عماد موسى

لماذا التعتيم على مار متر؟

6 آذار 2020

09 : 21

ثمة حيوية لافتة في النقاشات المتجددة حول العلم والقداسة، التي تأخذ عندنا في بلد اللبن والعسل والبخور والصوم والصلاة أشكالاً عدة، لكن أخطر ما فيها إنبراء مدافعين عن الدين وغيارى عليه لتأديب الخارجين عن الصراط المستقيم سواء عند المحمديين أو عند المسيحيين. ومن ينسى تلك الصفعة الحاقدة التي هوت على المطران "الجدلي" غريغوار حداد من متشدد حاقد في العام 2002. إنها تختصر ذروة النقاش التفاعلي!

ويشعر اللبناني السابح في بيئات القديسين والأئمة والأولياء الصالحين بشيء من تأنيب الضمير، إن فكر للحظة الترويج للمدعو ستيفن هوكينغ القائل: "إن قوة الجاذبية يمكن أن تؤدي إلى إيجاد أشياء من العدم، وأن هذه هي الطريقة التي أدت إلى وجود الكون". سامحك الله هوكينغ. لقد ضربت بعرض الحوائط وبطولها نظريات الخلق... فـ"تضرب" أنت ونظرياتك الفيزيائية الكونية.

لم يؤمن هوكينغ في حياته بالخوارق والأعاجيب، آمن بالعلم ومات عندما استُنفِدت "موارد دماغه بالتمام"، أما في لبنان فينحو كثير من المؤمنين صوب التسليم بقدرة القديسين على شفاء أكثر الأمراض استعصاء على الطب، وإن افتتح أحدهم نقاشاً حول الأعمال الخارقة بتعليق متهكم أو فاقع نزلت اللعنات عليه كالمطر، هذا إن لم يتحرك القضاء تلقائياً دفاعاً عن قديسي لبنان والمقامات الدينية والسلم الأهلي.

آخر النقاشات اندلعت بين إعلاميين وإعلاميات وناشطين ومنشّطين وناشطات وفنانين، وذلك بعد اتصال مواطنة ببرنامج صباحي طارحة قضيتها على مذيع موالٍ وملتزم دينياً وكلمته مسموعة في دوائر القرار ومربعاته، فحوى الإتصال تقديم شكوى على طبيب في مستشفى رفيق الحريري الجامعي رفض استلام عبوة مياه خلطتها بتراب عن ضريح القديس شربل، ثم "صفّتها" بعد الغلي لتكون العلاج الشافي لمصابي الكورونا. هذا ما طلبه القديس شربل عندما أطل على السيدة الورعة في المنام. ناشدت المتصلة الـ "أو تي في" السعي لدى المعنيين لإيصال المياه المقدسة إلى المرضى المشمولين جميعهم بمحبة القديس شربل. وقد تعهّدت الـ "أو تي في" شفيعة القضايا الشائكة، بإيلاء القضية كل المتابعة وهي التي تتصدى اليوم للقضايا الكبرى وآخرها استعادة دهبيات فخر الدين من دوقية توسكانا.

كنتُ أخذتُ على نفسي ألاّ أتطرق إلى مسائل التباعد بين الدين وغيبياته وبين العلم وقوانينه، وألا أتناول القديسين بكلمة على الرغم من تأثري بسيرة القديس شربل وزهده ونقائه، لكنني أشعر اليوم كأرثوذكسي بيروتي أن القديس ديميتريوس التسالونيكي مغبون في لبنان وهناك تعتيم عليه، فلا تعطيل رسمياً في عيده، ولا شفاءات تُنسب إليه، ولا صور له على منصات التواصل الإجتماعي والبروفايلات، ولا سجالات بشأنه، ولا يظهر في منامات المؤمنين. وأبداً ودائماً مار متر Low-Profile.


MISS 3