بشارة شربل

"قنبلة" النازحين وخطورة الحسابات الضيقة

15 أيار 2023

02 : 00

لم يكن مستغرباً أن يروِّج السيد حسن نصرالله لسليمان فرنجية في إطلالته الجمعة الماضية، فهو مرشحه وربيب الممانعة و"عينه" الثانية الرانية الى تنفيذ "الوعد المؤجل". لكن وصفه بـ"المرشح الطبيعي" يدفع الى سؤال السيِّد هل عنى بذلك أنّ مسيرة فرنجية المتدرجة في صفوف "المنظومة" على مدى ثلاثة عقود هي التي أهّلته لمنافسة ميشال معوض وقائد الجيش وجهاد أزعور وآخرين؟ أم أن هناك أسباباً أهَم ستُكشف للبنانيين في اللحظة المناسبة؟

أما المفاجئ في حديث الأمين العام لـ"حزب الله" فهو تعامله مع قضية النزوح السوري بمنطق حزبي ضيق لا يلائم جسامة الموضوع، مؤثِراً التكتكة السياسية وتحقيق المكاسب لدمشق على المصلحة اللبنانية العليا.

يعلم السيد نصرالله حتماً أن توَطُّن نحو مليوني سوري في لبنان هو مشروع مشكل مفتوح على الصعيد الاقتصادي والأمني والديموغرافي وخصوصاً الطائفي على تنويعاته. ومسؤوليته مضاعَفة، ليس لأنه زعيم الطائفة الشيعية التي يحوِّلها النزوح أقليةً فحسب، بل لأنّه ساهم أيضاً في "تنزيح" عشرات آلاف السوريين. ورغم ذلك فإنه يصرُّ على القفز فوق قنبلة النزوح الموقوتة، ليحوِّل حق إعادة النازحين ورقة ضغط في يد دمشق ومدخلاً الى تطبيع سياسي شامل مع النظام السوري.

كنا نتوقّع من السيد نصرالله أن يشنَّ هجوماً مزلزلاً على المنظمات الدولية ودول الغرب المتمسكة ببقاء السوريين عندنا تحت عنوان "العودة الآمنة". ولَأيَّدناه لو اتهمها بالتواطؤ ضد مصلحة لبنان وتجاهُلها المخاطر على الوجود والكيان وتشجيعها بالمساعدات وبالتهويل، دمج السوريين في بلد مفلس وواقف على كف عفريت.

لا يغيب عن السيد نصرالله أن أكثر من 90 في المئة من سوريي لبنان نازحون اقتصاديون. ولعلمه، فإنه فيما الجيش جدّيٌ بترحيل المخالفين، فإن الذين يخرجون من باب "الأمن العام" يعودون بتسهيل رسمي سوري تحوَّل تجارة على المعابر الشرعية بالتحديد. فأي ضمانات مقابل "التطبيع"؟

يعرف السيد نصرالله بلا شك أن الأسد لا يتحرَّق شوقاً لإعادة مواطنيه. لذلك فإن اقتراحه القديم الجديد بتشكيل وفود وزارية وأمنية تكرارٌ لتجارب عقيمة جُرّبت في عزّ "العلاقات المميزة" في مواضيع ترسيم الحدود ومصير المعتقلين والاعتراف الرسمي بلبنانية مزارع شبعا، وكذلك الأمر في السنتين الماضيتين في موضوع النازحين. ومعنى الاقتراح: إما ان السيد نصرالله مخطئ في تقييم أداء حليفه في قصر المهاجرين، أو أنه لا يرى ضيراً في إدماج السوريين او في استخدامهم فزَّاعة للتوازن الداخلي.

بعيداً عن تحميل المسؤولية للحكومات التي عاصرت النزوح، وكلها ممانِعة أو تحت سطوتها، فإن الواجب الوطني يقتضي اليوم تضامن كل اللبنانيين تحت عنوان "لبنان ليس بلد نزوح"، وتحمُّل حكومة ميقاتي مسؤولياتها كاملة ولو كانت عرجاء، بالتوازي مع مواجهة صارمة لمنظمات المجتمع المدني التي تنظر بعين واحدة الى النزوح، إن لم نقل إنها تتاجر به وتبرّر رواتبها بسببه.

أما بالنسبة الى "موضة" تهمة "العنصرية"، فهي مردودة الى أصحابها، لأنها، منذ بدأت الحرب في سوريا، كاذبة بالوقائع والتواريخ، ما خلا استثناءات. وبالتالي لا يجوز أن تتحول شمَّاعة أو رهاباً لدى مَن يعتبر "لبنان أولاً" واللبنانيين أوْلى بلقمة العيش.

موقف نصرالله من كارثة النزوح مؤشرٌ الى موقف "فرنجية الرئيس"، مع فارق أن نصرالله هو الأصيل.