الشريك المتفائل يحميك من التراجع المعرفي!

15 : 00

من المعروف أن الشريك السعيد يضمن حياة سعيدة. لكن ماذا لو كان يسهم أيضاً في تحسين الصحة الجسدية والعقلية مع التقدم في السن؟ تكشف دراسة جديدة أنه قادر على تحقيق هذا الهدف فعلاً!

هل يُركّز شريكك على الأحداث الإيجابية أم السلبية؟ وهل يتوقع تحسّن الأوضاع دوماً أم تدهورها؟اكتشف باحثون من جامعة ولاية ميشيغان في "إيست لانسينغ" أن تبنّي نظرة تفاؤلية يساعد الشريك في الحفاظ على صحة جسدية وعقلية جيدة على المدى الطويل.يتمتع التفاؤل بقوة فائقة لدرجة أن يسهم في حماية أي ثنائي من مشاكل صحية متنوعة، على غرار التراجع المعرفي والخرف والزهايمر، مع التقدم في السن.صرّح الدكتور ويليام شوبيك الذي شارك في الإشراف على الدراسة الجديدة الواردة في "مجلة الشخصية" لمجلة "ميديكل نيوز توداي": "تكثر المجتمعات التي بدأت تشيخ بوتيرة متسارعة جداً. يطرح هذا الوضع تحديات استثنائية قد لا نكون مستعدين لها. كذلك، يعيش الناس اليوم لفترة أطول من أي وقت مضى، ما يعني زيادة احتمال الإصابة بالاختلال المعرفي والخرف في حالات كثيرة. نتيجةً لذلك، أردنا أن نُحدد العوامل التي تنذر بالتراجع المعرفي، واكتشفنا أن جزءاً كبيراً من الخلل يتعلق بالشخص المعني، لكن يتأثر جزء آخر أيضاً بالشريك العاطفي".

رابط مثير للاهتمام


راقب العلماء 4457 ثنائياً من "دراسة الصحة والتقاعد" لفترة وصلت إلى 8 سنوات. فرصدوا رابطاً محتملاً بين الزواج بشخص تفاؤلي والوقاية من التراجع المعرفي.لكن كيف يؤثر تفاؤل الشريك (أي توقع حصول أحداث إيجابية مستقبلاً) على الصحة العقلية على المدى الطويل؟

يوضح شوبيك: "يقوم المتفائلون بجميع أنواع النشاطات الصحية. فهم يمارسون التمارين الجسدية ويختارون حميات صحية ويتجنبون العوامل المسيئة [على غرار المخدرات والكحول]. لا يتعلق هذا الأثر باقتناع المتفائلين بتحقيق نتائج إيجابية بسبب الجهود التي يبذلونها فحسب، بل بقدرتهم على التحكم بهذه العوامل أيضاً. يكون الشخص المتفائل من النوع الذي يقتنع بأن الذهاب إلى النادي الرياضي يستحق العناء، لذا يواظب على هذا النشاط في معظم الأوقات".

يكون المتفائل قدوة لغيره، فيحذو شريكه حذوه عموماً. في الحالات العادية، يمضي الناس وقتاً طويلاً مع شركائهم.

بعد مراقبة العوامل التي تنذر بنشوء مرض الزهايمر أو أشكال أخرى من الخرف، اكتشف الباحثون أن جزءاً كبيراً منها يتمحور حول الخيارات المرتبطة بأسلوب الحياة.

يضيف شوبيك: "يُعتبر ضعف الصحة في مراحل مبكرة من الحياة، إلى جانب بعض العوامل الوراثية، من أبرز عوامل الخطر التي يمكــن تجنبها منعاً للتراجع المعرفي. نعـرف مثلاً أن تحسـين الصحة الجســـدية، من خلال تكثيــــف النشــــاطات والحركـة وتبنّي حميــة صحية وتجنـب الأمراض الحادة، يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالتراجع المعرفي. لكننا أردنا أن نعرف العوامل التي تضمن حياة صحية. فتبيّن أن التفاؤل بشأن المستقبل مفيد جداً".

كيف نصبح أكثر تفاؤلاً؟

يقول شوبيك: "يبدو أن التفاؤل سمة وراثية، لكن تذكر الدراسات أن الناس قادرون على تغيير شخصيتهم عبر المشاركة في نشاطات تجعلهم يتغيرون، شرط أن يتمتعوا بالإرادة اللازمة لتحقيق هذا الهدف. يستطيع الناس أن يتغيروا من ناحية التفاؤل بدرجة معينة، إذ يمكنهم أن يعيشوا تغيرات كبرى على مر حياتهم، لا سيما بعد مواجهة أحداث مهمة ومؤثرة. يذكر بحث أولي أن التفاؤل قابل للتوسّع عبر مقاربات محددة. لكن لا يزال هذا البحث في بدايته".

سيُركّز الباحثون في المرحلة المقبلة على اكتشاف أفضل طريقة لتطوير مقاربات تفيد الناس. هم يريدون الإجابة على السؤال التالي: ما الذي يميّز التفاؤل؟ يوضح شوبيك: "نظن أن هذا الأثر يرتبط بالانطباع الذي يوحي لنا بأننا نسيطر على حياتنا ونتجه إلى تحقيق نتائج إيجابية. لكن بدل زيادة منسوب التفاؤل، يمكننا أن نحاول تحسين نظرة الناس إلى قدرتهم على التحكم بحياتهم. وكيف نشجّع الشريك أصلاً على تبني أسلوب حياة صحي؟ تتعدد الطرق التي تضمن النجاح على الأرجح، لكن تؤدي طرق أخرى إلى نتائج عكسية وقد تسيء إلى العلاقة الزوجية! يقضي الحل باكتشاف الخطوات التي تجعل الأزواج يشجعون بعضهم البعض على عيش حياة صحية".

يستنتج العلماء في تقريرهم أن الأبحاث اللاحقة ستُحوّل التفاؤل إلى مقاربة مفيدة للراشدين الذين يرغبون في الحفاظ على قدرات معرفية سليمة مع التقدم في السن.


MISS 3