طوني فرنسيس

الكورونا كغطاء لمعارك الاستئثار والمحاصصة

28 آذار 2020

02 : 50

لم يتمكن فارس المرحلة، "فيروس كورونا" من محاصرة "فيروس المحاصصة" الذي ينخر الطاقم السياسي الجاثم على رأس السلطة اليوم، منفرداً فيها، بعد ان كان على مدى سنوات "الوحدة الوطنية" السابقة، شريكاً الى جانب نصفه الآخر، في المناكفة والمناطحة وصولاً الى المحاصصة.

كان يفترض بهول الهجوم الوبائي ان يصقل حداً ادنى من الوحدة الصلبة بين أطراف الحكم الثلاثة ومتفرقاتهم، فيتقدمون من الشعب اللبناني في زي قيادة مسؤولة تنظر الى البعيد وتخطط لحصر الوباء واستنهاض طاقات الشعب للاستفادة منها في اعادة بناء الهيكل الذي هدمه أهل الحكم على اللبنانيين بعد أن أمعنوا فيه فساداً وسرقة ونهباً.

نعم كان يمكن جعل كارثة الوباء فرصة لفتح نوافذ جديدة للخلاص، لكن شيئاً من ذلك لم يحصل، فتكررت الحسابات الضيقة في التعاطي مع شروط المكافحة. وهكذا أُبقي المطار مفتوحاً امام طائرات تنقل الوباء من طهران وشُرّع امام طائرات موبوءة من إيطاليا في صيغة 6 و6 مكرر ستساوي اللبنانيين في العدوى وتفيض عنهم. وأسفر ذلك عن تأخير التدابير التالية التي ستعلن لاحقاً تحت عنوان التعبئة العامة، الذي كان الامام الخامنئي سبق واستعمله في طهران قبل ساعات قليلة.

لم تصل التدابير حد إعلان حالة الطوارئ، فالقوى المهيمنة في الحكومة لم تسمح بها. الا ان هذه القوى تحركت فجأة عندما بدأ بحث التعيينات، من دون ان تتحدث إحداها مباشرة عن الموضوع، باستثناء رئيس "المردة" سليمان فرنجية الذي أثار المسألة كما هي ليكشف سلفاً ما سيتخذه حليفاه في "الثنائي" من خطوات ومناورات. لم يتحدث الرئيس نبيه بري عن حاكمية المصرف المركزي، لكنه طالب بإعلان حال الطوارئ، المتهم حليفه "حزب الله" برفضها، وبعدها استفاق على المغتربين اللبنانيين خصوصاً في أفريقيا... وبالطبع لكل لبناني الحق بالعودة الى بلده وبدعم حكومته لهذه الغاية، لكن لماذا تأخر الحديث عن الموضوع الى الآن، ولم يُفتح في عصر الطائرات الايرانية والطليانية "والعرائسية"؟ او قبل التدابير الاخيرة التي قضت بإقفال المطار فيما كانت مطارات العالم تتخذ تدابير مماثلة؟

اثارة "الثنائي" المحقة في المبدأ، المشكوك بها في الغايات، تشبه اثارة أطراف أخرى تتوسل تهويشاً مذهبياً في زمن الكورونا لتحقيق غايات مماثلة.

تستعمل الـ "جائحة" غطاء لتقاسم جديد في ما تبقى من هيكل الدولة، وفيما يفتح الشركاء معاركهم الهامشية، ينتظرون ما سيقوله مرشد الحكم وهو لن يبخل بشروحاته للمرحلة، انطلاقاً من ضرورة هزم الكورونا العدو الأول.


MISS 3