جاد حداد

Savage Beauty... دراما مشوّقة من جنوب أفريقيا

29 أيار 2023

02 : 00

مع مرور الوقت، تتّضح معالم الأعمال الدرامية التي تنتجها جنوب أفريقيا، فهي تقدّم قصصاً متقنة وعميقة التفكير وشخصيات مقنعة. بعد صدور مسلسلات مثل Queen Sono (الملكة سونو)، و Blood and Water (دم وماء)، و Jiva، زادت الآمال بمشاهدة قصص درامية ذات جودة عالية. يدخل المسلسل الجنوبي الأفريقي الجديد Savage Beauty (جمال وحشي) على شبكة «نتفلكس» في الخانة نفسها. تتألف هذه الدراما من ست حلقات وتعرض قصة عن الانتقام والخيانة والنفوذ. يتمحور العمل حول «زينهل» (روزماري زيمو)، وهي شابة لها ماضٍ مضطرب وتتقاسم الأعباء مع أشقائها. يرتبط ماضيها الشائك برئيس ماركة عالمية لمستحضرات تجميل، «دون بينغو» (دوميساني إمبيبي)، وزوجته «غريس» (نثاتي موشيش). استغل هذان الزوجان الأشقاء في صغرهم وكانا مسؤولَين عن موت شقيقتهم. ترغب «زينهل» في أخذ الثأر، فتبدأ رحلة انتقامية شاقة مع شقيقها «بونغا» (مفو سيبينغ) لتدمير عالم «دون بينغو».

يبدأ المسلسل بحدث قوي ويوضح سريعاً الجوانب الدرامية المشحونة التي تنتظر المشاهدين. تثير الأحداث الفضول وتجذب الجمهور بأجوائها الغامضة حتى النهاية. تتماشى هذه العوامل مع طبيعة مسلسلات جنوب أفريقيا على أكمل وجه، أو تلك التي شاهدناها حتى الآن على الأقل. لا تقف جاذبية العمل عند هذا الحد، بل إنه يتميز أيضاً بأداء تمثيلي مقنع. تستحق الممثلة نثاتي موشيش بدور «غريس» إشادة خاصة على أدائها، فهي تقدّم شخصية الأم الشرسة والمستعدة لفعل كل ما يلزم لحماية نفسها وأولادها. تتطور شخصيتها بطريقة لافتة ويرتفع منسوب الحماس عند مشاهدتها. هي تتميز في جميع مشاهدها، وتدعمها الشخصيات الأخرى التي تشاركها تلك المشاهد. يتخذ العمل منحىً مشوقاً بفضل طاقمه التمثيلي القوي الذي ينجح في إشراك المشاهدين في رحلة «زينهل» الانتقامية. لكن لا تتمتع الممثلة روزماري زيمو، التي تقدم دور البطلة الرئيسية، بحضور قوي بقدر نثاتي موشيش أو دوميساني إمبيبي. باستثناء الخطط التي تضعها «زينهل» لإعاقة نجاح إمبراطورية «بينغو»، قد يفضّل المشاهدون رؤية الشخصيات الأخرى بعد فترة من المشاهدة.

يتطرق المسلسل إلى مواضيع مهمة مثل النقاش المرتبط بمعايير الجمال العامة والبشرة السوداء. تواجه شركة مستحضرات التجميل التابعة لعائلة «بينغو» ردة فعل عنيفة لأنها تلجأ دوماً إلى عارضات بشرتهنّ فاتحة اللون للترويج للماركة، لكن سرعان ما تظهر «زينهل» التي ترمز إلى جمال السود. هذا الحدث يطرح سؤالاً جدّياً: هل تُجرّد البشرة الفاتحة الناس من هويتهم الأفريقية؟ يستعمل صانع المسلسل، ليبوغانغ موغاشوا، طريقة غير مباشرة لدفع المشاهدين إلى التفكير بما كانوا ليفعلوه في خضم سعيهم إلى اكتساب السلطة. يصوّر العمل أيضاً الشرخ الواسع بين الأغنياء والفقراء بأسلوب مميز وحيوي، ويؤكد على إمكانية محو الجرائم بالكامل بفضل الامتيازات والثروات التي يتمتع بها الأغنياء.

تبدو الحبكة متماسكة ومدروسة وقد تجعل المشاهدين يفكرون باحتمال أن تستغل شركات كثيرة الضعفاء والمنسيين لتحقيق مصالحها، كما تفعل شركة «بينغو» في هذه القصة. لكن لا يكتفي المسلسل باستعمال رحلة «زينهل» الانتقامية لتحريك الحبكة، بل إنه يضيف حبكات فرعية ذات طابع رومانسي وعاطفي لزيادة منسوب التشويق. تنتهي الحلقة الأخيرة بحدث مشوّق، وستكون عناصر العمل المثيرة ومكائده الذكية كافية لجعله يستحق الانتظار.


MISS 3