محمد دهشة

إحياء الذكرى السنوية الرابعة والعشرين لاغتيال القضاة الأربعة في صيدا

سهيل عبود: لا قضاء بلا وصول إلى الحقيقة والعدالة بانفجار مرفأ بيروت

8 حزيران 2023

16 : 16

تحوّلت الذكرى السنوية الرابعة والعشرين لاغتيال القضاة الأربعة في صيدا، إلى مناسبة لرفع الصوت عاليا حول دولة القانون وحالة القضاء وأوضاع العدالة والتي عبرها عنها رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود بتأكيده أن لا قضاء بلا تفتيش قضائي أو بلا تشكيلات أو انتدابات أو الحاقات قضائية مبنية على معايير موضوعية، وليس على محاصصات أو ارتهانات أو تدخلات... ولا قضاء بلا وصول إلى الحقيقة والعدالة في قضية انفجار مرفأ بيروت.


وجريمة القضاة الأربعة، وقعت على قوس المحكمة داخل قصر العدل القديم في صيدا في 8 حزيران العام 1999 واستهدفت رئيس وأعضاء هيئة محكمة الجنايات لبنان الجنوبي الشهداء "حسن عثمان ووليد هرموش وعماد شهاب وعصام أبو ضاهر"، وأصدر المجلس العدلي، في 5 تشرين الأول 2019 حكماً بإنزال عقوبة الإعدام بحق أحمد عبد الكريم السعدي الملقب أبو محجن وأربعة من رفاقه ومحاكمتهم غيابياً لتواريهم عن الأنظار في مخيم عين الحلوة.


وإحياء ذكرى القضاة الأربعة الذين قضوا في جريمة غير مسبوقة في لبنان، إضافة إلى الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت في 4 آب 2021، وضع القضاء اللبناني أمام تحديات قال عنها عبود: "إنَّ دولةَ القانونْ والحقْ والعدالةْ تتلازمُ مع قضاءٍ حرٍّ ومستقلٍ وفاعل، فأين نحنُ منها، وكيفَ السبيلُ إليها! رد "الجوابُ واضحٌ وقاطعٌ كاليقين، وخلاصتُه الآتي:لا قضاءَ، بلا قانونٍ يَضمَنُ استقلاليتَهُ، ولا قضاءَ بلا مجلسٍ أعلى للقضاءْ مكتملٍ وموحدٍ ومنسجمْ، ليكونَ قادراً على تسييرِ شؤونِهِ وتحمُّلِ مسؤوليةِ قراراتِه، بعيداً من أيّ تدخلاتٍ أو تأثيراتْ، فيُسألُ حينَها عن أي خللٍ في دورِه، وعن أيِ إخلالٍ بموجباتِهِ، ولا قضاءَ بلا تفتيشٍ قضائيٍ مبادرٍ وفاعل، ولا قضاءَ بلا تشكيلاتٍ أو انتداباتٍ أو الحاقات قضائيةْ مبنية على معاييرَ موضوعيةٍ، وليس على محاصصاتٍ أو ارتهاناتٍ أو تدخلاتْ".


أضاف عبود: "ولا قضاءَ بلا هيئةٍ عامةٍ لمحكمةِ التمييزْ، قادرةٍ على تأمين ِاستمراريةِ مهامها عَبرَ اتخاذ القراراتِ الواجبةِ، وفقَ قواعدِ الاجتماعِ والنصابِ المفترضَين والمتوافرَين، ولا قضاءَ بلا وصولٍ الى الحقيقةِ والعدالةِ في قضية انفجار مرفأ بيروت، كما لا قضاءَ بلا ملاحقةِ من يقتضي تجريمُه في ملفاتِ الفسادِ وهدرِ المالِ العامْ واستعادةِ الأموال، بِمعزِلٍ عن أي استنسابيةٍ، لتطالَ الملاحقاتُ جميعَ المرتكبين والفاعلين دونَ ايِ تمييزٍ أو حمايةْ، ولا قضاءَ ايضاً بلا تأمينِ الواجبِ لقصورِ العدل، وبلا رواتبَ ومخصصاتٍ عادلةٍ للقضاةِ ومساعديهم، فتتحقق العدالةُ لمن يُفتَرَضْ فيهمْ تحقيقُ العدالةْ".

عبود الذي بدأ متأثرا، تبادل الحديث ووزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري مع أهالي الشهداء الأربعة الذين شاركوا في إحياء الذكرى في قصر العدل الجديد في صيدا، بحضور أعضاء مجلس القضاء الأعلى، ورئيسة هيئة التفتيش القضائي بالإنابة القاضي سمر السواح، النائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي رهيف رمضان، والرئيس الأول الاستئنافي بالتكليف في الجنوب القاضي ماجد مزيحم، ونقيب المحامين في بيروت ناضر كسبار، ممثل نقابة المحامين في صيدا المحامي أُسامة ابوظهر، وعائلات شهداء القضاء، وقضاة ومحامين ومساعدين قضائيين.


وقال خوري: "إذا كان إحياء الذكرى السنوية لإستشهاد الزملاء الأربعة هو أقل واجب علينا تجاههم، وإذا كانت محاكمة المتهمين وصدور القرار النهائي بحقهم عن المجلس العدلي هو جزء من حق عائلاتهم على القضاء، وإذا كان تنفيذ هذا القرار وتوقيف المحكومين هو الحدث الأهم الذي ننتظره ونتمنى تحقيقه في القريب العاجل، فإن التبصر والاعتبار من هذه الجريمة هو أصغر درجات الوفاء منا لمسيرتهم، وسأل "فكيف لا نعتبر؟ وقد علمنا استشهادهم ألا نخاف في عملنا إلا من الله وضميرنا! وأن العطاء قد يكون عطاء الذات والروح وليس فقط العطاء من الذات! كيف لا نعتبر؟ وقد كان اغتيالهم مثلٌ حي للشهادة في سبيل الله الحق والحكم! وقد علمنا استشهادهم أن القتل هو نقيضٌ لله والدين".


واستذكر النقيب كسبار شهيد قصر عدل زحلة القاضي قبلان كسبار، وصولا إلى القضاة الأربعة، قضاة خطوا بدمائهم ملاحم بالعزة والكرامة والعنفوان، مخاطبا القضاة "نكرم اليوم شهداءنا القضاة بالتعاضد في ما بينكم وبالتشديد على أن مجلس القضاء الأعلى هو الذي يمثل القضاة وهو الذي يتكلم باسمهم فقط، نكرمهم القضاة بالعمل اليومي الدؤوب دون الالتفات إلى الظروف المعيشية الصعبة وتخطيها بقوة وشجاعة، نكرمهم بإصدار الأحكام والقرارات وإعطاء كل ذي حق حقه، ومعاقبة المرتكبين والمجرمين وإعادة الحقوق إلى أصحابها ومنها أموال المودعين وكشف حقيقة من ارتكب جريمة المرفأ نكرم شهداءنا القضاة بالحفاظ على القسم واتباع موجب التحفظ والحفاظ على المنافسة".


وفي الختام وضع على النصب التذكاري للشهداء أربعة أكاليل من الزهر باسم الوزير خوري وعبود وكسبار وأبوظهر باسم نقابة المحامين في صيدا وإكليل وضعه الشهيد الحي المحامي سالم سليم الذي نجا من محاولة الاغتيال.

MISS 3