تفويت الفطور والصوم يُضعِف مناعتك

02 : 00

يُعتبر الفطور عموماً أهم وجبة في اليوم، لكن لا تزال الأبحاث العلمية المرتبطة بالآثار الصحية لتفويت الفطور غير جازمة. يكشف عدد كبير من الدراسات أن الصوم المنتظم نهاراً، عبر حصر وجبات الطعام بفترة محدودة مثلاً، يعطي منافع صحية متنوعة. وتذكر الأبحاث أيضاً أن الصوم وكبح السعرات الحرارية قد يُخفّضان خطر الإصابة بأمراض مرتبطة بالسن مثل ارتفاع ضغط الدم، وتصلب الشرايين، والبدانة، والسكري. لكن تكشف دراسة جديدة الآن أن الصوم له ناحية سلبية محتملة.



لاحظ الباحثون في هذه الدراسة تراجعاً سريعاً في عدد الخلايا المناعية لدى حيوانات مُنِعت من الأكل خلال الساعات التي تلت استيقاظها. يوضح المشرف الرئيسي على الدراسة، فيليب سويرسكي، مدير معهد أمراض القلب والأوعية الدموية في كلية "إيكان" الطبية في نيويورك: "زادت قناعة الناس بفعالية الصوم، وتكثر الأدلة التي تثبت منافعه الصحية. لكن تُوجّه دراستنا تحذيراً مفاده أن الصوم قد يترافق مع مخاطر صحية معينة". نُشِرت النتائج في مجلة "المناعة".

الفئران حيوانات ليلية، ما يعني أنها لا تنشط نهاراً وتبحث عن الغذاء ليلاً. قارن الباحثون الفئران التي كانت تأكل في الوقت الذي تريده بتلك التي عجزت عن الوصول إلى الطعام خلال الساعات التي تلت نشاطها. بعد مرور أربع ساعات فقط، لاحظ العلماء تراجعاً بنسبة 90% في عدد وحيدات النوى (نوع من الخلايا المناعية) في مجرى دم الفئران التي امتنعت عن الأكل.

في تجارب أخرى، أثبت العلماء أن الخلايا المناعية تعود من مجرى الدم إلى النخاع العظمي خلال فترات الصوم. لكن تدفقت وحيدات النوى نحو مجرى الدم مجدداً بعد استئناف الأكل، ما أدى إلى زيادة نسبة تلك الخلايا المناعية بدرجة غير مألوفة.

على صعيد آخر، قيّم العلماء تأثير الأكل بعد الصوم بقدرة الفئران على محاربة الالتهابات. بعد الصوم طوال 24 ساعة ثم الأكل لأربع ساعات، ضخّ الباحثون جرثومة الزائفة الزنجارية لدى الفئران، وهي من أبرز أسباب الالتهاب الرئوي في المستشفيات.

مقارنةً بالقوارض التي كانت تستطيع الحصول على الطعام في أي وقت، نفقت الفئران الصائمة في مرحلة أبكر وبأعداد متزايدة. تتعلق هذه النتيجة على ما يبدو بزيادة الالتهاب في الرئتين.

يوضح سويرسكي أن وحيدات النوى قد تؤثر ايضاً على حالات مثل أمراض القلب والسرطان، لذا من الضروري أن يفهم العلماء طريقة تأثير الصوم عليها. في تجارب أخرى، أثبت العلماء أن الصوم سبّب تغيرات في أدمغة الفئران، ما أدى إلى إطلاق هرمون الكورتيكوستيرون المرتبط بالضغط النفسي.

ردّ جهاز المناعة على هذا الضغط النفسي عبر إرسال الخلايا المناعية إلى النخاع العظمي، ما قد يساعد الحيوانات على حفظ مواردها في أوقات النقص.

لإقامة التوازن المطلوب بين المنافع والأضرار، يمكن اللجوء إلى أشكال مدروسة من الصوم واستئناف الأكل، على عكس فرط الأكل الذي يلي الصوم في العادة. لا يمكن توقّع تأثير هذا النوع من الدراسات الحيوانية على البشر الذين يفوّتون وجبة الفطور أو يصومون بهدف فقدان الوزن.

لكن تكشف الأبحاث أن الصوم يُخفّض مستوى وحيدات النوى لدى البشر أيضاً. يقول سويرسكي: "لم تتّضح بعد تداعيات هذه الدراسات على صحة البشر، لكن يبدو أن وحيدات النوى هي خلايا تؤثر على الالتهابات، والسرطان، وأمراض القلب والأوعية الدموية وسواها".

في عدد من التجارب الأخرى في الدراسة الجديدة، امتنعت الفئران عن الأكل طوال 24 ساعة. قد لا ترتكز أي خطة غذائية بشرية على هذه الخطوة، بل تقضي معظم الحميات بالصوم لفترات أقصر بكثير. لكن لوحظ أن مناعة الحيوانات تحسنت في دراسة جديدة أشرف عليها الدكتور ساتشيداناندا باندا الذي يحلل إيقاع الساعة البيولوجية في "معهد سالك للدراسات البيولوجية"، في لاهويا، كاليفورنيا.

في هذه الدراسة، امتنعت الفئران عن الأكل لمدة تتراوح بين 12 و16 ساعة. لكن يعترف الباحثون بأن نتائج البحث الجديد قد لا تنطبق على الصوم لدى البشر: "تبقى دراستنا محدودة لأنها لا تتماشى مع الخصائص الفيزيولوجية للبشر على مستوى مدة الصوم واستجابة الضغط النفسي ذات الصلة. يختلف صوم الفئران على مدار الساعة عن صوم البشر، ما قد يجعل النتائج التي توصّلنا إليها أكثر تطابقاً مع أسوأ حالات شحّ الأغذية أو الاضطرابات الغذائية".

في النهاية، يقول باندا الذي لم يشارك في الدراسة الجديدة: "الأيض والمناعة ليسا متشابهَين لدى البشر والفئران. تكشف الأبحاث أن تخفيض السعرات الحرارية المستهلكة قد يسهم في السيطرة على نمو الأورام لدى البشر. من الضروري إذاً تحديد أنواع المناعة التي يُحسّنها صوم البشر بمختلف أشكاله وتلك التي يُضعِفها".


MISS 3