نوال نصر

أوّل برنامج حماية إجتماعية في لبنان

اليونيسف متحمّسة... هل يلتزم لبنان ببرنامج البدل النقدي للمعوقين؟

16 أيار 2023

02 : 01

لهم حقوق
في زحمة الأخبار السوداء القاتمة المقلقة التي تتوالى مثل النهر الجارف في لبنان، خبر تسلّل بهدوء، وكاد يضيع: بالشراكة مع اليونيسف والإتحاد الأوروبي، أطلقت وزارة الشؤون الإجتماعية أوّل برنامج حماية إجتماعية في لبنان للأشخاص ذوي الإعاقة: برنامج البدل النقدي للأشخاص ذوي الإعاقة. لا، لن نضع نقطة في آخر السطر ونقفل الموضوع. فلنتابعه. هل يمكن أن يضع ذوو المعوقين أيديهم المتعبة، كما العمر الباهت، في المياه الباردة ورسم ابتسامة، لها معاني المستسلم، على وجوههم؟ إنهم يستحقّون هذا البرنامج وأكثر. فماذا في التفاصيل؟



هناك أكثر من 114 ألف شخص معوّق في لبنان، 34 في المئة منهم أعمارهم بين 35 و63 عاماً، و17 في المئة أعمارهم بين 18 و24 عاماً، و10 في المئة أعمارهم بين ستة أعوام و17 عاماً، و2 في المئة أعمارهم بين عام واحد وخمسة أعوام. أما من هم فوق سن الـ 64 فتقدّر نسبتهم بنحو 37 في المئة. 56 في المئة من هؤلاء المدرجين معوقين يعانون إعاقة حركية و29 في المئة إعاقة عقلية و8 في المئة إعاقة سمعية و7 في المئة إعاقة بصرية. هؤلاء مستبعدون ومهمّشون. هؤلاء يعانون الأمرّين فهل نغضّ الطرف عنهم ونقول: ما لنا ولهم فالبلد كله «مش ماشي»؟

فلنعد الى البرنامج الإستثنائي في تفاصيله. فماذا تضمّن وماذا يضمن أن يتحقّق طالما التجارب و»المبادرات السابقة» في شأن هؤلاء أتت بمثابة حبر جفّ على ورق مبلل؟

تهدف المنحة الوطنية للإعاقة الى دعم الأفراد ذوي الإعاقة لمواجهة تكلفتها الإضافية، وتوفير مستوى أساسي لدعم الدخل، وتسهيل وصولهم الى الخدمات الأساسية المطلوبة. في حين أن جميع الأشخاص ذوي الإعاقة سيكونون مؤهلين لتلقي البدل النقدي الخاص بهم، ستمنح الأولوية خلال المرحلة الأولى من تنفيذ البرنامج للشباب والشابات الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و28 عاماً الذين يتعايشون مع إعاقة، وذلك لدعمهم في الإنتقال الى التعليم العالي أو الإنضمام الى سوق العمل. سيستفيد من هذا البرنامج ما لا يقلّ عن 20,000 شخص ببدلٍ شهريٍّ قدره 40 دولاراً أميركياً لكل شخص خلال فترة أولية مدتها 12 شهراً. يحصل على البدل الشهري الأشخاص الذين يحملون بطاقة المعوّق الشخصية لتأمين حقوق المعوقين الصادرة عن وزارة الشؤون الإجتماعية، التي تدير سجلاً رقمياً لجميع حاملي البطاقات، لتسهيل وصولهم الى مجموعة الخدمات. وقد تمّ تقديم الدعم العملي والفني للبرنامج ومراكزه للمساعدة في تسجيل الأشخاص المؤهلين في برنامج المنحة الوطنية للإعاقة.

في لبنان، يواجه الأشخاص من ذوي الإعاقة عوائق تحول دون وصولهم الى الحقوق الأساسيّة مثل التعليم والصحة والخدمات الإجتماعية. ما زالت تتعرض هذه الشريحة للتمييز ولخطر الإيذاء وسوء المعاملة بشكل كبير، خصوصاً بالنسبة إلى النساء والفتيات. وتشير التقديرات الى أن الأشخاص من ذوي الإعاقة يتكبّدون تكاليف إضافية تزيد بنسبة تتراوح بين 35 الى 40% عمّا يتكبّده الأشخاص الأصحاء، وذلك لتحقيق مستوى العيش نفسه. وحتى قبل اندلاع الأزمة في لبنان، كانت 75 في المئة من الأسر التي تضمّ أفراداً من ذوي الإعاقة في لبنان تعيش أدنى مستوى من غيرها. أيضاً، الأشخاص ذوو الإعاقة أكثر عرضة لخطر الفقر والضعف الشديد. وهذه الحقيقة عزّزتها الأزمة الحالية في لبنان وجعلتها تتفاقم بشكلٍ واضح.



هل سمعوا صوتهم هذه المرة؟


من الـ18 إلى الـ 24

ذاك هو الواقع. ماذا في تفاصيل سير البرنامج؟ طرحت «نداء الوطن» هذا السؤال على رئيسة برنامج السياسة الإجتماعية في اليونيسف ساره هيغ. سألناها أيضاً ما يلوح - وما قد يلوح - في بال كل إنسان: هل تعتقدين أن مشروع الحماية الإجتماعية للأشخاص من ذوي الإعاقة سيواجه عقبات أثناء التنفيذ؟ وهل أنتم مستعدون لمواجهة تلك العقبات؟

تقول هيغ: «إن اليونيسف متحمّسة للغاية للعمل مع وزارة الشؤون الإجتماعية في هذه المبادرة الجديدة. إنها المرة الأولى التي تطلق فيها الحكومة اللبنانية مثل هذه المنحة النقدية للأشخاص الذين يواجهون تحديات خاصة. تجد في معظم البلدان الأخرى برامج مثل مخصصات الإعاقة للأشخاص الذين يعانون إعاقة أو منحة الطفل للأسر التي تقوم بتربية الأطفال، وخصوصاً الأطفال الصغار. لذلك، فإن وضع أحد هذه البرامج في مكانه الصحيح يمثل علامة فارقة حقيقية بالنسبة للبنان. ستكون هناك دائماً تحديات، لكن اليونيسف سعيدة بدعم وزارة الشؤون الاجتماعية للتغلب على أي مشاكل قد نواجهها، بالتعاون مع منظمة العمل الدولية. هذا برنامج وطني، وليس برنامجاً للأمم المتحدة، ونرى الكثير من الالتزام والعمل الجاد حقاً من الوزارة وكذلك من منظمات المجتمع المدني.



ساره هيغ


لكن، ما هو المطلوب الآن من الحكومة اللبنانية ووزارة الشؤون الإجتماعية ليسلك البرنامج طريقه نحو التنفيذ؟ تجيب ساره هيغ: «تولت وزارة الشؤون الاجتماعية وموظفوها إدارة العلاوة الوطنية الجديدة للإعاقة منذ البداية. وقد سررنا أن يكون لدينا مثل هذا التعاون الممتاز مع وزارة الشؤون الاجتماعية، جنباً إلى جنب مع منظمة العمل الدولية. يسجل كل شخص من ذوي الإعاقة في لبنان، من مواليد العام 1995 حتى الـ 2005، في البرنامج تدريجياً، ويتلقّى أكثر من 10 آلاف شخص منحهم الشهرية منذ شهر نيسان الماضي. ومن الآن فصاعداً، ستحتاج الميزانية الوطنية اللبنانية إلى احتواء التمويل المخصص للعلاوة الوطنية الجديدة للإعاقة - لا يمكن تمويل البرامج الوطنية بالكامل من الموارد الدولية».





هذا هو لبّ القصيد، فماذا يضمن في ظلّ التجارب التي سبقت في لبنان - والتجارب المعيوشة حالياً، ضمان سير البرنامج؟ وكيف نقنع أصحاب المصلحة فيه الذين يشككون في البرامج التي تخاطبهم، بضرورة الإنخراط في هذا البرنامج الجديد اليوم؟

تجيب هيغ «تدرك اليونيسف أنه في لبنان، لا يتم دائماً منح الأشخاص ذوي الإعاقة الاعتراف والدعم المناسبين اللذين يستحقّهما الجميع. ما يمكنني قوله هو أنه إذا كانت لدى أي شخص إعاقة، فهو يواجه تكاليف وتحديات إضافية، وله أيضاً الحق في أشياء معينة، بما في ذلك الدعم المالي. نحن ندرك أن التغيير يستغرق وقتاً، لكن إطلاق بدل الإعاقة الوطني يعد خطوة رائعة إلى الأمام للبلاد، خاصة أثناء الأزمة الاقتصادية. ما يمكنني قوله هو أنه إذا كان الشخص المعوق يعيش في لبنان، ضمن الفئة العمرية الآنفة الذكر، ولديه إعاقة - فإن مخصصات الإعاقة الوطنية هي استحقاقه الفوري والدعم المالي متاح له الآن».

إنها الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل. اليونيسف تتابع الموضوع وعلى الدولة إتخاذ قرارها الآن الآن وليس غداً. هو حقّ كل معوق عليها. ماذا يقول وزير الشؤون الإجتماعية هيكتور حجّار؟ «إتخذنا القرار بدعم الفئات الأكثر هشاشة بطريقة ممنهجة بعيداً عن العشوائية، ونحاول من خلال الإستراتيجية الوطنية للحماية الإجتماعية، تأمين إستمرارية هذا الدعم لهؤلاء على مختلف المستويات عوضاً عن العمل في حالة طوارئ مستمرة، توجهنا الى العمل على بناء نظام شفاف وممكنن يؤسس لمرحلة جديدة في لبنان. فيها سجّل إجتماعي موحّد».



هيكتور حجّار


نصدق المؤسسات الدولية. نصدق اليونيسف. ونريد أن نصدق وزارة الشؤون الإجتماعية في لبنان. البرنامج إنطلق. ستقوم وزارة الشؤون الإجتماعية بالإشراف على تنفيذ برنامج البدل الوطني للإعاقة، الذي أنشئ من خلال تمويل قدره 20 مليون يورو من الإتحاد الأوروبي، وتقوم اليونيسف ومنظمة العمل الدولية بالتوجيه التقني وبالدعم المالي والعملي، ووضع الأسس لتحقيق مدماك الحماية الإجتماعية الشاملة في البلاد، بما يتماشى مع الإستراتيجية الوطنية للحماية الإجتماعية وإطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار. من جهتها، ستعمل منظمات المجتمع المدني ومنظمات الأشخاص ذوي الإعاقة تحديداً على تصميم البرنامج والمشاركة في دعم الإتصالات الناجحة وتطبيق المشروع.

سيُخصّص مركز إتصال خاص بالبرنامج، تديره اليونيسف، يقوم بالإجابة على الإستفسارات وحلّ شكاوى المستفيدين. يمكن الوصول إلى المركز عبر الإتصال بالرقم: 727470 4 00961 وذلك من يوم الإثنين الى يوم الجمعة، من الساعة 9,00 صباحاً حتى 6,00 مساء.

هذا البرنامج لكم. هو لكم وملككم. غير واثقين بجدوى المشاريع التي تتعهّد بمتابعتها الدولة؟ ندرك ذلك. فتجاربكم معها مريرة. لكن، هو سينفذ اليوم تحت عيون المنظمات الدولية. فإذا لم تكونوا مسجلين بعد على أنكم تعانون من إعاقة تسجّلوا الآن. فاليونيسف وعدت بأنها ستتابع عملية التنفيذ بحذافيرها. المشروع أخذ طريقه اليوم فانخرطوا به إذا كنتم ممن أدرجوا في مرحلته الأولى. وللبحث عن مراحله المقبلة صلة.

MISS 3