طوني فرنسيس

كلّن ليسوا كلّن!

23 آذار 2023

02 : 00

لا تزال صيغة العهد السابق الحكومية هي المتحكّمة والحاكمة. فالحكومة هي آخر حكوماته، تشكلت برعايته ورضاه، بشروطه واختياراته، وهي مستمرة بحكم الأمر الواقع والدستور المخروق.

ولدت حكومة نجيب ميقاتي الثالثة قبل الانتخابات النيابية في أيار الماضي. تم تكليفه قبل ذلك بزمن، بعد أن مُنع سعد الحريري من السير في رؤيته الخاصة لحكومة الاختصاصيين المستقلين، فأنجز تشكيلته في العاشر من أيلول 2021، وضمّت إليه 23 وزيراً بينهم سيدة.

التشكيلة هذه لا تزال في الحكم، مع أن الحكومة تعتبر مستقيلة بعد الانتخابات النيابية. صحيح أنّ رئيسها أعيد تكليفه لكنه لم ينجح في الشهور الأخيرة من ولاية الرئيس السابق ميشال عون في تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات، فصارت حكومة ما قبل هي نفسها الحاكمة في ما بعد، ليس بعد الانتخابات النيابية فقط وإنما ما بعد الفراغ الرئاسي المتمادي.

إستمرت الأزمة، التي وصفها المجتمع الدولي في أيام التناحر على تشكيل الحكومات بأشد العبارات، في تصاعدها واتساعها. كان الانهيار يتسارع والمماحكات الحكومية تطول. استقالت حكومة حسان دياب بعد تفجير المرفأ في 4 آب 2020، لكن سعد الحريري لم يُكلّف الّا في تشرين الأول من العام نفسه، وحتى صيف العام التالي لم يتمكن من تشكيل حكومة ترضي عون. في 14 تموز 2021 خرج من آخر لقاء معه ليعلن «لن نستطيع الاتفاق مع فخامة الرئيس» وردّ الرئيس أنّ «الحريري غير مستعد للبحث في أي تعديل على تشكيلته».

كان الحريري متمسكاً بصيغة حكومة الاختصاصيين المستقلين فتم ابعاده ليأتي نجيب ميقاتي قابلاً بما رفضه الحريري. أعلن عن حكومة اختصاصيين تابعة للتحالف الحاكم. كان اغلب الوزراء من الوجوه الجديدة التي جعلت الجمهور يترحم على الوجوه الأصيلة.

شكل هؤلاء حكومة الممانعة صراحة لا مواربة، وهي حكومة تواصل إشرافها على إدارة الانهيار وتقاسم مغانم الهدر والفساد والترسيم وتعبئة الفراغ الرئاسي إلى أن يتاح لها ملؤه بحسب ما تراه مناسباً لها.

منذ 10 أيلول 2021 ولبنان محكوم من طرف محدد في السياسة والادارة والانهيار، وبعد تجربة من هذا النوع بات ضرورياً، بل من الفضائل، إعادة النظر بشعار «كلن يعني كلن»، فعلى الأقل ليسوا كلهم من يقود السفينة المشرفة على الغرق!


MISS 3