الابيض: التعاطي بمسؤولية يحمي المجتمع من الانتحار

19 : 50

استضافت وزارة الصحة العامة لقاء إعلامياً حوارياً حول "الإنتحار والتغطية الإعلامية"، هدف إلى تسليط الضوء على كيفية تغطية الإعلام لحالات الانتحار بطريقة مسؤولة، وعرض مواد تسهم بشكل إيجابي في الوقاية من الانتحار بعيداً عن السبق الصحافي الذي يتضمن غالبا معلومات منقوصة وغير دقيقة أو صحيحة، خصوصا أن التسرّع في نقل الأخبار ونشر الصور والفيديوهات والرسالة الأخيرة وغيرها من التفاصيل قد تحرّض الذين لديهم أفكار إنتحارية على الإقدام على إنهاء حياتهم وتكرار حوادث الإنتحار.


وتمت دعوة الإعلام إلى تشجيع الناس على طلب الخدمة النفسية عند الحاجة والتذكير بخط الحياة 1564 وهو الخط الوطني الساخن المخصص للدعم النفسي والوقاية من الإنتحار. كما تم توزيع دليل حول كيفية مقاربة موضوع الإنتحار في الإعلام سعيا إلى تضافر الجهود من أجل مساعدة الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات في الصحة النفسية على التعافي. والدليل موجود على الرابط التالي: https://tinyurl.com/ydpfzvcc.

حضر اللقاء وزيرا الصحة والإعلام في حكومة تصريف الأعمال الدكتور فراس الأبيض والمهندس زياد المكاري والمدير العام لوزارة الإعلام الدكتور حسان فلحة والمدير العام بالإنابة في وزارة الصحة العامة فادي سنان ومدير العناية الطبية في الوزارة الدكتور جوزف الحلو وممثلون عن البرنامج الوطني للصحة النفسية في وزارة الصحة العامة ومنظمة الصحة العالمية والجمعية اللبنانية للطب النفسي ونقابة النفسانيين في لبنان وجمعية "امبرايس" ونقابة المحررين.


نقاش

وكان نقاش تفصيلي حول دور الإعلام في مسائل الانتحار أداره الإعلامي ميلاد حدشيتي، وشاركت فيه عضو مجلس نقابة المحررين يمنى شكر والناشطة في مجال الصحة النفسية ساشا الحاج عساف إلى جانب الدكتور الشماعي.


المكاري

ثم كانت كلمة للوزير الاعلام لفت فيها إلى أن "دافعاً أساسياً وراء هذا اللقاء تمثل بانتحار ثلاثة أشخاص في شهر واحد في منطقته زغرتا، ما شكل جرس إنذار مدو ومعبر".


وقال: "إن الإنتحار ليس سبيلا لوقف المعاناة بل إنه استيلاد لمعاناة أكبر وأفظع نتسبب بها للأقربين. فقد ترفع الأزمات الإجتماعية والإقتصادية نسبة الإنتحار بسبب الضغوط النفسية على من يعانون أصلا من إضطراب نفسي عابر أو مزمن، لكنها ليست السبب الرئيسي والمباشر للإنتحار. لذا فإن ربط الإنتحار بتلك الأسباب يسهم في نقل صورة غير دقيقة عنه، بل قد يكون لهذا الربط تأثير سلبي ومؤذ على المقربين من الشخص الذي حاول الإنتحار أو أتمّه وعلى الشخص نفسه الذي حاول الإنتحار وعلى المجتمع ككل".




أضاف: "ان الأشخاص الذين يمرون بظروف نفسية صعبة يحتاجون إلى الرعاية والدعم قبل أن يبلغوا حالة اليأس والإستسلام، فالناس لبعضها كما نقول بالعامية، وأجمل ما في لبنان واللبنانيين هو التضامن والتقارب وهذا نمط اجتماعي يميزنا عن بلدان أخرى".


وتابع: "مما لا شك فيه أن مقاربة موضوع الإنتحار بشكل غير دقيق في المجتمع أو عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي تفضي إلى تفاقم المشكلة وتقود إلى المزيد من حالات الإنتحار، إذ إن المفاهيم والعبارات غير الدقيقة التي تستعمل عند تغطية موضوع الإنتحار، إضافة إلى نشر الصور والفيديوهات والرسالة الأخيرة وعرض الوسيلة التي استخدمت في العملية وتصوير الإقدام على الإنتحار كأنه عمل بطولي أو ضعف في الشخصية، كلها لها آثار نفسية سلبية وخطيرة، قد تحرّض الذين لديهم أفكار إنتحارية على الإقدام على إنهاء حياتهم، كما أنها قد تسهم في تعميق أزمة من تراوده أفكار إنتحارية وتكرار حوادث الإنتحار".


وأردف: "لذلك، فإننا نعوّل على وسائل الإعلام، شريكنا الأول والأخير في التوعية ونشر الخبر الصحيح، والتعامل مع الأمر بطريقة علمية ودقيقة لتفادي الأضرار المعنوية والنفسية والجسدية".


ودعا الإعلاميين إلى "المساعدة على نشر التوعية حول الصحة النفسية وزرع الأمل لدى الذين يعانون اضطرابات نفسية"، متمنيا عليهم "الإطلاع على الدليل العلمي المخصص للإعلاميين حول المعايير العلمية للتغطية الإعلامية لمواضيع الصحة النفسية باللغتين الإنكليزية والعربية".


وأهاب بالمواطنين "توخي الدقة في تناقل الأخبار المتعلقة بالصحة النفسية وخصوصاً الإنتحار"، مؤكداً أن "الأمان والدعم هما العلاج الوحيد للإضطرابات النفسية وبدل أن نقول الإنتحار هو الحل فلنقل لكل مشكلة حل".





الأبيض

وختاماً، أكد وزير الصحة "ضرورة الإرتكاز في مسألة الإنتحار على العلم والدراسات بعيداً عن الآراء والإنطباعات"، لافتاً إلى دور الجمعيات العلمية والنقابات في هذا الأمر.


وشدد على "أهمية العمل التشاركي على غرار التعاون القائم بين وزارتي الصحة والإعلام لتحقيق النتائج المطلوبة"، مؤكدا "ضرورة أن يتعاطى الإعلام بمسؤولية تجاه مسألة الإنتحار بما يحقق الصالح العام".


وقال: "لم نأت إلى هنا لنلوم أحداً سواء المنتحر أو الإعلام. إننا نحاول أن نتفهم الظروف التي يمر بها الشخص الذي سيقدم على الإنتحار وتسليط الضوء من جهة ثانية على كيفية تعاطي الإعلام مع مسألة الإنتحار البالغة الدقة. فهذا النقاش يهدف بالدرجة الأولى إلى تعزيز حماية مجتمعنا وأهلنا".


وأثنى على "الجهود المبذولة في البرنامج الوطني للصحة النفسية بالتعاون مع الشركاء الدوليين ولا سيما منظمة الصحة العالمية والوكالة الفرنسية للتنمية لتعزيز الوقاية والتوعية حول مسألة الإنتحار". 

MISS 3