لماذا لم نكتشف أي كائنات فضائية حتى الآن؟

02 : 00

على حد علمنا، لم يسبق أن تواصل البشر مع كائنات فضائية من أعماق الفضاء. لكن تكشف الإحصاءات أن هذا الوضع لا ينطبق على البشر وحدهم. يحاول العلماء منذ فترة اكتشاف سبب غياب أي تواصل مع كائنات أخرى ويطرحون سلسلة من الأعذار المحتملة في كل مرة.

لكن طرح باحث من مختبر الفيزياء الحيوية الإحصائية في المعهد الفدرالي للتكنولوجيا في لوزان، سويسرا، تفسيراً من نوع آخر لغياب الإشارات الرادوية، وهو تفسير مستوحى من الاسفنجة بكل بساطة.



يقول خبير الفيزياء الحيوية، كلاديو غريمالدي: "نحن نبحث عن هذه الإشارات منذ ستين سنة فقط. ربما يمرّ كوكب الأرض بفقاعة يصادف أنها تخلو من أي موجات راديوية تبثها كائنات حية من خارج الأرض".

باختصار، تبقى المساحة التي تستحق التحليل شاسعة جداً، وهي ليست كافية على الأرجح كي يمرّ الإرسال الفضائي بمسار الأرض. ترتكز هذه الفرضية على نموذج إحصائي استُعمِل سابقاً لدراسة مواد مسامية مثل الاسفنجة، لكن تم استخدامها حينها لتقييم طريقة توزيع الكائنات التي تبث إشارات من خارج الأرض وقد تقع في مكانٍ ما من الفضاء أو لا تتواجد فيه، بدل استعمال المسام داخل مادة معينة.

تدعو هذه التجارب إذاً إلى التحلي بالصبر. يتطلب البحث عن آثار تثبت حدوث اتصالات من هذا النوع في الكون الكثير من الوقت والجهود والأموال، ويسود جدل أصلاً حول أهمية البحث عن الذكاء خارج كوكب الأرض.

يبدأ النموذج البحثي بالفرضية التالية: يمكن إيجاد إشارة كهرومغناطيسية واحدة على الأقل ذات أصل تكنولوجي في درب التبانة في أي وقت، ويمرّ كوكب الأرض بمرحلة هادئة منذ ستة عقود على الأقل أو ربما أكثر.

في هذه الحالة، تشير الإحصاءات إلى إنتاج أقل من 1 إلى 5 انبعاثات كهرومغناطيسية في كل قرن، في أي موقع من مجرّتنا. بعبارة أخرى، تكون هذه الانبعاثات مساوية للمستعرات الأعظمية في درب التبانة، ما يعني أنها ليست شائعة جداً.

في هذا النوع من التقييمات المبنية على احتمالات متنوعة، يمكن طرح فرضيات عدة وتعديل عوامل معينة لجعلها أكثر تفاؤلاً أو تشاؤماً، فضلاً عن تعديل احتمال التقاط إشارة معينة مستقبلاً.

إستناداً إلى أكثر السيناريوات تفاؤلاً، وبعد أخذ الظروف الآنف ذكرها بالاعتبار، يفترض غريمالدي أن ستين سنة على الأقل قد تمرّ قبل أن نرصد أي إشارة من كائنات فضائية. وبحسب السيناريو الأقل تفاؤلاً، قد ننتظر أكثر من ألفَي سنة. في الحالتَين، سنحتاج إلى وضع تلسكوب راديوي في الاتجاه الصحيح.

يوضح غريمالدي: "ربما لم نكن محظوظين بما يكفي لأننا اكتشفنا كيفية استعمال التلسكوبات الراديوية حين كنا نعبر في مساحة فضائية تغيب عنها الإشارات الكهرومغناطيسية المنبثقة من حضارات أخرى. من وجهة نظري، تبدو هذه النظرية أقل تطرفاً من تلك التي تفترض أن كوكب الأرض يتلقى إشارات متواصلة من جميع الأطراف لكننا نعجز عن رصدها لسببٍ ما".

في ظل استمرار تطوّر الأدوات التي نستعملها لاستكشاف الفضاء، بدأنا نكتشف معلومات إضافية عن الكواكب التي تتمتع على الأرجح بظروف مناسبة كي تشمل معالم حياة، ما يعني زيادة فرصة وجود كائنات فضائية تحاول التواصل معنا.

لكننا نحتاج إلى تغطية مساحات فضائية هائلة بعد، لذا تُعتبر النماذج بالغة الأهمية لتحديد وجهة البحث. إذا تطورت حضارة معينة وسط الكائنات الفضائية مثلاً، قد تتجمع حول مجموعة كواكب ولا تنتشر بطريقة متساوية كما يفترض محللو هذه الدراسة.

أخيراً، يظن غريمالدي أن التحقيقات المتكافئة ستكون أفضل مقاربة معتمدة في المرحلة المقبلة، ما يعني البحث عن الإشارات في بيانات تجمعها التلسكوبات التي تُركّز على مهام أخرى، بدل استخدام التلسكوبات للبحث عن أي اتصالات مع الكائنات الفضائية حصراً: "تقضي أفضل استراتيجية على الأرجح بتطبيق المقاربة السابقة التي لجأ إليها الباحثون لاستكشاف الذكاء خارج كوكب الأرض، أي استعمال بيانات مختلف الدراسات التي ترتبط بالفيزياء الفلكية وترصد انبعاثات راديوية من نجوم أو مجرات أخرى للتأكد من احتوائها على إشارات تقنية وتحويل هذه الممارسة إلى مقاربة نموذجية في الأبحاث اللاحقة".

MISS 3