محمد دهشة

"الأونروا" أنشأت "غرفة طوارئ": إجراءات وقائية وتنسيق مع وزارتَي الصحة والتربية

خطة الحكومة اللبنانية لم تشمل الفلسطينيين... المخيّمات تعيش هاجس تفشّي "كورونا"

5 آذار 2020

03 : 35

هاجس الهلع يُخيّم على أبناء المخيّم

يعيش اللاجئون الفلسطينيون داخل مخيماتهم في لبنان، هواجس الخوف والهلع من تفشي "فيروس كورونا"، شأنهم في ذلك شأن مختلف اللبنانيين الذين قرروا التعايش "القسري" حيناً و"الطوعي" أحياناً مع اشكاله الوقائية، مع فارق كبير أن اجراءات الدولة اللبنانية وهيئاتها الصحية والوقائية لم تشمل الفلسطينيين، توقفت عند أبوابها وبقي الامر "متروكاً" بل محصوراً بوكالة "الاونروا" بعجزها المالي و"مؤسسات المجتمع المدني" بإمكانياته المتواضعة.

وأكدت مصادر فلسطينية لـ "نداء الوطن"، أن "هاجس تفشي "كورونا"، أضيف الى هموم أبناء المخيمات ومعاناتهم اليومية التي لا تعد ولا تحصى، وغالبيتهم عاجزة ولا قدرة لها على شراء مواد "التعقيم" في الحد الادنى، مع ارتفاع أسعارها في خضم الاقبال الكثيف عليها، في ظل أزمة اقتصادية خانقة يرزح تحتها لبنان وتنعكس سلباً مضاعفاً عليهم"، موضحة أنه "ليس هناك خطة طوارئ محددة بل اجراءات وقائية متعددة، تقوم بها وكالة "الاونروا" التي هي على تنسيق دائم ومتواصل مع وزارتي الصحة والتربية اللبنانية ومنظمة الصحة العالمية، بعدما انشأت "غرفة طوارئ" بين كل أقسام الوكالة لمواكبة الأزمة الطارئة، وزادت مواد التنظيف وعقدت حلقات للارشاد والتوعية، وفي حال تسجيل أي إصابة سيتم نقلها الى "مستشفى رفيق الحريري الجامعي" في بيروت كالمصابين اللبنانيين".

كارثة صحية

وأوضح رئيس دائرة الصحة في وكالة "الأونروا" الدكتور عبد الحكيم شناعة لـ "نداء الوطن"، "اننا نعمل على محورين، الأول: التنسيق الكامل مع السلطات اللبنانية، خصوصاً وزارتي الصحة والتعليم العالي، لأننا نعيش على الأراضي اللبنانية ونلتزم خطة الطوارئ والاجراءات التي تُتخذ عليها وما يتعلق منها بالوقاية الطبية والمدارس، ونشارك في الاجتماعات كافة التي تعقد لهذه الغاية، وفي الوقت نفسه نحن على تشاور وتنسيق دائمين مع "منظمة الصحة العالمية" للاطلاع على أي تدبير جديد، والثاني: نشر الوعي ورفع منسوب النظافة والتعقيم وقد باشرنا بحملات التوعية وشراء كميات إضافية من "الصابون" ومطهر اليدين "الجيل" وتوزيعها على العيادات والمدارس لاستخدامها عند عودة الطلاب، وسنقوم بتعقيم الاسطح الموجودة داخل العيادات والمدارس والطاولات والكراسي وغيرها"، مضيفاً: "نشعر بالخطر الداهم، والمسألة ليست هزلية كما يظن الكثير، فاذا تفشى "الفيروس" في المخيمات ستقع "كارثة صحية"، نتيجة الاكتظاظ السكاني فيها، وعندها لا ينفع الندم ونحن حريصون على اتخاذ كل الاجراءات الوقائية تماماً مثل الدولة اللبنانية وباقي الدول ولا يمكن فعل أكثر من ذلك".

وتناول شناعة كيفية التصرف في حال ظهور عوارض للفيروس على أي فلسطيني، "وأهمها الاتصال مباشرة على "الخط الساخن" الذي وضعته وزارة الصحة اللبنانية، وعدم الذهاب إلى العيادة مباشرة، كي لا يكون سبباً بنقل العدوى لا سمح الله، أو الاتصال بالاطباء الذين يعملون كمراقبين في "الأونروا" في كل المستشفيات التي نتعاقد معها أو الاتصال بالمدير الطبي في كل منطقة للتنسيق".

في عين الحلوة، الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بدورة الحياة اليومية في مدينة صيدا حتى في "ربطة الخبز"، اذ لا يوجد في المخيم أي فرن، لم يسلم أبناؤه من الهلع من "كورونا"، وفي الوقت نفسه لم تظهر في شوارعه واحيائه الضيقة والمتلاصقة وسوقه التجاري اجراءات الوقاية علنا، والسبب الضائقة المالية، فالقوى الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني لا تملك الكثير لتقدمه، ألقت بثقل الحمل على وكالة "الأونروا" على اعتبارها المسؤولة عن رعاية اللاجئين وتشغيلهم وفق الصلاحيات الممنوحة لها من "الأمم المتحدة" في قرار تأسيسها، لكن الأخيرة تئن أصلاً من عجز مالي متراكم، وينطبق عليها المثل "العين بصيرة واليد قصيرة".

لا يخلو التجوال في المخيم من تساؤلات تتعالى على ألسنة الناس، كأنها هائمة على وجوهها، من يحميها؟ ماذا تفعل وكيف تتعامل مع هذه الأزمة الطارئة؟ ما هي القدرة على المواجهة في حال ساء الأمر؟ علماً أنه حتى اليوم لم تسجل أي إصابة فلسطينية داخل أو خارج المخيمات في مؤشر ايجابي، ورغم ذلك حرص البعض على شراء مواد "التنظيف" و"التعقيم" بمبادرة فردية، والبعض الآخر على ارتداء "الكمامات" و"الكفوف"، خصوصاً المرضى من ذوي الأمراض المزمنة، في ظل توافق على تجنب "المصافحة" و"الابتعاد عن التقبيل"، من دون أن يكون بمقدورهم الابتعاد عن "التجمعات"، نظراً إلى ضيق مساحة المخيم واكتظاظه بقاطنيه، حيث يبلغ تعدادهم أكثر من 80 ألف نسمة، ينتشرون في كيلو متر مربع واحد فقط.

ويقول المربي محمد السعدي البالغ من العمر 76 عاما لـ"نداء الوطن"، "اشتريت مواد التعقيم والكمامات والكفوف رغم الضائقة المالية، لأنني أعاني من امراض مزمنة، و"مناعتي" ضعيفة ولا قدرة لي على مواجهة أي "فيروس"، مشيراً إلى أن "الناس متروكون لمصيرهم ويعيشون على هامش الحياة الكريمة وتلاحقهم الأزمات وتفتك بهم يأساً واحباطاً، هذا واقع مرير يحاول الكثير اخفاء حقيقته".

إجتماعات وإجراءات

في المقابل، تحركت اللجان الشعبية الفلسطينية لزرع الطمأنينة في نفوس الناس، وعقدت اجتماعاً طارئاً، حيث اكد أمين سرها في منطقة صيدا ابو بسام المقدح، "اننا وجّهنا رسالة الى قسم الصحة في "الاونروا" بوجوب أخذ كل الاجراءات الاحترازية والاحتياطية وتحصين مخيماتنا صحياً وبيئياً، وتثقيف أهلنا في المخيمات عن هذا الفيروس وطرق انتقاله والوقاية منه".

وتوازياً، عقد ممثلا وكالة الأونروا مدير منطقة صيدا الدكتور ابراهيم الخطيب ومدير قسم الصحة الدكتور وائل ميعاري اجتماعاً موسعاً في مكتب جمعية "نبع" في صيدا، مع ممثلي المؤسسات العاملة في المجال الطبي وممثلين عن اللجان الشعبية الفلسطينية وذلك لمناقشة سبل الوقاية من فيروس "كورونا" وكيفية الحد من انتشاره في المخيمات وكيفية التعامل معه.

وفيما شرح الدكتور ميعاري عن الفيروس وكيفية انتشاره ونسبة خطره والاجراءات المتخذة في كل مراكز "الأونروا" وكيفية التعامل مع أي حالات إذا تواجدت، أبدى المجتمعون التعاون التام ووضع كل الامكانيات لخدمة المجتمع الفلسطيني ومساعدة الأونروا في مهامها. وتسلّم ممثلا الاونروا الخطيب وميعاري من هيئة الاغاثة الفلسطينية في فرنسا عشرة موازين الكترونية لقياس الحرارة.