تتّجه الأنظار اليوم نحو ساحة النجمة، حيث من المقرّر أن تلتئم جلسة للجان النيابية المشتركة، وعلى جدول أعمالها ثمانية بنود أهمّها إقتراح القانون الرامي إلى فتح إعتماد إضافي في موازنة العام 2022 بقيمة 1500 مليار ليرة من أجل تأمين تغطية نفقات الإنتخابات البلدية والإختيارية التي يُفترض أن تجري الشهر المقبل وفقاً لمرسوم دعوة الهيئات الناخبة الذي أصدره وزير الداخلية بسام مولوي وحدّد بموجبه تاريخ إجراء هذا الإستحقاق.
وبطبيعة الحال سيشكّل هذا الإقتراح محوراً للنقاش ويفتح باباً لكي يقدّم كلّ طرف أو فريق نظرته لهذه الإنتخابات بعدما جرى الحديث عن توافقات ضمنية وغير معلنة بين أطراف أساسية على تمرير التمديد وعدم إجراء الإنتخابات.
وللتذكير، فإنّ مناقشة هذا الإقتراح وفي جلسة مشابهة للجان منذ أسبوعين، كادت تفتح حرباً بين الأطراف السياسية وتُعيد الإصطفافات التي عايشها لبنان أيام الحرب الأهلية. وكشفت وقائع تلك الجلسة عن الإحتقان و»القلوب المليانة» التي تعيشها البلاد، فكيف وإن كان البلد على «كفّ عفريت»، فهل تغيّرت تلك الأجواء بعد المتغيّرات التي شهدتها المنطقة؟ وهل هناك نيّة جدّية وعمليّة لإجراء هذا الإستحقاق بعيداً من تقاذف كرة المسؤولية؟ وإلى متى سيبقى الخلاف قائماً على جنس الملائكة؟ وهل تمّ تذليل العقبات التي تحول دون إجراء الإنتخابات؟ ومن لديه الجرأة للحديث عن التأجيل والتمديد بعدما تبارز كلّ من الكتل والنواب في منع انعقاد الهيئة العامة للمجلس التي يجب أن تبتّ قراراً كهذا؟ وماذا عن فرضية أو سيناريو تكليف وزير الداخلية للمجالس البلدية الحالية بتصريف الأعمال ريثما تتمّ الإنتخابات؟
لنسلّم جدلاً بأنّ الوساطة التي قادها ونفّذها نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب بعد جلسة اللجان الأخيرة، والتي أدّت إلى إنهاء ذيول الإشكال الذي حصل في الجلسة، ستستمرّ مفاعيلها في جلسة اليوم، ولكن ما هي المخارج التي يُمكن أن تقترحها اللجان طالما أنّ القرار النهائي يعود للهيئة العامة لمجلس النواب أو للحكومة؟
ما هو متوفّر من معلومات ومعطيات يُشير إلى أنّ كلّ فريق أو طرف سيؤكّد المؤكّد لجهة التمسّك بإجراء الإنتخابات، ولكن في نهاية المطاف، هناك أسئلة طُرحت في الجلسة الماضية على وزير الداخلية، يُفترض أن يُقدّم عنها إجابات، لا سيّما أنّه ناقش هذا الملفّ أمس مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
ما بات معلوماً ومحسوماً أنّ آراء النواب والكتل اليوم بالنسبة للتمويل ستكون باتّجاهين: الأول سيتمسّك بخيار إقتراح التمويل بفتح إعتماد في الموازنة، وهي مسألة تحتاج إلى تشريع من قبل مجلس النواب، والثاني سيطلب من الحكومة تأمين التمويل من حقوق السحب الخاصة الـSDR، وهذا الأمرالذي تسبّب في الخلاف في الجلسة السابقة. وبمعزل عن تسجيل المواقف التي سيتبارى بها مختلف القوى والأطراف، فإنّ هناك بعض العوائق التي ربّما تُضاف إلى مسألة التمويل، مثل الجهاز البشري من قوى أمنية وقضاة وأساتذة في ظلّ الإضرابات التي تشمل أغلب قطاعات ومؤسسات الدولة.
وماذا عن العوائق اللوجستية التي تتطلّب تأمين أكثر من مئة ألف طلب ترشيح، وبالتالي تأمين المستندات لذلك من إخراج قيد وسجلّ عدلي وغيره خلال فترة زمنية قصيرة وفي ظلّ الإضرابات بالمؤسّسات؟
ما هي الضمانات بأن يحضر نحو 28 ألف موظف كرئيس قلم ومساعده من أجل تأمين 14 ألف قلم إقتراع، في ظلّ عدم حضورهم أصلاً إلى وظائفهم بسبب الأزمة الإقتصادية والمالية؟ وماذا لو حضر بعضهم وتغيّب البعض الآخر؟ ورغم كلّ ما يُقال ويُعلن، هناك من يتحدّث عن شبه إجماع غير مُعلن بين القوى السياسية في عدم الرغبة والإستعداد لإجراء هذا الإستحقاق في هذه الظروف، ما يجعل مصير هذه الإنتخابات مجهولاً حتى الساعة.
أيضاً هناك عدم حماسة الناس لهذه الإنتخابات في ظلّ عدم وجود إمكانيات لدى البلديات للقيام بالحدّ الأدنى المطلوب منها، وليس هناك من تخوّف أو خطر أن يكون أحد السيناريوات والمخارج، الوصول إلى تاريخ 31 أيار المقبل من دون تأمين الإعتمادات اللازمة أو إقرار قانون يُمدّد ولاية المجالس الحالية.
مع العلم أنّ المعلومات التي تحدّثت عن تحرّك قام به عضو تكتل «لبنان القوي» النائب ألان عون وما تبعه من بيان توضيحي له، يؤكّد أنّ الإتصالات جارية على أكثر من صعيد لإيجاد المخرج المناسب لهذا الإستحقاق، والمرجّح أن يكون التمديد لسنة إضافية، ريثما تكون إتّضحت الرؤية الرئاسية وما بعدها تجري الإنتخابات في عهد الرئيس العتيد.
بانتظار جلسة اليوم وما ستنتجه عطفاً على أجوبة وجهوزية وزير الداخلية بالنسبة لاستحقاق البلديات والمختارين، يبقى أن نُذكّر بأن جدول الأعمال يتضمّن أيضاً مواضيع أخرى مهمّة مثل تعديل بعض مواد قانون الشراء العام المرتبطة بالبلديات وغيرها، وكذلك اقتراح قانون نظام «الدخل الأساسي الشامل» ( قانون كرامة المواطن) المقدّم من النائب فيصل كرامي.