أحمد الأيوبي

فرنجية وطرابلس: تسويقُ الوهمِ الرِّئاسيّ سُنيّاً

12 أيار 2023

02 : 00

يسعى محور الممانعة إلى سدّ ثغرة الموقف السنّي الرافض لتأييد مرشحه الرئاسي النائب الأسبق سليمان فرنجية من خلال سرد بعض العناوين التي يعتقد أنّها تُثبت صلته الجيدة بالرأي العام السنّي، مستخدماً التسطيح في استحضار بعض الأحداث والوقائع وتفسيرها على نحوٍ يخدم مقاربة هذا المحور.

من أبرز ما يروِّجه إعلام وناشطو الممانعة في استعطاف الشارع السني ادعاؤهم أنّ فرنجية منحَ أهلَ طرابلس مساعداتٍ وافرة و»من دون تمييز» عندما تولّى وزارة الصحة، فكانت التغطيات تشمل الجميع وتطال مختلف الفئات، واعتبار ذلك دليلاً على وطنية الرجل ومحبّته لطرابلس.

يؤكِّد الواقع أنّ هذا الطرح هو الأسوأ في حملة تسويق فرنجية لأنّه يؤكِّد اعتماده الزبائنية والشعبوية من نواحٍ عدّة أهمها:

ــ أنّه يصوِّر فرنجية وكأنّه كان يُنفِقُ من جيبه الخاص على المواطنين بينما هو يصرف بتلك العشوائية من المال العام ولا فضل له في ذلك.

ــ أنّه يشرِّع خرق القانون ومنع المحاسبة والخروج على منطق الدولة والمؤسسات. وللتذكير أيضاً في هذا المجال تحديداً، لا بُدّ من التنويه بأنّ ذلك «العطاء الصحي» كان غطاءً لشبكة تنفيعات واسعة مع المستشفيات المحظية.

ــ ليس صحيحاً أنّ فرنجية كان يتيح الخدمات الصحية للجميع من دون استثناء، بل كانت منظومة المحسوبيات المحلية والسياسية هي التي تتحكّم بهذه الخدمات، وأنّ الزيادة العددية لمن تشملهم «أعمال الإحسان» تلك، كانت نوعيّة تصبّ في خدمة التوجه السياسي لفرنجية وحلفائه.

هذا في مجال الصحة، أمّا في السياسة، فمن الجيّد تذكير أهل طرابلس والشمال وعموم اللبنانيين ببعض المحطات التي لا يحبّ داعمو فرنجية ذكرها:

ــ كان فرنجية أحد أكثر خصوم الرئيس الشهيد رفيق الحريري تطاولاً، كما أنّه كان وزير الداخلية يوم اغتياله.

ــ سجّل فرنجية على نفسه أنّه كان المؤيِّد والحامي والمُغطِّي لرفعت عيد في حربه على طرابلس خلال جولات الاشتباك المتمادية، وهو المتهم بإخراجه من جبل محسن بعد أن أصبح متهماً بجريمة تفجيري مسجدي السلام والتقوى.

في ما يخصّ الاستيلاء على حقوق الطرابلسيين، سبق فرنجية غريمه وحليفه الاستراتيجي جبران باسيل في مزاحمة الطرابلسيين على حقوقهم في الوظيفة العامة، وكان هذا موضع شكوى دائمة من الرئيس الراحل عمر كرامي والذي كان يبرز عند كلّ استحقاق.

بعبارة أخرى، فإنّ فرنجية كان يستخدم الخدمات الوزارية: الصحية والأمنية خلال توليه وزارة الداخلية في إطار منظومة الممانعة وليس في إطار العدالة والحقوق والقانون.

أمّا المشاريع الاستراتيجية لطرابلس والشمال، مثل تطوير وتشغيل المرفأ ومطار رينه معوض ومعرض الشهيد رشيد كرامي وغيرها من المشاريع الحيوية، فإنّ موقف فرنجية كان دائماً يدور في فلك «حزب الله» الرافض لتنفيذ أيّ مشروع تنموي هام في المناطق السنيّة، والتعطيل الدائم لهذه المشاريع من قبل هذا الفريق دليل دامغ على أنّ من يحاول ربط فرنجية بالوجدان السني اليوم إنّما هو يسوِّق وهماً غير قابل للصرف لا في السياسة ولا في الإعلام.

لطالما كانت الأولوية عند فرنجية محوره وقائد هذا المحور. حتى عندما يكون بحاجة إلى مسايرة خصومه، لا يستطيع أن يخرج من دائرة إقرار الثلث المعطِّل والتحرّك ضمن الضمانات التي يريدها «حزب الله»، فهذا هو مشروع رئاسة زعيم تيار المردة الذي واجه حالة اعتراض في بلدته زغرتا لم تسمح سوى بمرور نجله طوني نائباً، فهو الحلقة الأضعف مسيحياً، كما أنّ أهل طرابلس عبّروا سياسياً عن موقفهم الرافض لهيمنة الممانعة في صناديق الاقتراع، فأسقطوا موجة الاستيلاء على الأغلبية النيابية بأعلى نسب الأصوات تأكيداً لهوية الفيحاء السياسية والوطنية.

خلال وجوده في السلطة وخارجها أعطى فرنجية نموذجاً نقيضاً لرجل الدولة، وهذا النموذج لا يصلح بطبيعة الحال ليكون رئيساً للجمهورية فوصوله يعني جمهورية تشبه مساره السياسي المعلوم سياقاً ونتائج. وهذا يخالف الوجدان السنّي التوّاق للدولة والعدالة والشرعية.