"كورونا" يأسر نصف سكّان الأرض في منازلهم

عدّاد الوفيات... أميركا وفرنسا تتخطّيان الصين وإيطاليا في الصدارة

02 : 15

رسالة من شواطئ غزة إلى العالم... (أ ف ب)

لا يزال "عدو الشعوب" وباء "كورونا المستجدّ" يجعل من تحطيم الأرقام القياسيّة في متناول الدول الموبوءة، إذ تخطّت بالأمس كلّ من الولايات المتحدة وفرنسا، دولة المنشأ للفيروس القاتل أي الصين بعدد الوفيات، لتُسجّلا توالياً 3580 و3523 حالة وفاة، علماً أن الحصيلة في الصين بلغت 3309 وفيات. لكن تبقى الصدارة في أرقام الوفيات لإيطاليا التي لامست الـ12500 تليها إسبانيا مع 8269 حالة وفاة. ووصل عدد الإصابات المؤكدة في الولايات المتحدة إلى نحو 180800، أي أعلى من أي دولة أخرى في العالم. وإيطاليا هي الثانية من حيث عدد الإصابات الذي بلغ 105 آلاف و792، ثمّ إسبانيا (94417) والصين (82278). وأحصت ألمانيا نحو 71000 إصابة و682 وفاة، فيما سجّلت فرنسا 45232 إصابة.

وبالحديث عن تحطيم الأرقام القياسيّة، سجّلت إسبانيا رقماً قياسيّاً جديداً في عدد الضحايا مع 849 وفاة خلال 24 ساعة الثلثاء، ما يُبدّد الآمال من احتمال أن تكون قد تجاوزت ذروة الأزمة التي تشلّ البلاد منذ أسابيع، في وقت توقّعت وكالة الأدوية الأوروبّية التابعة للاتحاد الأوروبي أن يستغرق التوصّل إلى لقاح للفيروس عاماً ليُصبح جاهزاً ومتوافراً بكمّيات كافية للاستخدام على نطاق واسع.

في الأثناء، اتّسعت رقعة إجراءات العزل في كافة أنحاء العالم لتُبقي نحو نصف سكّان الأرض معزولين في منازلهم، بهدف احتواء الوباء الذي أودى بحياة أكثر من 41 ألف شخص حول العالم وسط أزمة صحّية تضرب الاقتصاد العالمي وتؤثر على الحياة اليوميّة لقرابة 3.8 مليارات شخص، بينما أفادت دراسة حديثة أعدّتها كليّة "إمبيريال كولدج" في لندن بأنّ تدابير الاحتواء الصارمة أنقذت حياة ما يصل إلى 59 ألف شخص في 11 بلداً أوروبّياً.

وفي مشاهد لم يكن أحد يتصوّرها في زمن السلم، تشهد مدينة نيويورك الأميركيّة إقامة مستشفى ميداني في حديقة "سنترال بارك"، كما وصلت إلى المدينة سفينة طبّية عسكريّة أميركيّة على متنها 1000 سرير إلى مانهاتن، لتخفيف الضغط عن النظام الصحّي المنهك. وتشهد مراكز توزيع المواد الغذائيّة في المدينة تدفّق عدد متزايد من الأشخاص الذين خسروا مداخيلهم مع إغلاق العاصمة الماليّة العالميّة. وانضمّت ماريلاند إلى فرجينيا وواشنطن دي.سي في إصدار أوامر للسكّان بالتزام منازلهم، لتشمل إجراءات العزل نحو 75 في المئة من الأميركيين.

وسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تطمين المواطنين، مشيراً إلى أن السلطات تُكثّف توزيع المعدّات الضروريّة على غرار أجهزة التنفّس الاصطناعي ووسائل الوقاية الشخصيّة. لكنّه حذّر كذلك من "الأوقات الصعبة المقبلة خلال الأيّام الثلاثين القادمة". وأقرّ أيضاً باحتمال صدور أمر لجميع سكّان البلاد بالبقاء في منازلهم، وقال في هذا الإطار: "نُخاطر بكلّ شيء نوعاً ما"، مشبّهاً جهود احتواء الوباء بـ"الحرب".

وفي المملكة المتحدة، أشاد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون باستجابة المجتمع لأزمة "كورونا المستجدّ"، فقد أغدق الثناء على المجتمع البريطاني بعد أن تداعى نحو 750 ألف شخص إلى تلبية الدعوة للمساعدة في دعم نظام الصحّة الوطني، وكذلك مساعدة كبار السن والفئات الضعيفة من المجتمع التي تلتزم بالعزل الذاتي، إذ عاد 20 ألفاً من الأطباء والممرّضات المتقاعدين ومختصّي الرعاية الصحّية السابقين إلى المساعدة على الخطوط الطبّية الأماميّة، مع انتشار الفيروس الذي أودى بحياة نحو 1790 مريضاً وأصاب 25150.

أمّا في بلاد القياصرة، فقد توسّع نطاق إجراءات عزل السكّان لمكافحة انتشار الفيروس الخطر ليشمل عشرات المناطق، فيما سارع النوّاب الروس من جهتهم إلى إقرار عقوبات مشدّدة أكثر في حال مخالفة التوجيهات الصحّية. وشملت الاجراءات أبرز المراكز المدنية، مثل موسكو وسان بطرسبورغ، فيما سجّلت البلاد 2337 إصابة مؤكدة و17 حالة وفاة.

من جانب آخر، أفادت وكالتا "انترفاكس" والتلفزيون الرسمي الروسي بأنّ رئيس أطباء مستشفى موسكو الرئيسي لمعالجة المصابين بـ"كوفيد-19" دينيس بروتسنكو أُصيب بالوباء، وهو كان قد التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي، في وقت سارع المتحدّث باسم الكرملين إلى التأكيد أن الرئيس الروسي يُجري فحوصاً مخبريّة دوريّة و"كلّها طبيعيّة". كما أوضح أن روسيا ستُرسل طائرة محمّلة بالمساعدات الطبّية إلى الولايات المتحدة، وذلك بعد اتصال هاتفي بين الرئيسَيْن الأميركي والروسي.

وفي الشرق الأوسط، دعا وزير الحج والعمرة السعودي المسلمين إلى التريّث في إبرام عقود متعلّقة بالحج والعمرة بسبب تفشّي الوباء، في حين لم تُعلن المملكة حتّى الآن عن قرار يتعلّق بموسم الحج في تموز المقبل. وسجّلت السعوديّة 1563 إصابة بالفيروس و10 وفيات.

تزامناً، وافقت لجنة برلمانيّة إسرائيليّة على أن تتولّى أجهزة الاستخبارات جمع معلومات شخصيّة عن المواطنين، في اجراء لجأت إليه السلطات في إطار مكافحة فيروس "كورونا المستجدّ"، بينما بلغت حصيلة الوفيات في البلاد 20 حالة مع تأكيد إصابة نحو 5360 شخصاً.

اقتصاديّاً، تعهّد وزراء مال وحكّام المصارف المركزيّة في دول "مجموعة العشرين" باتخاذ تدابير لدعم الاقتصاد العالمي ومعالجة مخاطر مواطن الضعف في الدين العام للدول ذات الدخل المنخفض في مواجهة جائحة "كورونا". ورحّب المشاركون أيضاً بـ"استعداد مجموعة البنك الدولي تقديم دعم ماليٍ يصل إلى 160 مليار دولار على مدى الأشهر الخمسة عشر المقبلة لدعم الدول الأعضاء"، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء السعوديّة.

كذلك، حذّر رئيس مجموعة اليورو ماريو سنتينو وزراء المال الأوروبّيين من خطر "تفكّك" منطقة اليورو نتيجة وباء "كوفيد-19"، وذلك في رسالة اطّلعت عليها وكالة "فرانس برس". وكتب سنتينو الذي يتولّى أيضاً حقيبة المال في البرتغال: "لا شك في أنّنا سنخرج جميعاً من الأزمة مثقلين بديون أكبر بكثير"، مضيفاً: "لكن هذا التأثير وتداعياته الطويلة يجب ألّا يُصبح مصدر تفكّك".


MISS 3