"فرحة" ذكرى غزو القسطنطينيّة تمتزج بانتصار "السلطان"

أردوغان يواجه إنقسامات عميقة وأزمة إقتصاديّة في تركيا

02 : 00

خلال إقامة صلاة الفجر داخل كاتدرائيّة آيا صوفيا أمس (تويتر)

بعد فوزه في جولة إعادة تاريخية بولاية جديدة تُمدّد حكمه المستمرّ منذ عقدَين حتّى العام 2028، يواجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مهمّة صعبة تتمثّل بتوحيد بلاده التي تشهد انقسامات عميقة، فضلاً عن إنقاذ الاقتصاد المتدهور، فيما شهدت صلاة الفجر في كاتدرائيّة آيا صوفيا في اسطنبول التي حوّلها أردوغان من متحف إلى مسجد، إقبالاً كثيفاً مع ذكرى غزو القسطنطينيّة، حيث امتزجت فرحة الإسلاميين بذكرى سقوط المدينة بيد السلطان العثماني محمد الثاني مع انتصار «السلطان» أردوغان بمعركة الرئاسة.

ورغم قوة ائتلاف المعارضة والأزمة الاقتصادية الخانقة والغضب الشعبي الواسع النطاق عقب زلزال شباط التاريخي، نجح الزعيم التركي الذي قضى أطول فترة في الحكم في هزم منافسه العلماني كمال كليتشدار أوغلو في الدورة الثانية من الانتخابات الأحد. لكنّ الفارق البالغ 4 نقاط كان الأقلّ الذي يُحقّقه أردوغان في أي انتخابات، ما يؤكّد الاستقطاب الذي سيواجهه الرئيس المحافظ ذو الخلفية الإسلامية في ولايته الرئاسية الثالثة والأخيرة.

وحاول أردوغان (69 عاماً) تبنّي نبرة تصالحية خلال خطابه في مناسبة انتصاره بالمعركة الرئاسية أمام الآلاف من أنصاره الذين احتشدوا خارج القصر الرئاسي في أنقرة، داعياً الأتراك إلى «الاتحاد والتضامن». أمّا كليتشدار أوغلو فتعهّد «مواصلة الكفاح» ضدّ أردوغان وحزبه «العدالة والتنمية» الذي هيمن على المشهد السياسي التركي منذ العام 2002.

وفي هذا الإطار، قال الأكاديمي بورا إييمايا لوكالة «فرانس برس» في اسطنبول: «علّمتنا الأجيال السابقة أن نُكافح... لن نخسر أو نفقد الأمل في هذا البلد بسبب انتخابات واحدة... سنُقاوم ونُقاتل حتّى النهاية»، في حين أكد إمره بركر من مجموعة أوراسيا الاستشارية أنه بعدما حشد ائتلافاً ضمّ ناخبين قوميين ومحافظين ومتديّنين، «سيؤكّد (أردوغان) على سياساته الشعبوية»، معتبراً أن «الاستقطاب السياسي موجود وسيبقى».

ويعدّ التخفيف من حدّة أسوأ أزمة اقتصادية تعصف بتركيا منذ تسعينات القرن الماضي، من أبرز أولويات أردوغان. ويُشير محلّلون إلى أن تعهّدات أردوغان خلال حملته زيادة الإنفاق وتمسّكه بمعدّلات الفائدة المنخفضة ستُفاقم الضغط على احتياطات البنوك من العملات والليرة التي تراجعت مقابل الدولار أمس.

واعتبر محلّل الأسواق لدى شركة «كونوتوكسيا» بارتوش ساويكي أن الآمال في «التخلّي عن نموذج اقتصادي مجنون وغير تقليدي والعودة إلى ما يصبّ في مصلحة المستثمرين الدوليين تعرّضت إلى خيبة». كما رأى تيموثي آش من «بلو باي لإدارة الأصول» أن «النموذج الحالي غير قابل للاستدامة»، مشيراً إلى عشرات مليارات الدولارات التي ضخّها المصرف المركزي لدعم الليرة، فيما حذّر من أنه في حال رفض أردوغان التراجع عن موقفه حيال معدّلات الفائدة والتخلّي عن الليرة، «فقد يُصبح الوضع سيّئاً».

وما زالت جهود إعادة الإعمار في جنوب شرق تركيا في مراحلها الأولى بعد زلزال شباط الذي أودى بأكثر من 50 ألف شخص ودمّر البنى التحتية ومصادر رزق العديد من الأشخاص. وقُدّرت كلفة الأضرار بأكثر من 100 مليار دولار.

وعلى صعيد السياسة الخارجية، ينتظر شركاء تركيا في حلف الناتو موافقتها على طلب السويد الانضمام إلى التحالف الدفاعي الذي تقوده واشنطن، بعدما عرقل أردوغان المسعى متّهماً ستوكهولم بإيواء شخصيات كردية معارضة. وقال غالب دالاي من معهد «تشاتام هاوس»: «5 سنوات جديدة في ظلّ حكم أردوغان تعني المزيد من الموازنة السياسية بين روسيا والغرب». وأضاف: «ستنخرط تركيا والغرب في تعاون براغماتي أينما أملت المصالح ذلك»، لكنّ أنقرة لن تنضمّ إلى العقوبات الغربية على موسكو ردّاً على حرب أوكرانيا، وستسعى إلى علاقات مربحة اقتصاديّاً.