جاد حداد

Queen Charlotte: A Bridgerton Story... أفضل نسخة من قصص عائلة "بريدجيرتون"

10 أيار 2023

02 : 01

عادت قصص عائلة "بريدجيرتون" مع ثالث وأفضل جزء بعنوان Queen Charlotte (الملكة تشارلوت). يروي المسلسل قصة هذه الملكة في فترتَين زمنيتَين. في الحقبة الأولى، سنتعرّف على "تشارلوت" وهي في عمر السابعة عشرة (إنديا ريا أمارتيفيو). إنها شابة لامعة وقوية الإرادة، فهي تتحدى التوقعات القمعية المتوقعة من بني جنسها رغم الضغوط التي تتعرّض لها. تبدأ القصة حين يوقّع شقيقها "أدولفوس" (تونجي قاسم) على عقد زواجها. من المنتظر أن تصبح ملكة إنكلترا المقبلة، مع أنها لم تقابل خطيبها يوماً ولا ترغب في ترك منزلها في ألمانيا. تتماشى الحقبة الزمنية الثانية مع أول موسمين من المسلسل. سنشاهد هذه المرة "تشارلوت" وهي في منتصف العمر. تؤدي غولدا روشفيل دورها في هذا العمر وتقدم الأداء القوي نفسه الذي كان سبباً في صدور الموسم الجديد. سنشاهد أيضاً أبرز والدتَين من المواسم السابقة: الليدي "أغاثا دانبيري" (أدجوا أندو)، والليدي "فيوليت ليدجر بريدجيرتون" (روث غيميل).

توضح الأحداث كيف أصبحت "تشارلوت" امرأة قوية ومتقلّبة ومُحِبّة. تشمل خلفية القصة حبكات كافية لتخصيص الموسم الجديد لهذه الشخصية وتقديمها بأقوى صورة. يقدم صانعو العمل أفضل ما لديهم عند التركيز على الجوانب الفطرية من شخصية بطلة القصة وتلك التي تصنعها الظروف. لكن يهدف العمل فعلياً إلى أخذنا في رحلة مميزة داخل عالم عائلة "بريدجيرتون" بتصاميمها الجميلة، ولكناتها اللافتة، وأفكارها المتماشية مع حقبة ما بعد الفصل العنصري.

يتمحور الصراع الأساسي الذي تعيشه بطلة القصة حول الصحة النفسية. هي تتزوج في نهاية المطاف من "ملك إنكلترا المجنون"، جورج الثالث، ويُفترض أن تتعامل مع هذه الحقيقة الصعبة وتتقبّلها على مر الحلقات الست. في الوقت نفسه، سنشاهد الملك "جورج" في شبابه (كوري ميلشريست) وهو يحارب المرض النفسي بكل ما يعرفه من معلومات طبية.

يتعامل المسلسل مع حالة الذهان التي أصابت الملك بطريقة لطيفة ولا يغفل عن عواقبها في أي لحظة، لكنه يرفض في الوقت نفسه تصويره كوحش أو شخص غبي، بل إنه يظهر كرجل يستحق الحب رغم اضطرابه. نتيجةً لذلك، سنشاهد تعاطفاً نادراً وصادقاً مع المصابين بأمراض نفسية. يقدّم صانعو العمل شخصية "جورج" بطريقة مقنعة وجاذبة، فلا يبدو مخيفاً ولا مثيراً للشفقة.

يستكشف المسلسل أيضاً أفكاراً مرتبطة بالسلطة والتوقعات المنتظرة من الناس، كتلك التي تدفع البعض إلى بلوغ أعلى درجات العظمة مثل "تشارلوت"، أو تقود البعض الآخر إلى الألم والاضطراب مثل "جورج". على صعيد آخر، سنكتشف كيفية وصول عائلة "بريدجيرتون" إلى مجتمع غير عنصري بدرجة معينة. يتعامل صانعو العمل مع هذا الجانب بالشكل المناسب أيضاً، فهم يقدمون شخصيات سوداء لافتة، لا سيما الشابة "دانبيري" (أرسيما توماس) التي تناضل كي يتمكن الجميع من نيل صفة النبلاء بالتساوي.

لكن لا تبدو الحقبة الزمنية الثانية جاذبة بالقدر نفسه. لا تحصل الملكة "تشارلوت" الأكبر سناً على مساحة كافية من الحلقات، بل إنها تكتفي بالصراخ على أولادها الثلاثة عشر، وتُهدِر الحبكة في هذه المرحلة من القصة وقت المشاهدين ومواهب الممثلة التي تقدّم دور الملكة. كذلك، يُعتبر الخط السردي الخاص بالليدي "دانبيري" والليدي "بريدجيرتون" الأكبر سناً مثيراً للاهتمام، لكنه لا يخدم القصة العامة وكان يمكن حفظه لموسم آخر.

في المقابل، تبدو الممثلة إنديا ريا أمارتيفيو الخيار المثالي لتجسيد دور الملكة "تشارلوت"، فهي تقدّم أداءً مدهشاً. يشبه أداؤها ما تقدّمه غولدا روشفيل، وثمة استمرارية واضحة بين المرأتَين. لكن تتمحور القصة في المقام الأول حول رحلة الملكة "تشارلوت" نحو النضج، وتجاربها الجنسية، وقرارها باستلام صلاحيات هائلة واستعمالها لتحقيق مصالحها الشخصية والسياسية.

في النهاية يبقى المسلسل ممتعاً وجامحاً، وهو يقدّم أكثر مما اعتدنا عليه في المواسم السابقة كونه لا يكتفي بعرض الشائعات وأجواء النميمة، بل يقدّم أيضاً "قصة الحب العظيمة" التي يَعِد بها بين الملكة "تشارلوت" والملك "جورج". إنه حب عظيم لأن المشاعر بينهما تصبح قوية وعميقة مع مرور الوقت وتتحول إلى مصدر قوة لهما معاً. هما يستفيدان أيضاً من السلطة التي يحصلان عليها لحُكم مملكتهما. أخيراً، يُعتبر هذا العمل ممتازاً نظراً إلى العوائق التي تقف في طريق الحبيبَين، ما يجعل قصة حبهما خليطاً ممتعاً من السعادة والمرارة.