة حقها، فيغذي كلها بعضها البعض وتزدادين طاقة وقدرة وحناناً وحباً واهتماماً، الأمر الذي ينعكس ايجاباً على طفلك فتصبحين مثالاً يحتذى به للمرأة القادرة على الانجازات بدل أن تكوني في نظره تلك الموجوعة والمشوشة والمهملة بحق نفسها.

وهذا السلوك يساعدك مع الوقت على البدء بالفطام العلاقاتي، فمن قال لك إنّ طفلك بحاجة لك 24 على 24 خلال 7 ايام في الأسبوع؟ فالموضوع يتعلق بنوعية الوقت الذي تمضيه معه وليس بكميته، وتصبح مهمتك تربوية لتطويره وتعليمه الصح من الخطأ، ما يعزز قدرته على تنمية ذكائه العاطفي وتطوير شخصيته ملبياً حاجاته".



ليدا بو شروش


كاتيا الهبر يزبك




أطلبي المساعدة

من الشق النفسي ما قبل الولادة، ننتقل الى حالة الأم بعد مجيء طفلها، مع القابلة القانونية ريتا القصيفي التي تشير الى أنّ "حالة القلق والاكتئاب والبكاء أمر طبيعي جدّاً نتيجة اضطراب الهرمونات اولاً، وشعورها بالمسؤولية تجاه مولودها ثانياً. وفي هذه الحالة عليها توكيل مهمة الاهتمام بطفلها الى والده او جدته أو اي شخص تثق به، ليتسنّى لها الاهتمام بنفسها. وفي حال تخطّى وضعها هذا الـ10 ايام فلا يجب أن تتردد في استشارة طبيبها.

في المقابل، لا يجب أن تهمل الأم صحتها أو نظافتها الشخصية كالاستحمام اليومي والانتباه لجرحها الناتج عن الولادة الطبيعية أو الاخرى القيصرية، وعند حدوث نزيف أو ألم غير طبيعي عليها مراجعة طبيبها أو القابلة القانونية. كما يجب أن تتناول مأكولات صحية وأن تكثر من شرب المياه، فهذا يعزز در حليبها وتفادي الامساك الشائع بعد الولادة".

توافقها مستشارة بالتواصل العلاقاتي ساندرا مشلب أبي يونس رأيها وتقول: "غالباً ما يرافق التعب الأم الجديدة، وهنا يجب أن تعلم كيف تستعيد طاقتها خلال النهار، وأن تستغل كل فرصة لأخذ قسط وافر من النوم والراحة ولا سيما عند نوم رضيعها. وهنا أنصحك بترك كل الأمور الأخرى مثل الواجبات المنزلية أو العائلية، والاهتمام بنفسك فحسب، للاستمرار في تربية صغيرك كما يجب. وعندما يكبر الطفل قليلاً، من المهم أن تستغل نحو ساعتين في النهار لأمورها الخاصة والاتكال على من حولها للاعتناء بصغيرها. فليس مهماً عدد الساعات التي تمضيها معه بل نوعية الوقت وما تقدمه من اهتمام خلاله.

كذلك، أنصح كل أم بطلب المساعدة من محيطها، فاذا لم تطلبها فلن يقدمها لها أحد، وتقبل نوع المساعدة والطريقة التي يوفرها الشخص الآخر، وهذا يساعد الطفل ايضاً على تطوير مهارات اضافية بحسب الشخص الذي يهتم به.

مع الاشارة، الى أهمية المحافظة على التباعد الاجتماعي بين الناس والرضيع حتّى عمر الـ3 أشهر لاسباب مناعية، والابتعاد عن حمله لعدم تعريضه للعدوى، واشجع الأهل في هذا الاطار على عدم الخجل والطلب من المحيط عدم حمل طفلهم بصريح العبارة، فهم المسؤوليون عنه ومن واجبهم القيام بالأنسب له".



ريتا القصيفي


ساندرا مشلب أبي يونس




"ما إجا حليبي"... عبارة صحيحة؟

نسمع الكثير من الأمهات يرددن عبارة "ما إجا حليبي"، فهل هذا ممكن (بعيداً عن المشكلات الطبية)؟ تجيب القابلة القانونية رولا كاماتو قائلةً: "يتحضر الصمغ Colostrum في الثدي ابتداءً من الأسبوع الـ16، الّا أنّ الهرمون الذي تفرزه المشيمة (Placenta) يمنع خروجه الى حين ولادة الطفل، عندها يتحرر ويتحول بعدها الى ما يعرف بالحليب الانتقالي وصولاً الى الحليب النهائي.

ومثل أي شيء في الحياة، يتعلق موضوع در الحليب بالعرض والطلب. فكلما ارتفعت نسبة الحليب التي يرضعها الطفل، زاد مقدار الحليب الذي يقوم الثدي بتكوينه. وهنا لا بدّ أن انصح الام الجديدة بعدم تحديد وقت للرضاعة، والقيام بهذه العملية في النهار كما في الليل، اي كلما بكى طفلك سيدتي عليك تلبية حاجته، ما يساعد فيزيولوجية الرضاعة على السير في مسارها الصحيح. مع الاشارة الى أنّ الطفل يحتاج الى أن يرضع ليلاً أكثر، وهنا تظنّ بعض الأمهات أنّ حليبها لا يشبع طفلها فتنخفض ثقتها بنفسها وبالتالي تتراجع دورة الحليب لديها، فتتوقف عن الرضاعة الطبيعية متوجهةً الى الحليب الصناعي.

باختصار، إنّ مقولة "ما إجا حليبي" غير دقيقة، بل الأصح القول إنّ هناك اماً حافظت على حليبها وأخرى لم تفعل ارادياً أو لاإرادياً، من هنا أهمية جلسات التحضير للولادة والرضاعة لمساعدة كل امرأة في هذا الموضوع الجديد بالنسبة لها".



رولا كاماتو



نوبات البكاء... هكذا تسيطرين عليها

اسباب البكاء عند الرضّع واضحة ومحدودة، الّا أنّها توتر وتقلق الأم الجديدة، فتجهل كيفية التواصل مع صغيرها. وبحسب اختصاصية النطق واللغة ليدا بو شروش "يجب التواصل مع الطفل باعتباره كائناً حياً يستوعب ما يدور من حوله، لانه شيئاً فشيئاً سيفهم ويعلم ماذا نقول له من نبرة صوتنا ولغة جسدنا"، مضيفةً: "تجري العادة، ألا يتواصل الأهل مع الرضيع في شهره الأول، بل يعمدون الى حمله واطعامه ووضعه في سريره انطلاقاً من مبدء أنه لا يفهم. وهذا يفسر بكاء الطفل أحياناً من دون اي سبب، ويشير الى أهمية التحدث معه بتفاصيل الأمور الروتينية اليومية مثل القول: "الآن سنلبسك ثيابك، أو الآن سنستحم...". ما يشعر الطفل بالآمان.

أمّا لمعرفة اسباب بكاء الطفل (بعيداً عن المرض)، فيجب ان تحصي الأم الأسباب بحسب احتياجات طفلها وطريقته، اي اذا كان جائعاً أو ممغوصاً... واذا لاحظنا انه لا يوجد سبب حقيقي للبكاء، عندها يجب حمله بهدوء والتحدث معه أو الغناء له... كذلك، أدعو الأم الا تتأثر وتتوتر بل السيطرة على الوضع بهدوء وبأسرع وقت ممكن، فاذا شعر الطفل بتوترها (من خلال لغة جسدها ونبرة صوتها) سيستمر بالبكاء".

أبعديه عن الشاشات


ملف تأهيل الأم لاستقبال مولودها وكل المعلومات التي يجب أن تضطلع بها كثيرة ومتشعبّة، وقد تكون هذه الارشادات المختصرة اساساً مهماً تنطلق منها للبحث أكثر عن كل ما يراود فكرها في هذه الفترة، ولكن يجب ألا تستخف ايضاً بشعورها تجاه طفلها الذي يكفيها احياناً للالمام بحاجاته بالفطرة وتلبيتها بحب وحنان يفوقان كل المعلومات المكتسبة.

الى ذلك، نختم موضوعنا مع ساندرا التي اضافت ناصحةً الأمهات بالطرق التي يجب اعتمادها لتنمية مهارات الطفل، قائلةً: "من المهم جداً ابعاد الطفل بشكل كلي عن الشاشات الذكية حتّى عمر السنة والشهرين. في المقابل، يجب دفعه الى اللعب في كل الأوقات الممكنة واكتشاف قدراته من خلال الأشياء الموجود في المنزل، والابتعاد عن الخوف كلما وضع اي منها في فمه؛ فهذه طريقته بالاكتشاف. كذلك، أنصح الأم الجديدة بالتخلي عن وسواس النظافة والسماح لطفلها في اللعب خارجاً (بحسب عمره) بالطبيعة وفي التراب وبين الأشجار... هكذا يطور طفلكِ قدراته".

أساسيات الطفل... لا تكثري من المقاسات الصغيرة

بحسب القابلة القانونية ريتا القصيفي، هذه هي التجهيزات التي يجب أن تكون الأم قد انتهت من تحضيرها لاستقبال طفلها:

اولاً، تحضير غرفة الطفل، شراء مقعد سيارة له (carseat) لاخراجه من المستشفى بواسطته، عربة أطفال (Pousette)، حوض استحمام خاص به، فراش خاص لتبديل حفاضاته يكون عالياً بمستوى ظهر الأم، سرير الطفل الذي يجب الا يكون مغلقاً من كل الجهات مع تفادي وضع peluche أو العاب اخرى مشابهة في سريره كي لا يضعها على وجهه.

ثانياً، تجهيز خزانة خاصة بالصغير فيها اغراضه وملابسه؛ وهنا انصح بعدم الاكثار من الـbodies والبيجامات بمقاسات صغيرة لأنّ الطفل يكبر سريعاً، بل الاكثار من مقاسات الـ3 الى 6 أشهر. كما والانتباه بأي فصل ستضع الأم مولودها لتجهيز الثياب المناسبة بحسب الطقس.

ثالثاً، شراء منشفتين له، شاش مطهر، دواء مطهر فوق الـ70 في المئة، شامبو للجسم والرأس، كريم أو زيت للجسم، مقص اظافر خاص بالأطفال (يكون رأسه دائرياً)، حفاضات حسب وزن الطفل (عدم الاكثار من الأحجام الصغيرة، وأخذ العلم بضرورة تبديل الحفاض كل 3 الى 4 ساعات). وأنصح الأم بتجهيز اغراض طفلها بين الشهرين الخامس والسابع من الحمل، اذ تكون بحالة جيّدة ما يساعدها على عيش هذه التجربة بفرح كبير.