جيمي الزاخم

عالم الـtrailer: مغمورٌ لبنانياً... مزدهر عالميّاً

ديما مقيّد: التشويق للتحفيز بلا تحريف

28 آذار 2023

02 : 01

هذه فترة مواسم أعياد. كل عيد ومعه لون. كل مناسبة ولها موسيقاها، فوانيسها، ورودها، وصيصانها. محلّات بيع الشوكولا زيّنت واجهاتها بما يلائم. ما يُعرض على "الفيترين" قد يغشّك سلباً أو إيجاباً قبل تذوّقك حبّة الشوكولا. (تقرأ وتظنّه خطأً تحريرياً في توزيع موادّ الصحيفة. المقال عن زينة الشوكولا، ما دخل الـtrailer؟).





المسلسل أو الفيلم أو البرنامج هو حبة الشوكولا، والـtrailer هو "الفيترين". عند مشاهدة مضمونه المكثّف، قد يشعل حشريتك ويحرق عينيك. أو لا يشعل ولا يحرق ولا يحرّك. في عصر تسويق التسويق، صناعته عالمٌ متخصص. في نيويورك ولوس أنجليس مثلاً، شركات بميزانيات ضخمة وكوادر بشرية وتقنّية كرّست هذا المجال. ملامحه بدأت منذ قرن ونيّف، مع Niles Granlund أوّل مبتكر trailer لمسرحية موسيقية عرضت على مسرح برودواي الأميركي. في الدراما، الإعلانات الترويجيّة بوّابة أولى لوصول العمل إلى الجمهور. لكنّ نقّاداً يعتبرون بعضها لعنة. تكشف وقائع يُفترض أن تُستر، أو تزوّرها كمن يبيع أسماكاً لم يصطدها. 






للتعرّف أكثر إلى عالم الـTrailer، تحدثت "نداء الوطن" مع ديما مقيّد المنغمسة فيه منذ عشرين عاماً. خريجة فنون الاتصال في "الجامعة اللبنانية الاميركية" اكتشفت شغفها بالصدفة. وجدته ينتظرها عند دخولها قسم الإبداع في الـmbc، المروّج لكل ما تقدّمه قنواتها الجديدة. سنسألها عن TRAILERS وTEASERS المسلسلات تحديداً. (الثانية هي الأخت الصغرى وقتاً ومضموناً). من كاراج حاسوبها، تسيّر ديما مقيّد قوافل إعلانات ترويجية (مثلاً: للموت - وأخيراً - صالون زهرة - ع مفرق طريق - لا حكم عليه - بطلوع الروح - شتي يا بيروت - أولاد آدم - بغمضة عين - فيتامين - هارون الرشيد - إلخ من ألف تعريف أعمال لبنانية وعربيّة، أفلام وبرامج أيضاً).











من طقطق الإستلام إلى سلام التسليم

لا تكون مقيّد حاضرة عند تصوير حلقات المسلسل. تستلم موادّ خاماً من لقطات لمشاهد صوّرت، مدّتها 6 أو 7 ساعات، وأحياناً أكثر (16 ساعة كمسلسل للموت 3). تغربل المشاهد ليدخل منها ضوء إلى المسلسل بلا حرقه، بعد الاطلاع على أحداثه وخطوطه العريضة. تغوص في جوّ المسلسل، تلتقط بخار الشخصيات، لتركّب معادلة فنّية. بعدها، تبحث في المكتبات الإلكترونية، عن الإيقاع والنغمة الموسيقية لتكون صدى للصورة والصوت. الموسيقى المُرافقة هي العمود الفقريّ المُدعّم. تُلبس جسد العمل حياةً وأنوثة وإغواءً. عمل أيام متواصلة يثمر Trailer لدقيقتين، أوteaser لثوان، وأيضاً trailer 5 دقائق لا يُنشر. يُقدمه المنتج الى إدارات الشاشات للتعريف بمجريات المسلسل.



صنّاع العمل لا يتدخّلون في عملها. قد تطلب الشركة المنتجة أحياناً: teasers لكل بطل أو بطلة للتعريف بالشخصية، والترويج أكثر للعمل. أو أكثر من teaser للبطل، يتناول كل على حدة علاقته مع شخصيات المسلسل (كمسلسل "إبتسم أيها الجنرال") أو أن ترافق الصورة جمل محدّدة مكتوبة على الشاشة، أو تعليق صوتيّ، إلخ.



وبعد تسليمها المادة، قد تبتغي الشركة إضافات: "مشاهد أكثر لذاك الممثل أو تلك الممثلة - إبراز أكثر بالصورة لمكان الأحداث"، إلخ.



للـtrailer قواعد سلامة فنّية؟



العملية ليست تركيبة "ع الكاتالوغ". لا تقوم فقط على خطوات تقنيّة. تصفها مقيّد بقيادة أوركسترا تنسجم لتنفخ روحاً. هي عملية إبداعية مشوّقة. لا برومو بلا تشويق حتى لو كانت القصة رومانسية. الإعلان يلاعب ويداعب حشريّة المتفرّج. لا يجوز عرض ما هو أشبه بملخص قصة يعرّف ويفضح. كما أنّ بعض الإعلانات الترويجية باعتمادها على التشويق تحرّف العمل: "حقيقته بميل والتسويق بميل تاني". فمخاطبة عقل الجمهور وعاطفته، عند مقيّد، تلزمها الأمانة. هذه المسؤولية توليها لعينها الناقدة: تصحّح ما أنجزته حتى لو نسفت عملها وأعادته إلى بدايته.




الـtrailer في الزمن الرقميّ



مع انطلاق انتشار مواقع التواصل، قال مدير التسويق في شركة فوكس Oren Aviv: "إنه عصر جديد للتريلر". تجربة مقيّد تدعّم هذا الرأي. فآلية العمل اختلفت نوعاً وكمّاً. الإنترنت حفّز التسويق.

نسألها: هل الذكاء الاصطناعي سيكرّس نفسه صانعاً للـtrailer؟ تُجيبنا: "الآلة تنقصها الروح... في برودة حتّى لو ركّبتهن تقنيّاً بشكل صحيح... يمكن ينجح ويعمل شي منيح... ما بعرف".



اسمٌ مغمور لا يوازي المجهود المبذول



تطلب أحياناً أن يُرفق عملها بذكر اسمها. البعض يلبّي والبعض الآخر يتجاهل. "كل إنسان وذوقه... بعض المخرجين بيذكروا إني صاحبة الشغل، والبعض لأ". مع السنين والخبرات المتراكمة، بنت اسماً يقدّره أهل المجال لبنانياً وعربيّاً. نالت جوائز عالمية في التصميم الإبداعي أثناء عملها في الـmbc. أمّا جماهيريّاً، وككلّ العاملين خلف الكاميرا، اسمها خافت على عكس الأعمال التي صنعت إعلاناتها الترويجية (يكتظّ بها موقعها الإلكتروني https://www.deemamoukayed.com، تفصّلها كمن يُورد متفاخراً إخراج قيده العائلي).




علاقتها جيّدة مع المنتجين "لكن ما بعرفن إلا عبر التلفون". تلوذ بشخصيّتها التي لا تدخل لعبة العلاقات العامة في بلد لم تفرد شركاته مساحة متخصّصة لهذه الصناعة. على عكس مصر ذات التاريخ القديم مع هذه المهنة، ودول عربيّة نشطت في السنوات الماضية: "ما عندي علم إذا في حدا جديد بلبنان صار متخصّص حصريّاً متلي بس بهالمجال". مجال دخلته ديما، وعملت فيه "من تحت تحت الصفر". الصفر أمسكته بيدها وطيّرته بالوناً، احتفالاً مع كل مشروع جديد. فكلّ "عمل مغامرة، رحلة جديدة وقصة لا تتكرّر".


MISS 3