لنمط أكلٍ صحي اختاروا تحلية دسمة أولاً؟

14 : 35

كشفت دراسة جديدة ومثيرة للاهتمام أن ترتيب أكل المنتجات الغذائية قد يؤثر على عدد السعرات الحرارية المستهلكة عموماً.

غالباً ما يواجه المستهلكون مجموعة من الخيارات الغذائية، سواء كانوا يختارون وجبة طعام من مطعم أو من قائمة مأكولات سريعة.

بشكل عام، تتبع خياراتنا ترتيباً مألوفاً: مقبلات، طبق أساسي، تحلية. في معظم الحالات، نميل إلى اختيار المنتجات التي نريدها بالترتيب الوارد في قائمة الطعام التي نحصل عليها.

لكن ما أهمية هذا الترتيب؟ إذا غيّرنا ذلك النظام، هل سنؤثر أيضاً على مجموع السعرات الحرارية المستهلكة؟ قرر باحثون من جامعة "أريزونا" في "تاكسون" اكتشاف الجواب. لذا أجروا سلسلة من التجارب، وقد نُشرت نتائجها حديثاً في "مجلة علم النفسي التجريبي التطبيقي".

إختصر الباحثون السؤال الذي أرادوا استكشافه بما يلي: "هل سنرصد خيارات غذائية أخرى وكميات مختلفة من السعرات المستهلكة إذا وُضع أي خيار دسم ولذيذ في بداية قائمة الطعام بدل نهايتها؟

إختبار ترتيب الطعام

كانت دراسات سابقة قد كشفت أصلاً عن احتمال إحداث فرق حقيقي على مستوى الكمية المستهلكة تحت تأثير مجموعة من العوامل، مثل حجم الحصص. لكن هل سيُحدِث ترتيب الأغذية فرقاً أيضاً؟أجرى العلماء أربع تجارب: واحدة في كافيتريا الجامعة، وثلاث عبر استعمال موقع إلكتروني مزيّف لتسليم الطعام. لقد أرادوا على وجه التحديد أن يعرفوا مدى تأثير اختيار تحلية صحية أو غير صحية في بداية وجبة الطعام على خيارات المشاركين الغذائية في المراحل اللاحقة.

عند الأكل في الكافيتريا، تَرِد التحليات في نهاية الأصناف المعروضة عموماً. كذلك، توضع التحليات على مواقع تسليم الطعام في نهاية الصفحة. لإجراء هذه الدراسة، وضع الباحثون التحليات الصحية وغير الصحية في بداية طاولة الطعام وكانت الخيار الأول على الموقع الإلكتروني الغذائي.على مر الدراسات الأربع، اتّضح أن الأفراد الذين اختاروا تحلية دسمة أكثر من غيرهم عادوا ليتناولوا أطباقاً رئيسة وجانبية فيها عدد أقل من السعرات الحرارية. والأهم من ذلك هو أنهم استهلكوا في المُحصّلة سعرات أقل منهم. في المتوسط، استهلك الأشخاص الذين اختاروا تحلية دسمة سعرات أقل من أولئك الذين اختاروا تحلية صحية أولاً بنسبة 30%.يقول المشرف الرئيس على الدراسة، مارتن رايمان، أستاذ مساعد في التسويق في جامعة "أريزونا": "نظن أن الأشخاص الذين اختاروا تحلية دسمة أولاً عادوا وانتقوا أطباقاً رئيسة وجانبية صحية للتعويض عن وفرة السعرات الموجودة في تلك التحلية. ربما ظن الأفراد الذين اختاروا تحلية صحية أنهم أفادوا بذلك أجسامهم، لذا كانوا يستحقون طبقاً كثير السعرات في نهاية وجبة الكافيتريا".

الخيارات الغذائية والحِمْل المعرفي

في آخر أربع تجارب، حلل الباحثون مدى تأثير الحمل المعرفي على النتائج. طلب العلماء بهذه الطريقة من المشاركين أن يتذكروا رقماً مؤلفاً من عددين أو 7 أعـــــداد تزامناً مــع القيام بخياراتهم الغذائية.كان لافتــاً أن يختفي الأثـر حين التهى المشاركون بهذه الطريقة. في حالات مماثلة، وبغض النظر عن نوع التحلية المنتقاة في البداية، تابع الأفراد اختيار أنواع غير صحية بالدرجة نفسها لاحقاً.

يقول الباحثون إنها أول دراسة تحلل أثر تفاعل نوع من الطعام وترتيب عرضه على خيارات الأفراد الغذائية اللاحقة ومستوى استهلاكهم للسعرات الإجمالية.يأمل العلماء أن يستعمل باحثون آخرون هذه النتائج لحث الأفراد على تخفيف كمية الطعام الإجمالية المستهلكة".

لكن يذكر الباحثون أيضاً أن تجاربهم تبقى محدودة على بعض المستويات. فقد طلبوا من المشاركين أولاً أن يختاروا بين تحليتين متعارضتين، ما يعني أن كل واحدة منهما تقع على طرفَي مقياس الاستمرارية الصحية للأغذية.

في التجربة الأولى مثلاً، عرضوا على الأفراد مجموعة من الفاكهة الطازجة أو شريحة من التشيز كيك بالليمون. على أرض الواقع، ثمة مجموعة كاملة من الأنواع ما بين هذين الخيارين على المقياس الصحي. يريد فريق البحث مستقبلاً أن يضيف عنصراً ثالثاً يتراوح ما بين الخيارات الصحية وغير الصحية.

تكلم الباحثون أيضاً عن ضوابط أخرى، فقد جرت ثلاثة من تجاربهم عبر شبكة الإنترنت، وبالتالي قد لا تنطبق نتائجها على العالم الحقيقي. لكن بما أن التجربة الأولى حصلت في موقع حقيقي، كتبوا أن هذه التجارب الأربع مجتمعةً تدعم فرضياتهم.

صحيح أن البحث يحتاج إلى دعم إضافي من دراسات أخرى، لكن تبدو استنتاجاته مثيرة للاهتمام. ونظراً إلى زيادة المخاوف من البدانة، قد تكون مساعدة الناس على تخفيف الأكل عبر خطوة بسيطة مثل تغيير ترتيب الطعام فكرة تستحق التجربة.


MISS 3