رواد مسلم

أوكرانيا تفرض معادلة جديدة: موسكو مقابل كييف!

1 حزيران 2023

02 : 00

من آثار الهجمات المسيّرة على موسكو الثلثاء (أ ف ب)

تتخذ الحرب الروسية - الأوكرانية منعطفاً خطراً مع وصول التهديد الأمني والعسكري إلى قلب العاصمة الروسية، حيث بات واضحاً أن أوكرانيا تفرض معادلة «موسكو مقابل كييف»، فبالرغم من نفي أوكرانيا علاقتها بالمسيّرات، فقد أتى الهجوم على موسكو بعد استهداف ضخم لكييف بمسيّرات «شاهد» وصواريخ «إسكندر» الروسية.

هدف أوكرانيا من الهجوم على موسكو، إبراز قدرتها على الردّ بالمثل قبل إنطلاق الهجوم المضاد المرتقب، فإنّ ضرب روسيا لكييف يمثّل ضرب مركز الثقل الإستراتيجي، فالعاصمة هي مركز القرار السياسي والعسكري والتجاري.

وهدف موسكو من استهداف كييف بوتيرة عالية هو استنزاف قدرة الدفاعات الجوية الأوكرانية، خصوصاً أن كلفة مسيّرات «شاهد» الإنتحارية الإيرانية أقل بكثير من الصواريخ البعيدة المدى مثل «كينجال» الفرط صوتي و»إسكندر» اللذين يطلقهما الجيش الروسي لاستهداف أنظمة الدفاع الجوّي الأوكراني المقدّمة من الغرب المتمركزة في محيط كييف كـ»باتريوت» الأميركية و»ناسماز» الألمانية وتدميرها أو تعطيلها على الأقل، وتبلغ قيمة كل صاروخ دفاع جوّي من «باتريوت» 4 ملايين دولار مقابل بضعة آلاف كلفة المسيّرة «شاهد 136».

إنّها المرّة الثانية خلال شهر واحد تُستهدف فيه موسكو بالطائرات المسيّرة، ففي المرّة الأولى أسقط الجيش الروسي مسيّرتان فوق الكرملين دون وقوع إصابات، وكانتا مجهولتي المصدر. أمّا في المرّة الثانية، فلم تستطع الدفاعات الجوية الروسية إسقاط جميع المسيّرات، فقد تمّ استهداف مبان سكنيّة ومقرات رسمية في العاصمة موسكو، حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها رصدت 32 مسيّرة أوكرانية من طراز «يو جي 22» فوق موسكو.

الطائرات «يو جي 22» التي استَهدفت موسكو، طائرات أوكرانية الصنع لديها مواصفات خاصة، فهي تسير بسرعة 150 كلم/ساعة، وتطير لمدّة 6 ساعات، على ارتفاع أقصى يبلغ 5 آلاف متر، يُضاف إلى ذلك أن مداها الأقصى يصل إلى 800 كلم وقادرة على حمل 20 كيلوغراماً من المتفجرات، وتعمل في كافة الظروف الجوية.

يُحاول الطرف الأوكراني من خلال «يو جي 22» أن يُحذّر روسيا من التصعيد الضخم على كييف، فذراع أوكرانيا يُمكنها الوصول إلى موسكو، بالرغم من عدم وجود صواريخ بعيدة المدى لدى الجيش الأوكراني، فأبعد صاروخ باليستي هو «ستورم شادو» ويصل مداه إلى 250 كلم، ما يُحيّد موسكو من الاستهداف، فتبقى «يو جي 22» الوسيلة الوحيدة للرّد بالمثل. وقد وظّفها الجيش الأوكراني لتكون إنتحارية، فأقرب منطقة أوكرانية تبعد عن موسكو 550 كلم، ما يؤكد أنها لن تستطيع العودة إلى قاعدة الإنطلاق ما لم يتمّ تزويدها بالوقود.

تعتمد أوكرانيا على المسيّرة «يو جي 22» وحدها لإستهداف موسكو، لعدم إحراج دول الناتو، خصوصاً تركيا التي قدّمت لأوكرانيا المسيّرة «بيرقدار» والولايات المتحدة التي قدّمت العديد من المسيّرات. وتأمل أوكرانيا في أن يُقلّل هذا الهجوم على موسكو من الهجمات الصاروخية على كييف لعدم استنزاف مخزونها من الصواريخ المضادة.

يبقى مخزون أوكرانيا من الصواريخ من أهمّ العوامل التي تعمل روسيا على استنزافها، فلن تستطيع أوكرانيا شنّ هجومها المضاد إذا لم تكن تمتلك مخزوناً هائلاً من صواريخ الدفاع الجوّي، وليس معروفاً مثلاً كمية صواريخ «باتريوت» التي قدّمتها الولايات المتحدّة، لكن المعلوم أنها باهظة الثمن ولن تستطيع تقديم الكميات الكافية لحماية الأجواء الأوكرانية بالكامل إذا أتى الردّ الروسي الجوّي على الهجوم المضاد كثيفاً وفي اتجاهات متعدّدة وعلى أهداف حساسة عديدة. فإلى جانب الحرب العسكرية هناك حرب إقتصادية تُحاول روسيا شنّها على الدول التي تُقدّم الذخائر لأوكرانيا.


MISS 3