معايير جديدة لفهم ضغط الدم الطبيعي

02 : 00

قد يكون ضغط دمك طبيعياً اليوم، لكنه مُعرّض للارتفاع مع التقدم في السن. إنه جزء من أبرز عوامل الخطر المُسببة لأمراض القلب والجلطات الدماغية. يكشف بحث جديد أن معظم الناس لا يعرفون النطاق الطبيعي أو الصحي لضغط الدم، لكنهم مقتنعون بأنهم يعرفونه. إنه وضع مقلق جداً.

شمل الاستطلاع أكثر من 6500 أميركي وكان يهدف إلى تقييم معرفتهم لضغط الدم. اختير المشاركون عن طريق "دراسة فهم أميركا"، ويمكن اعتبارهم عيّنة تمثيلية عن سكان الولايات المتحدة.

نُشِرت نتائج الدراسة الجديدة في كانون الثاني 2023، وقد استنتجت أن 64% من المشاركين أكدوا أنهم يفهمون أرقام ضغط الدم، مع أن 39% منهم فقط كانوا يعرفون معنى الضغط الطبيعي أو الصحي.



ثقة مفرطة... عواقب مميتة!

هذه الثقة الشائبة قد تصبح ضارة لأنها تمنع الناس من تلقي الرعاية الطبية اللازمة لمعالجة ارتفاع ضغط الدم. إذا كنت مقتنعاً بأن ضغط دمك طبيعي، فما الداعي لاستشارة الطبيب حول هذا الموضوع؟

يبدأ جزء من أسباب هذه الثقة المفرطة في عيادة الطبيب. بشكل عام، تجلب ممرضة شريط قياس الضغط وتَلُفّه حول الساعد وتقيس الضغط. قد تعلن النتيجة لاحقاً، ثم تنزع الشريط وتسجّل الرقم كي يطّلع عليه الطبيب.

لكن عندما يصل الطبيب، قد يبدأ الحديث عن مشكلة صحية أخرى تلقائياً ولا يراجع ضغط الدم. يحصل ذلك لأن طبيبك يريد التركيز على وضعك في تلك اللحظة والسبب الأصلي لزيارتك. لكنك قد تغادر العيادة وأنت مقتنع بأن ضغط دمك طبيعي حتى لو كان العكس صحيحاً.

انطلاقاً من الاستطلاع الأخير، قد يصاب 70% من الأميركيين بارتفاع ضغط الدم خلال مرحلة من حياتهم. كذلك، يسيطر مريض واحد من كل أربعة على ضغط دمه. وبما أن ارتفاع الضغط لا يترافق مع أعراض واضحة بشكل عام، قد يصاب به الفرد من دون علمه. لتخفيض خطر التعرّض لنوبات قلبية وجلطات دماغية، من الضروري أن تفهم معدل ضغط الدم، لا سيما إذا كنت مصاباً أصلاً بمرض في القلب أو الكلى أو السكري.

معنى الأرقام

يتألف معدل ضغط الدم من رقمَين. يشير الرقم الأول إلى ضغط الدم الانقباضي ويقيس مستوى الضغط في الشرايين حين يخفق القلب. أما الرقم الثاني، فهو يشير إلى ضغط الدم الانبساطي ويقيس مستوى الضغط في الشرايين بين ضربات القلب.

يكون الضغط الطبيعي أو الصحي أقل من 120/80 ملم زئبق للراشدين. تشتق وحدة القياس هذه من مراقبة سابقة لمستويات ضغط الدم حيث اتّضح إلى أي حد قد يدفع هذا الضغط عموداً من الزئبق السائل. في معظم الحالات، يتحسن الوضع كلما تراجع هذا المعدل.

تبدأ المرحلة الأولى من ارتفاع ضغط الدم حين يصل معدّله إلى 130/80. وتبدأ المرحلة الثانية من المرض، وهي الحالة الأكثر خطورة، حين يصل معدّله إلى 140/90. يُعتبر الرقمان مهمَين لأن كل زيادة بمعدل 20 ملم زئبق في ضغط الدم الانقباضي، أو 10 ملم زئبق في الضغط الانبساطي، تضاعف خطر الوفاة بسبب النوبات القلبية أو الجلطات الدماغية.

نصائح للحفاظ على ضغط دم صحي

لتجنب هذه الثقة المفرطة بوضعك الصحي، اطلب من طبيبك أن يقيس ضغط دمك في كل موعد طبي واستفسر عن معنى الأرقام. إذا كان ضغطك أعلى من المعدل الطبيعي، توصيك "جمعية القلب الأميركية" بالخطوات التالية:

تكلّم مع طبيبك: إذا كان ضغط دمك مرتفعاً، اطلب من طبيبك أن يوصيك ببعض المقاربات لتخفيضه واستفسر منه عن أفضل الطرق لتعقب ضغط الدم في المنزل.

التزم بحمية غذائية مفيدة للقلب: تتعدد الأغذية التي تنعكس إيجاباً على القلب، أبرزها الخضار، والفاكهة، والحبوب الكاملة، ومشتقات الحليب قليلة الدسم، والدواجن منزوعة الجلد، والأسماك، والمكسرات والبقوليات، وزيت الزيتون. في المقابل، قد يتضرر القلب من اللحوم الحمراء، والدهون المشبعة والمتحولة، والمنتجات عالية التصنيع.

خفف استهلاك الملح: الملح يرفع ضغط الدم، لذا توصي "التوجيهات الغذائية للأميركيين" بالاكتفاء بـ2300 ملغ من الصوديوم يومياً كحد أقصى، أي أقل من ملعقة صغيرة. لكن تذكر "إدارة الغذاء والدواء" الأميركية أن مستهلكي الوجبات الغربية المعاصرة يتناولون حوالى 3400 ملغ يومياً، أي أكثر من الكمية الموصى بها بخمسين في المئة تقريباً. حتى لو لم تكن تضيف الملح إلى وجبات الطعام، قد تستهلك كمية كبيرة منه بسبب المنتجات عالية التصنيع. تشمل حصة واحدة من حساء الدجاج المُعلّب 680 ملغ من الصوديوم، وتحتوي وجبة "ماكدونالدز" الكبيرة على 1010 ملغ من الصوديوم.

خفّف شرب الكحول: ترفع الكحول ضغط الدم، سواء كانت من نوع البيرة، أو النبيذ، أو المشروبات الروحية. من الأفضل أن توقف الكحول بالكامل. لكن إذا كنت ترغب في شرب القليل، اكتفِ بالكمية الموصى بها: مشروب واحد يومياً للنساء، ومشروبان كحد أقصى للرجال. يحتوي المشروب الواحد على 350 ملل من البيرة، أو 100 ملل من النبيذ، أو 50 ملل من المشروبات الروحية.

كثّف حركتك الجسدية: يمكنك أن تُخفّض ضغط دمك من خلال تخصيص ساعتين ونصف أسبوعياً للنشاطات الجسدية، أي ما يساوي 30 دقيقة من المشي طوال خمسة أيام في الأسبوع. كذلك، يمكنك أن تكثّف تمارينك الجسدية عبر نشاطات مثل السباحة، أو رفع الأثقال، أو ممارسة اليوغا، أو الرقص.

حافظ على وزن صحي: حتى خسارة بضعة كيلوغرامات تسمح بالسيطرة على ضغط الدم لدى أصحاب الوزن الزائد. استفسر من طبيبك عن أفضل مقاربة صحية لإنقاص الوزن.

سيطر على ضغطك النفسي: ينعكس الضغط النفسي سلباً على ضغط الدم. يمكنك أن تُخفّض ضغط دمك وتشعر بالتحسن عموماً عبر تخفيف الضغوط في حياتك. يوصي الخبراء في مركز "مايو كلينك" ببعض المقاربات للتحكم باللحظات العصيبة، أبرزها الاعتياد على رفض طلبات الآخرين أحياناً، وتمضية الوقت مع العائلة والأصدقاء، وممارسة التأمل.

أقلع عن التدخين بجميع أشكاله (سجائر عادية أو إلكترونية): تسيء جميع أنواع التدخين إلى صحة القلب والأوعية الدموية وتُسهّل ارتفاع ضغط الدم. في المقابل، يسمح الإقلاع عن التدخين بتخفيض مخاطر الإصابة بأمراض القلب إلى مستوى مقارب من غير المدخنين. كذلك، تظهر منافع الإقلاع عن التدخين سريعاً. تكشف دراسة جديدة أن من أقلعوا عن التدخين سجلوا تراجعاً في ضغط الدم بعد مرور 12 أسبوعاً فقط، مقارنةً بمستوى ضغطهم أثناء التدخين.

خذ الأدوية المناسبة: يصف الأطباء الأدوية للمصابين بالمرحلة الثانية من ارتفاع ضغط الدم، أو حتى المرحلة الأولى أحياناً، بما في ذلك المصابون بأمراض القلب والكلى أو السكري. يحتاج معظم المرضى إلى نوعَين أو ثلاثة من الأدوية لتخفيض الضغط واسترجاع معدل طبيعي أو صحي.

يكشف تحليل تجميعي جديد أن تخفيض ضغط الدم الانقباضي بمعدل 5 ملم زئبق عن طريق الأدوية يقلّص مخاطر الأمراض القلبية والوعائية بنسبة 10% تقريباً، وبغض النظر عن ضغط الدم الأساسي أو تشخيص أمراض القلب سابقاً.

راقب ضغط دمك في المنزل: توصي "جمعية القلب الأميركية" باستعمال جهاز مراقبة أوتوماتيكي ومزوّد بشريط ضاغط يلتفّ حول الساعد. يستطيع الطبيب تعديل العلاج عند الحاجة إذ سجّل المريض نتائجه مع مرور الوقت.

باختصار، يُعتبر ارتفاع ضغط الدم قاتلاً صامتاً. يمكنك أن تنقذ حياتك إذاً عبر تطبيق خطة استباقية وفهم الأرقام بشكلٍ صحيح.