يتمحور مسلسل التشويق Rough Diamonds (الماس الخام) للمخرج روتيم شامير، على شبكة "نتفلكس"، حول عائلة يهودية حسيدية حريدية جمعت ثروتها من تجارة الماس، لكنها تتلقى ضربة قاسية حين ينتحر الابن الأكبر لعائلة "وولفسون" داخل متجر ألماس. هذا الحدث يطلق سلسلة من التطورات المثيرة التي تكشف أسراراً عائلية مشينة وتفضح صفقات مشبوهة يقوم بها عدد من أفراد العائلة. لكن يؤكد هذا الجانب في المقام الأول على هشاشة العلاقات في القرن الواحد والعشرين، تزامناً مع تسليط الضوء على نشاطات عائلة يهودية تقليدية بامتياز.
يعود "نواه"، نسيب "يانكي وولفسون" الذي يقيم بعيداً، لتنظيم الجنازة لأنه لم يعد يستطيع التخلي عن العائلة التي ابتعد عنها حين كانت تحتاج إليه. هو يجلب معه ابنه "تومي"، لكنه يكتشف سريعاً أن عائلة تجّار الماس متورطة في أعمال مريبة، على المستويين المهني والعائلي. كان "نواه" قد تخلى عن أسلوب الحياة المحافِظ في عائلته الحسيدية وتعرّف على حياة الجريمة في لندن، وستساعده المهارات التي اكتسبها هناك حتماً على مر الحلقات الثماني التي يتألف منها المسلسل. سرعان ما يكتشف "نواه" أن عائلته غارقة في الديون بسبب انغماس "يانكي" في عالم المقامرة، فيضطر لإنقاذ العائلة من مشاكلها المادية تزامناً مع الحفاظ على سمعتها بين الناس.
تتمحور الحبكة كلها حول كمية من الماس المسروق، لكنها مجرّد بداية بسيطة للتطورات اللاحقة داخل هذه العائلة المريبة، حيث تكثر الصفقات والأسرار الداخلية التي تزيد الوضع تعقيداً. من جهة، سنفهم قيمة وندرة كنوز باهظة مثل الماس لدرجة أن يتخدّر كل من ينظر إليها ويُحدّق بوهجها الساطع. ومن جهة أخرى، سنشاهد كمّ الأكاذيب والجرائم المريعة التي يمكن ارتكابها بسبب تلك الأحجار الثمينة.
يبرع المخرج الإسرائيلي روتيم شامير في تصوير مستوى التعصب والقيود داخل الأُسَر التي تشبه عائلة "وولفسون"، وتشكّل هذه النزعة المحافِظة والدينية خلفية أساسية لجميع التفاعلات داخل العائلة، بما في ذلك طريقة التعامل مع أولاد مثل "تومي". يستعد "بيني فيلدمان" مثلاً لتقديم شهادته أمام المحكمة ضد عائلة "وولفسون" وفضح مخالفاتها أمام القاضي. لكن حين يكتشف وجود أدلة دامغة ضد ابنه، سيضطر للتراجع طبعاً. أمام احتمال الكشف عن شائعات مرتبطة بميول ابنه المثلية، يقرر "بيني" التراجع عن خططه الأصلية بتقديم شهادته ضد عائلة "وولفسون" لأن هذه الخطوة قد تسيء إلى سمعة عائلته.
لكن تتراجع جاذبية العمل ككل بسبب جوانب معيّنة ترتبط بتباطؤ إيقاع الأحداث بشكلٍ مريع. تتراوح مدة كل حلقة بين 50 و55 دقيقة، ما يعني إمكانية مشاهدة الحلقات الثماني دفعةً واحدة خلال يوم كامل. تبقى القصة في جوهرها عميقة ومدروسة ويقدّم بعض الممثلين أداءً متقناً لأقصى حد، لكن كان يمكن اختصار المسلسل بخمس أو ست حلقات كحد أقصى. تبرز مجموعة من الحبكات الفرعية والخطوط السردية التي تهدف إلى التعمق في الشخصيات المعروضة، لكنها لا تضيف أي ميزة حقيقية إلى الحبكة النهائية.
إذا كنت من محبّي مشاهد الحركة السريعة وتُفضّل مشاهدة الأحداث بنفسك بدل سماعها عن طريق الحوارات المتلاحقة، يسهل أن تضجر خلال الحلقات القليلة الأولى، باستثناء حادثة الانتحار التي تطلق الأحداث في البداية. حتى أن مختلف النقاشات، والخطط، ومشاهد الانتظار الطويلة حول المائدة قد تكون كافية لدفع بعض المشاهدين إلى تفويت حلقة أو حلقتَين. بعبارة أخرى، يحتاج المسلسل إلى بعض الوقت قبل أن يسرّع إيقاعه ويُعرّفنا على الشخصيات بالشكل المناسب. لكنه يسترجع إيقاعاً حيوياً بعد هذه المرحلة البطيئة ويقدّم محتوىً مبهراً حتى النهاية.
بشكل عام، تحمل القصة التي يقدّمها شامير عن عائلة يهودية ومحاولات شقيقٍ بعيد إنقاذها من الديون محتوىً مثيراً للاهتمام، حيث تكثر مشاهد الحركة والأحداث الدرامية المميزة التي تضمن جذب المشاهدين إلى العمل. حتى أن هذه القصة تعرض نظرة مفصّلة عن تعصّب العائلات اليهودية وتأثير هذه النزعة على حياة أفرادها. تقدّم الحلقة الأخيرة أحداثاً مبهرة ومليئة بالتحولات المفاجئة وصولاً إلى نهاية غير متوقعة. حتى أنها تستكشف طريقة تعامل بطل القصة "نواه" مع أسرته بعد تعرّفنا عليه كشابٍ تخلى عن عائلته بسبب قواعدها وقوانينها الخانقة. يستحق المسلسل الإشادة طبعاً إذا كنت لا تمانع مشاهدة حلقات طويلة عن هذه المواضيع.
