جاد حداد

Obsession... قصة فارغة المضمون

13 أيار 2023

02 : 00

في مسلسل Obsession (الهوس)، لا يكون "ويليام فارو" (ريتشارد أرميتاج) مجرّد جراح عادي، بل إنه جرّاح لامع لدرجة أن يظهر في عناوين الأخبار بعد نجاحه في فصل طفلَين ملتصقَين. هو رجل متواضع أيضاً ومتزوج منذ وقتٍ طويل من محامية ناجحة وجذابة (إنديرا فارما)، ما يعني أنه وسيم وداعم للحركة النسوية أيضاً! لكن لا مفر طبعاً من اضطراب حياة هذه الشخصيات حين يعيش "ويليام" حبّاً هوسياً مع خطيبة ابنه العشرينية الغامضة "آنا" (تشارلي ميرفي) ويحرج نفسه بأسوأ الطرق.

يمكن تقبّل الحبكة المطروحة بما أن هذا المسلسل الجديد الذي تعرضه شبكة "نتفلكس" ويتألف من أربع حلقات يدخل في خانة "قصص التشويق الشهوانية"، ويهدف إلى ملء الفراغ المستجد في قصص الجنس والحياة، واقتبسه صانعو العمل من رواية Damage (الضرر) للكاتبة جوزفين هارت من العام 1991. يتذكر القرّاء من فئات عمرية محددة أن تلك الرواية تحوّلت خلال السنة اللاحقة إلى فيلم من بطولة جيريمي أيرونز بدور الرجل المُتيّم والأكبر سناً، وجولييت بينوش بدور المرأة الفاتنة والغامضة، وميراندا ريتشاردسون التي سرقت الأضواء من الجميع بدور الزوجة والأم المحطّمة.

تطوّر البشر في مجالات كثيرة منذ بداية التسعينات، لكن لم يتعلم الممثلون على ما يبدو أن يتجنبوا كل من يعرض عليهم عملاً "شهوانياً" أو قصة "حب هوسي". يعتبر الكتّاب والمنتجون والمخرجون هذا النوع من الأعمال استكشافاً للتعقيدات الأخلاقية التي ترافق موضوع الخيانة، أو تشكيكاً قاتماً بمستوى الانحطاط الذي وصلت إليه البشرية في خضم سعيها إلى تلبية حاجاتها الجنسية، أو دراسة لطريقة تأثير الأضرار النفسية على جميع الأشخاص المعنيين بهذه الأحداث. مع ذلك، يشاهد الناس في نهاية المطاف قصصاً غريبة ومبالغاً فيها بحجّة تقديم محتوى فنّي، ويكتفون بالجلوس أمام الشاشة وانتقاد الأسباب التي تدفع الشخصيات إلى التعلّق ببعضها.

بالعودة إلى أحداث المسلسل، تلتقي نظرات "ويليام" و"آنا" للمرة الأولى خلال حفل مزدحم "في البرلمان" (إنه سيناريو مريع!)، ثم تتلاحق مشاهد العري في شقة صديقتها، وفي باريس، وفي إحدى الحدائق. قد يتقبّل المشاهدون هذه المشاهد الجنسية المفرطة، لكن تتعلق المشكلة الحقيقية بالجانب المرتبط بالهوس لأن التحديق بشخصٍ آخر بطريقة شهوانية وخارجة عن السيطرة قد يتحول بسهولة إلى مشهد مزعج وغير مقنع. في معظم المشاهد، يبدو وكأن أرميتاج وميرفي يصابان بتوعك هضمي بطريقة لا تعكس رغبتهما في ممارسة الحب.

تقتصر الحلقة الأولى على نصف ساعة، وبالكاد تصل مدة الحلقات الأخرى إلى 40 دقيقة. كانت الحبكة الأصلية في قصة هارت خفيفة، وربما اتخذ صانعو المسلسل قراراً ضمنياً بإبقاء جميع أجزاء القصة التي تتكل على توتر جنسي غير معلن قصيرة قدر الإمكان. بعد مشهد أكل الزيتون في البداية، حيث تسأل "آنا" في حفل البرلمان، "هل الزيتون لي؟"، يضعه "ويليام" في فمها بأسلوب سوقي غير مبرر بالنسبة إلى جرّاح نجح للتو في فصل توأم. لقد فوّت صانعو العمل فرصة إضافة تفاصيل نفسية مهمة إلى هذه القصة الدرامية، ولم يضيفوا أي مستوى من التعقيدات أو العمق إلى مختلف العلاقات، وفضّلوا أن تظهر الزوجة وخطيبة الإبن بوجهٍ متجهّم من وقتٍ لآخر لتأجيج مشاعر الشك بين الشخصيات في مراحل عشوائية من القصة. ربما انشغل المعنيون بتقسيم مشاهد العري بالتساوي بين مختلف الممثلين.

يبذل أبطال المسلسل قصارى جهدهم لإقناع المشاهدين بتطورات القصة. يتسنى للممثلة إنديرا فارما أن تقدّم مشهداً قوياً في الحلقة الأخيرة، لكن يهدر المسلسل موهبتها في جميع اللقطات الأخرى. كذلك، تقوم ماريون بايلي، بدور والدة "إليزابيث"، بكل ما يلزم لتقديم شخصية تفرض عليها أن تكون حكيمة في قراراتها طوال الوقت، لكنها تقع في فخ السذاجة في لحظات كثيرة.

أخيراً، يطلق صانعو العمل محاولة مضحكة في مرحلة متأخرة جداً لإعطاء ثقل إضافي لخلفية "آنا" وتبرير الأسباب الكامنة وراء تحطّمها الداخلي. لكن يقتصر هذا الجانب على مجموعة إيماءات عابرة، وهي مقاربة سطحية بالنظر إلى موضوع القصة الأصلي. في مطلق الأحوال، سيشاهد الجمهور لقطات ساخنة كثيرة، وقد يتحسن مستوى هذا النوع من الأعمال مستقبلاً. قد نُسَرّ على الأقل حين نعرف أن وضع التوأم الذي فصله الجرّاح اللامع مستقر!


MISS 3