بري يُخضع المشروع "لدراسة سريعة"... والكورونا لن يثنيه عن التشريع

"كابيتال كونترول" بنكهة "الهيركات"... ما لكم لنا ولكم!

02 : 20

مطار رفيق الحريري الدولي يُقفل أبوابه ولبنان "يحجر على نفسه" برّاً وبحراً وجوّاً (فضل عيتاني)

"وداعاً الاقتصاد الحر"... لعله العنوان الأدق لمشروع قانون الكابيتال كونترول الذي أعدته الحكومة وحصلت "نداء الوطن" على آخر نسخة منقحة منه قبل عرضها اليوم على طاولة مجلس الوزراء. فبمعزل عن التغنّي في مقدمة المشروع بالمبادئ المكفولة في مقدمة الدستور حول النظام الاقتصادي "الليبرالي الحر القائم على حرية المبادرة وحرية التبادل والتحاويل والقطع" فإنّ كل ما نصّ عليه في الجوهر على نقيض ذلك يؤشر إلى دفن معالم هذا النظام تحت ركام قوننة الضوابط والإجراءات النقدية والمالية والمصرفية عموماً في البلاد والهيمنة بقوة القانون على أموال المودعين بذريعة "الظروف الاستثنائية" التي تحتم اتخاذ "إجراءات وتدابير استثنائية وضوابط موقتة". ووفق خبراء اقتصاديين عاينوا مسودة مشروع قانون "الكابيتال كونترول" المطروح فإنه أتى بنكهة "هيركات مقنّع" يستهدف أموال الناس وقدرتهم الشرائية على قاعدة "ما لنا لنا وما لكم لنا ولكم" من دون أن يقدّم طارحوه في المقابل أي خطوة إصلاحية حقيقية أو برنامج عمل عملياً واضحاً... أو أقله من دون تقديم حتى إجابة واحدة على سؤال محوري ينتظره المودعون: أين ذهبت أموالنا؟

وبغض النظر عن "لا أخلاقية" تمرير مشاريع قوانين مصيرية تُعنى مباشرةً بمصالح الناس وأرزاقهم وجنى عمرهم في وقت هم فيه عاجزون عن التعبير عن رأيهم تحت وطأة "حجر الكورونا" الذي يخضعون له، يرى الخبراء الاقتصاديون أن "كل هذه الإجراءات التي تسارع الطبقة الحاكمة إلى تمريرها إنما هي تندرج في إطار سياسة الهروب من برامج صندوق النقد الدولي التي وإن شملت في جانب منها فرض الكابيتال كونترول لكن ذلك سيكون من ضمن سلة إصلاحية تفضح المستور وتضع حداً لمزاريب الهدر والفساد ومنظومة نهب المال العام تمهيداً لإعادة الانتظام لميزان المدفوعات والاقتصاد الوطني"، وعلى هذا الأساس كان لا بد من خطوات استباقية من قبل السلطة تفرض "كابيتال كونترول" غبّ الطلب ومفصّلاً على قياس مصالح السياسيين استناداً إلى مقولة "اللي نهب نهب واللي هرب هرب" وعلى المودعين تحمّل التفليسة التي أوصلت السلطة البلد إليها من صافي أرصدتهم. والأنكى أنّ مشروع القانون يوسّع صلاحيات التركيبة السلطوية - المصرفية القائمة ويقونن عملية السطو على أموال صغار المودعين سواءً بحجب دولاراتهم عنهم أو بفرض شروط عليهم تقتضي تأمين دولارات من السوق لتسديد سندات قروض التجزئة (الاستهلاكية والشخصية) فوق سقف 650 دولاراً أو ما يوازي 1000 دولار للقرض السكني، مع ما يكبده ذلك من خسارة مزدوجة للمقترض ربطاً بإجباره على شراء الدولار بسعر السوق ما سيضاعف من قيمة سنده الأصلي.

وفي خلاصة القراءة الأولية للمشروع، يتبيّن باختصار أنّ الحكومة وبدل أن تعمد إلى استعادة الأموال المنهوبة من جيوب الكبار بادرت من خلال "الكابيتال كونترول" إلى مد يدها إلى "جيبة" الصغار من أًصحاب قروض الـ"650 دولاراً"، وذلك بالتوازي مع فرض إجراءات تجفف منابع الكاش بالعملة الصعبة تبدأ ولا تنتهي عند تقييد السحوبات بالدولار ومنع تحويل أموالهم إلى الخارج و"لبننة" الشيكات بالدولار عبر منع صرفها بالعملة الصعبة وإجبار المستفيد على سحب قيمتها بالليرة اللبنانية أو طمرها في دفاتر الحسابات الورقية حتى إشعار آخر... أقله 3 سنوات، المدة المحددة لنفاذ هذا القانون.

في الغضون، وإذ سيعمد "طباخو" المشروع إلى تأمين إقراره في مجلس الوزراء وتسريع خطوات انتقاله إلى مرحلة التشريع في مجلس النواب، تؤكد مصادر رئيس المجلس نبيه بري لـ"نداء الوطن" أنه ينتظر تسلّم مشروع الكابيتال كونترول بعد إقراره في الحكومة لكي يحدد عندها ما الذي يحتاج منه إلى الدراسة في اللجان النيابية، متوقعةً أن يصل المشروع إلى المجلس النيابي بحدود يوم الاثنين المقبل ومؤكدةً أنّ "الرئيس بري حريص على أن يخضع لدراسة سريعة في اللجان لئلا يتم إغراقه في مناقشات طويلة في الهيئة العامة".

ورداً على سؤال، أكدت المصادر أنّ "زمن الكورونا لن يثني المجلس النيابي عن التشريع ضمن إجراءات صحية صارمة وجدية، وفي جميع الأحوال إذا أحيل المشروع من الحكومة الاثنين فستستغرق دراسته أسبوعاً على الأقل تكون بعدها فترة التعبئة العامة قد انتهى مفعولها في 29 آذار، على أن يحدد رئيس المجلس التاريخ المناسب لتوجيه الدعوة إلى جلسة تشريعية لإقراره".