يوسف مرتضى

كارثة اقتصادية تنتظر العالم: إنهيار "أوبك +" والفيروس التاجي!؟

25 آذار 2020

03 : 30

جاءت عواقب الوباء لتفاقم الكارثة المالية والاقتصادية

مع إطلالة الربيع وسيادة الإعتدال المناخي، يبدأ الملايين من الناس على هذا الكوكب الاحتفال بالعطلة الدولية التقليدية لـعيد "النيروز" بحلول الربيع والسنة الجديدة على التقويم الشمسي الفلكي.

وحيث تتطلع البشرية إلى تحقيق السلام والهدوء على كوكبنا، جلب ربيع 2020 تحديات ومشاكل جديدة للعالم، وفي سياق عملية العولمة المستمرة، أصبحت هذه المشاكل عالمية.

سرعان ما انتشر جماح الفيروس التاجي إلى عشرات البلدان في كل قارات العالم تقريباً، وأصاب حتى كتابة هذه السطور ما يزيد عن ربع مليون شخص، وقد تجاوز عدد ضحاياه الـ 10 آلاف شخص. وبينما يحاول العلماء والعاملون الطبيون والمسؤولون والموظفون في مختلف إدارات الدول والمنظمات الدولية تنفيذ مجموعة من الإجراءات الوقائية والفعالة للحد من هذا التهديد الجديد للبشرية، تتجه الحياة على هذا الكوكب نحو التجمّد "الحجر المنزلي". وتتوقف العديد من الشركات والمؤسسات عن العمل، وتتعطل الاتصالات، وتتراجع مشتريات الهيدروكربونات، وشوارع المدن فارغة، ويتم إلغاء الأنشطة المهمة، ويقترب الوضع في العالم من الانهيار الشامل. جاءت عواقب الوباء لتفاقم الكارثة المالية والاقتصادية التي هي من صنع الإنسان، والمتمثلة بانسحاب روسيا من اتفاقية "أوبك +"، وكانت نتيجة ذلك أن انخفض سعر النفط والغاز في السوق العالمية إلى النصف تقريباً، وخسر الروبل الروسي في السعر النسبة المئوية نفسها في ما يتعلق بالعملات العالمية الرئيسية، وانخفضت اسعار البورصة الأميركية نحو 9%؜، وتوقف انتاج النفط الصخري، وان لم تتأثر أسعار العملات في البلدان الخليجية، إلا أن أسعار البورصات فيها قد تراجعت بنسب كبيرة. وعلى الرغم من أن البلدان المستوردة للنفط والغاز قد استفادت من انخفاض سعريهما مثل الصين واليابان وبلدان الإتحادالأوروبي، غير أن إقتصاداتهم تشهد تراجعاً ملحوظاً بسبب تراجع حجم التبادلات التجارية بين مختلف بلدان العالم نتيجة إغلاق الحدود بين العديد منها، وفي داخل بعضها تفادياً لانتشار الوباء.

من هذه الخلفية غير المواتية بشكل عام، يطرح سؤال طبيعي: هل ستؤدي الأزمة المالية والاقتصادية العالمية المقبلة الوشيكة ووباء الفيروس التاجي إلى انخفاض في المواجهة العسكرية السياسية بين الغرب وروسيا، وبين أميركا والصين؟ هل سيدفع التهديد المشترك لحضارتنا قادة الدول الغربية وروسيا والصين إلى توثيق التعاون في مجالات الطاقة والبيئة وغيرها من القضايا الأمنية؟ ألن يكون من الممكن إعادة تنشيط عمل مجلس الأمن الدولي من أجل إيجاد إجماع مقبول من الأطراف المعنية حول الأزمات الإقليمية الأكثر حدة (القضية الفلسطينية)؟ أليس من الممكن العودة إلى جو الثقة الذي ساد بين المنتصرين في الحرب العالمية الثانية في أيار 1945، عندما أسسوا منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، كصيغة للتعاون الدولي متقدمة على صيغة عصبة الأمم؟

لقد أظهر الاجتماع الذي عقد في ربيع عام 1945 بين القوات السوفياتية والأميركية أن جيشي هاتين الدولتين العظميين وشعبيهما مع حلفائهما يمكنها ويجب أن تواجه معاً الشر العالمي، الذي تمثّل بالماضي بالنازية، واليوم هو الفيروس التاجي، وأزمة مالية واقتصادية، وإرهاب دولي، وتهديد المخدرات، والكوارث البيئية، إلخ. إن عولمة العمليات العالمية باتت تترافق مع عولمة التهديدات للبشرية، التي لا يمكن هزيمتها من قبل دولة بمفردها مهما بلغت قدرتها، من أميركا إلى الصين وروسيا إلى الإتحاد الأوروبي، الخ... وبدلاً من الحفاظ على ترسانات الصواريخ النووية وغيرها من الأسلحة وتحسينها وزيادة عسكرة كوكبنا، نحن بحاجة إلى الجهود المشتركة لجميع البلدان والشعوب، والتحالفات والمنظمات الدولية بحثاً عن سلام دائم. الآن العالم بحاجة إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لحل النزاعات في سوريا واليمن وليبيا، وبشكل عام، في الشرق الأوسط وتحديداً إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، وكذلك في مكافحة الفيروس التاجي، وفي تحديد الأسعار العالمية ذات المنفعة المتبادلة للنفط والغاز.

لا بديل لتقارب الشعوب في مواجهة التهديدات المشتركة. إما أن تتحد البشرية أو قد تهلك... هل يحق لنا أن نحلم بصحوة ضمير عند قوى القرار في العالم بعدما فقدناها عند المنظومة الحاكمة في لبنان؟


MISS 3