بو عاصي: غياب سياسة سعر صرف واضحة يساهم في الانهيار النقديّ والاجتماعيّ

15 : 27

لفت عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب بيار بو عاصي إلى أولوية الشّقّ النقدي في مقاربة الأزمة الاقتصادية والتعامل معها نظراً للأثر اليوميّ لتقلّب سعر الدولار في غياب نظام واضحٍ لسعر الصرف وتمادي الدولرة الزاحفة بشكل فوضوي في السوق ومجمل القطاعات من دون إمكانية وقفها أو القرار بتنظيمها.


كما وذكر أنّه نبّه خلالَ اجتماع اللّجان المشتركة من تقرير البنك الدوليّ منذ تشرين الثاني 2022 الذي يؤكد المسار الثابت والمتصاعد وغير القابل للتراجع عن الدولرة حتّى ولو بعد استعادة مسار الاستقرار السياسيّ الاقتصاديّ للبلاد بسبب الفقدان الكليّ للثقة بالعملة الوطنية بعد أربعين سنة من الدولرة الجزئيّة غير الرسميّة، ولكن المرتفعة جداً لدرجة عدم الانخفاض تحت السّبعين بالمئة حتى خلال سنوات استقرار سعر صرف الدولار على الـ 1500 ليرة، حتّى انهيار نظام الصرف.


وسأل بو عاصي انطلاقاً من مقاربة الواقع المأزوم عن إمكان الخروج من مأزق السياسة النقدية لتبيان طريقة احتساب كل الموازنات والارقام في القطاع العام والخاص والتطلّع إلى السياسة المالية على أساس أرقام فعليةٍّ وليس "وهم المال" الذي اعتمد سابقاً في موازنات لا تصمد حساباتها لأيّام.


كذلك، دعا إلى فتح نقاشٍ علميّ يُشارك فيه مُتخصّصون بالسياسة النقديّة وأنظمة سعر الصّرف والدولرة لتبيان شروط ومحاذير وإيجابيات كلّ طرح ممكن لوضع حدّ للفوضى الحاصلة والنزف المتمادي باحتياطي الدولار لدى المصرف المركزيّ. أضاف: "علينا ان نصل في هذا النقاش للإجابة عن الاسئلة الآتية: هل نسمح بتعويم سعر الصّرف في اقتصاد جداً "مدولر" مع كل تكاليف افتقاد سقف سعر الصرف الذي يمكن أن ينتج عنه؟ هل لدى المصرف المركزيّ صدقيّة وثقة لدى الناس لتكرار ربط مرن لسعر الصرف كما كان الحال خلال حقبة الـ 1500، ولكن طبعا على معدل أعلى؟ هل يمكننا فتح النقاش للانتقال إلى نظام الربط الصارم لسعر الصرف من خلال الاتجاه نحو انشاء "مجلس نقد" يحد من طباعة العملة التي تتمادى في انهيار قيمتها؟ او نترك السوق تقودنا نحو الدولرة الشاملة إلى حين نضطرّ الاعتراف بها رسمياً بحيث لا تعود تُستخدم الليرة اللبنانية سوى لتسديد الفروقات الصغيرة في التداول ويعترف بالدولار الأميركيّ عملة رسمية في لبنان بعد أن استولى عفوياً برضى الجميع على المهام الثلاثة للعملة: التسعير والتداول والادخار وأصبح المطلب الأساسي لكل قطاع للاستمرار".


تابع بو عاصي: "اليوم لم تعد الليرة اللبنانية سوى مصدر غنى للمضاربين عليها ومصدر فقر لحامليها من ذوي الدخل المحدود لاسيما في القطاع العام... وبات المجتمع مقسوماً بين "لبنانيي الدولار" الذين لا يزالون صامدين بعض الشيء في الدورة الاقتصادية و"لبنانيي الليرة" الذين أصبحوا خارج النسيج الاقتصادي الاجتماعي والتعليمي والصحي... ازدواجية العملة أصبحت المصدر الأساسي لانعدام العدالة الاجتماعية وهذا واقع لا يمكنه أن يدوم ولا يحق لنا تركه يتمادى حتى الانفجار الاجتماعي وتفتت الدولة كما حصل في حالات بلدان مماثلة... عملتنا أصبحت مصنّفة ثالث أسوأ عملة عالمياَ بعد فنزويلا وزمبابوي.. القرار بات ملحاً ومصيرياً اليوم قبل الغد نظراَ لمحدودية ما تبقى من احتياطي دولار ودفاعاَ عن الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية في النقد المعتمد بين الناس وما ينتج عنه من حقوق بالعيش بكرامة والعلم والطبابة والعمل والمقاعد بحد أدنى من القدرة الشرائية لما يتقاضونه".


ختم بو عاصي: "تكتيكات منصّة صيرفة والتعاميم الموقتة لا تصنع سياسة نقدية، لذا واجبنا كمؤتمنين على ثقة وأصوات الناس أن نرفع صوتهم ونطالب بسياسة نقدية استراتيجية واضحة وشجاعة ونظام سعر صرف جديد".