بشارة شربل

لو يفاجئنا نصرالله!

13 آذار 2020

02 : 00

حين يطل السيد نصرالله مساء اليوم على جمهوره وسائر اللبنانيين نفترض أن لديه شيئاً مهماً يقوله يختلف عن سردياته المعروفة وقد يكون مفاجئاً للجميع.

لسنا من الحالمين. لكن جائحة الكورونا التي وصلت إلى لبنان تُحدث انقلابات كبرى في أنماط التفكير، بعضها يطلق العنان للغرائز والعنصريات، لكن بعضها الآخر يُشعر الانسان كم هو هشّ أمام فيروس صغير، وكم ان نزاعات الشعوب والدول والجماعات تافهة أمام واجب الحفاظ على النفس البشرية. فهل السيد نصرالله من بين المتأثرين؟

لا نبالغ في القول إن الأمين العام لـ"حزب الله" يحمل مفاتيح إنقاذ لبنان الدولة كي تتمكن من مواجهة أقدارها وبينها تفشي الكورونا. ومسؤوليته مضاعفة، لأنه رغم تحمُّل السلطة مجتمعة المسؤولية عن ترك الرحلات القادمة من طهران تتوالى الى بيروت، فالأكيد أن سطوة "حزب الله" على حكومة دياب أدّت دوراً حاسماً ولم تفرض تنظيمها باحتراف يخفّف الأضرار.

ولو ان المسألة تتعلق بالوباء فحسب، لقلنا إن مطالبة السيد نصرالله بإنقاذ الدولة مُبالغَةٌ ليست في محلها في مواجهة كارثة عالمية لم تستطع دول كبرى احتواءها حتى الآن، لكن الوباء مترافق مع الأدهى منه، وهو افلاس الدولة وفقدان السيولة وكل ما تسبّب بهما ويترتب عنهما ولا ضرورة لتكراره، لأن اللبنانيين ملّوا قصة "ابريق الزيت" بقدر ما قرفوا تركيبة سياسية فاسدة تآمرت مع عصابة المصارف بتغطية من حاكم "تلبيس الطرابيش".

ولأننا في كارثة مزدوجة أو أكثر، حان وقت اقتناص الفرصة التاريخية المتاحة لاتخاذ قرارات تصب في مصلحة الجميع. وأهم ما يستطيع السيد حسن المباشرة فيه هو وقف معارك حزبه العبثية وانسحابه من الحرب السورية، بعدما تبين ان فلاديمير بوتين هو الآمر الناهي في الملعب السوري، وان "الحزب" وإيران صارا وقوداً في "لعبة الأمم" و"سيخرجان من المولد بلا حمص". ولا يعنينا تفعيل "النأي بالنفس" إلا بقدر ما يكون مقدمة سريعة لوضع "حزب الله" سلاحه في تصرف الجيش لتتحقق لكل اللبنانيين "الدولة القادرة" التي لم تقم ولن تقوم في ظل سلاح شرعي وآخر رديف.

ولقائل إن ما تقدم هو "أمل ابليس في الجنة"، نقول: إن المدخل الطبيعي والوحيد لحل مشكلة بلدنا من الأساس هو قيام الدولة، وخطوة مثل انضواء "الحزب" في كنفها ستنقذنا من الافلاس لأنها تعيد فوراً ثقة اللبنانيين مقيمين ومغتربين بوطنهم ودولتهم، وعندها يمكن للسفينة الجانحة مصرفياً واقتصادياً وسياسياً ان ترسو في بر أمان.

هو انقلاب ايجابي كبير ولا يحتاج اللبنانيون معه الى عقد إجتماعي وسياسي جديد لأن دستور الطائف قادر على استيعاب المتغيّرات. نحتاج جرأة استثنائية ومراجعة ضمير وتبصّر بواقع البلاد الاقتصادي والمالي والصحي التعيس في مواجهة الفيروس الجديد.

سيِّد نصرالله اتكل على الله. في يدك ان تنقذ لبنان. لا تتنازل لأحد ولا يحق لأحد التنازل عن حقنا في الدفاع عن أرضنا في مواجهة اسرائيل. تنازَل للدولة، أي أعد لها حقها، ففي هذه الخطوة كِبَرٌ ستحسبه لك ولحزبك أجيال اللبنانيين.


MISS 3