"ما حدا بيقدر يلغي حدا"

الحلّ بالحوار... بوصعب: بالتحدّي لا يمكن انتخاب رئيس

17 : 36

رعى نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب العشاء السنوي للرابطة اللبنانية للروم الأرثوذكس في فندق فينيسيا، بدعوةٍ من رئيسها الدكتور صلاح رستم بحضور المطران موسي سلوان ممثلاً البطريرك يوحنا العاشر اليازجي بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس وعدد من الوزراء والنواب والسفراء وشخصيات سياسية ونقابية واجتماعية وإعلامية.


وألقى بوصعب كلمة استهلها بشكر المنظمين والداعين والحاضرين وقال: "الدستور اللبناني يفرض انتخاب رئيس جمهورية على أساس وطني، ومعروف عن الأرثوذكسيين أنهم طائفة اللاطائفيين وهذا ما نعتز به نحن الأرثوذكسيين".


وتابع: "عقيدة الرابطة هي الأرض والعمل والعلمنة والمستقبل. ومن هنا سأركز في كلمتي على موضوع العلمنة، لأن الأزمة التي نمرّ بها في لبنان سببها الرئيسي هو التكوين الطائفي الذي على أساسه يحاول الجميع الاختباء في عباءة طائفته حتى بفسادهم، وأنا أتحدث عن هذا الموضوع من منطلق خبرة عشتها في المواقع التي تسلمتها، فإذا أردت محاسبة فاسد أو مرتكب أول ما يقوم به هذا المتهم يذهب إلى مرجعيته الدينية أو السياسية للاحتماء بها، علينا كلنا أن يعرف أن المذهبية والطائفية هي سبب العلل والأزمات في بلدنا، وآمل أن تكون القناعة التي لدينا نحن أبناء طائفة اللاطائفيين أن تكون طائفتنا هي التي تعمل للوصول الى الدولة العلمانية المدنية، التي هي المخرج الوحيد لخروج لبنان من أزماته".


وتابع بوصعب كلمته متحدّثاً عن الأوضاع الصعبة التي يمرّ بها لبنان لا سيما في ظل الشغور الرئاسي والانهيار المالي والاقتصادي، فقال: "التحديات التي يمرّ بها لبنان ليست سهلة أبداً والتغييرات المطلوبة لإنقاذ وطننا كبيرة وكبيرة جداً لأن الكل في مواجهة الكل وذلك بسبب وجود عدة أحزاب وعدة طوائف واختلافات حتى لدى الفريق الواحد. إننا نفتقد في لبنان الى النضوج السياسي. وكما قال يوماً دولة الرئيس سليم الحص، في لبنان يوجد كثير من الحرية ولكن قليل من الديمقراطية. هناك فرق بين الحرية والديمقراطية، الحرية للأسف بالمفهوم الذي لدينا هو شتم الآخر ومن دون سبب. الحرية يجب أن تكون ديمقراطية فعلية. أي حريتك تقف عند عدم الاعتداء على الآخر، هذا ما نفتقده في العمل السياسي في لبنان. نحن بحاجة إلى إعادة تثقيف وجهودنا يجب أن تصب في هذا الاتجاه، اتجاه الثقافة السياسية الحقة، في مجتمعاتنا وجامعاتنا ومدارسنا، هذه الثقافة تربّي أجيال الغد، والأجيال التي لم تولد بعد على الصدق والنزاهة والحرية والديمقراطية الحقة والصحيحة، وهذه القيم الثقافية توصل لبنان إلى دولة مستقرة ومزدهرة".


أضاف: "التغيير بدأ حتى ولو بوتيرة بطيئة ولكننا سائرون بالطريق الصحيح وإذا استمرينا بهذه المسيرة، وإن لم نستطع بناء لبنان الذي نريده، أولادنا سيبنوه، والتحديات التي نواجهها اليوم كثيرة وكبيرة، النزوح السوري والأزمة الاقتصادية وانتخاب رئيس جمهورية".



بالنسبة إلى موضوع النزوح السوري، قال بوصعب: "نحن من الذين عليهم الوقوف إلى جانب شعب يهرب من حرب، كما فتحت سوريا أبوابها واستقبلت اللبنانيين في زمن الاجتياح الإسرائيلي وفي أوقات أخرى خلال الحروب التي مرّ بها لبنان، لبنان فتح أبوابه للسوريين ولكن بعد وقف الحرب في سوريا قضية النزوح يجب أن تُحل لأنها تؤثّر سلباً على لبنان إقتصادياً وإجتماعياً وصحياً وتربوياً. أربعون بالمئة من خسائر لبنان هي بسبب النزوح السوري الى لبنان. الكهرباء، المياه، الصحة، المدارس، المواد الغذائية المدعومة والدواء المدعوم. لدينا إقتصادان في لبنان وليس إقتصاد واحد. بالتالي فإن المجتمع الدولي وتحت عنوان حقوق الإنسان يمنع حل المشكلة. الموضوع اليوم اختلف عن السابق وهناك اجماع بين اللبنانيين أن هذه الملف يجب معالجته لنستطيع الخروج من أزمتنا الإقتصادية أو لنقل بداية الخروج منها، ولتحقيق الإصلاحات المطلوبة ومكافحة الفساد ومحاربته والقوانين التي يجب إقرارها والإتفاق مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وانتخاب رئيس جمهورية وتشكيل الحكومة لمواكبة كل إصلاح واستقرار".


ووجّه تحية تقدير الى الوزير السابق نقولا نحاس لمواكبته الدائمة لكل هذه الملفات "وكأنه ما زال وزيراً أو نائباً. ونحن أمام أسبوع حاسم لإقرار قانون الشيخوخة الذي عمل معاليه عليه بمواظبة، وهذا القانون سيصنع فرقاً للمواطن اللبناني. نعم علينا الإعتراف أن هناك مسؤولين يحبون بلدهم ويعملون لخيره ولخير أبنائه".


بالنسبة لموضوع صندوق النقد الدولي اعتبر بو صعب انه "يجب الوصول إلى خواتيمه السعيدة، ليس لأننا بحاجة إلى أربعة أو خمسة مليارات دولار ولكن من أجل استعادة الثقة الدولية والمجتمع الدولي بلبنان. وإذا عادت الثقة فاللبنانيون قادرون على انعاش اقتصاد بلدهم ولإعطاء الثقة بالمصارف وللإستثمار في لبنان، وهذا يتطلب أولاً انتخاب رئيس جمهورية وحكومة وإصلاحات. والعقبة الوحيدة اليوم هي غياب رأس السلطة. وما دام لا رئيس الجمهورية لدينا، لا يمكن لنا البدء بخارطة الطريق للإنقاذ. ونطلب من صندوق النقد الدولي اليوم إعطاءنا المال المطلوب لإستجرار الغاز من مصر الى حين إنهاء أزمة الكهرباء".


وفي موضوع رئاسة الجمهورية، قال: "الأزمة ليست سهلة، واليوم أزمتنا هي أكبر من التي كنّا فيها قبل، الأربعاء المقبل هناك جلسة لانتخاب رئيس، ولكن هذه الجلسة لا يتوقع أحد أن تنتهي بانتخاب رئيس. لماذا؟ لأنه بالتحدي لا يمكن لأحد انتخاب رئيس الجمهورية، ونحن مقبلون على تحدٍ. كل نائب يقول أنا سأنتخب رئيس جمهورية، ولماذا لم يقدم على ذلك؟ السبب هو غياب الحوار الحقيقي ولا أحد يتحدث إلى الآخر من منطلق حوار منفتح وديمقراطي. دستورنا يسمح بأن يقاطع النائب الجلسة إذا لم يرَ فيها مصلحته في انعقادها. والدليل على كلامي أن الفريقين هددا بمقاطعة الجلسات. المخرج هو أن نجلس معاً. بالتحدي لن نصل إلى حل. حتى لو تمّ انتخاب رئيس بالتحدي، لن تُحل مشاكل لبنان وأزماته. المطلوب قناعة مشتركة لدى كل الفرقاء من أجل الوصول إلى نقلة نوعية من خلال أن يكون لدينا رئيس جمهورية ورئيس حكومة يتعاونان من أجل مصلحة لبنان من خلال حكومة لديها خارطة طريق للإصلاحات".


وختم: "التشاور والحوار كفيلان للخروج من الأزمة التي نعيشها وبعد جلسة الأربعاء اذا لم يُنتخب رئيس جمهورية، يجب اعتماد لغة الحوار والتواصل التي حاول الزميل غسان سكاف أن يعمله ومن هذا المنطلق سنبقى نعمل من أجل لبنان واستقراره، وبالتحدي والكسر لا نستطيع بناء الوطن و"ما حدا بيقدر يلغي حدا" وأختم بكلمات أغنية لجوليا " مش ممكن أبداً تلغيني بدّك تسمعني وتحكيني".





افتتاح العشاء


وكان حفل عشاء الرابطة افتتح بالنشيد الوطني وصلاة شكر رفعها المطران موسي على نية لبنان والسلام، ثمّ ألقت السيدة زينة الخوري رئيسة لجنة العلاقات العامة في الرابطة كلمة ترحيب وتعريف، وبعدها كانت كلم لرئيس الرابطة الدكتور صلاح رستم جاء فيها:

"ايها السادة والصحب الكرام بسناكم قد سما هذا المقام

وارتوت انفسنا من انسكم كارتواء الأرض من ماء الغمام

فلكم اهدي ثناء وافراً وسلاما طاب نشراً كالخزام

واحييكم بحب خالص وابتهاج واعتبار واحترام

واحيي الرابطة الأرثوذكسية التي بشذاها عطرت كل الأنام

وردة ذات جمال شائق يجذب القلب اليها بزمام

كل ما فيها جميل نافع فالذي يعشقها ليس يلام

نشأت من نبتة طيبة ونمت في الفضل عام بعد عام

وغدت تسعى رويدا فخطت خطوات جمة نحو الأمام

وابتغت بالسعي خيرا شاملا لذوي البؤساء من كل الأنام

تحسبوا الناس جميعا أخوة فتواسيهم بلطف وابتسام

والى الإحسان تصبوا أبداً بإشتهاد وإعتناء وإهتمام

كم فقير جائع جادت له وهو عريان بثوب وطعام

كم حزين خففت أحزانه وسقيم أذهبت عنه السقام

فلها الأجر من الله العلي وعلى كل محبيها السلام




أيها السيدات والسادة،

تحتفل الرابطة اللبنانية للروم الأرثوذكس هذا العام بذكرى تأسيسها الخامس والأربعين.

ومع انتخاب الهيئة الإدارية الحالية في نهاية شهر كانون الأول 2021، قد إرتدت الرابطة حلّة جديدة في مواكبة تطورات العصر من مكننة ووضع برامج المعلوماتية في إدارة الشؤون المالية والإدارية مما حول الرابطة الى مؤسسة صديقة للبيئة، وعملنا على تعديلات هامة في الدستور الأساسي والداخلي للرابطة مما يكرس فيها العمل الديمقراطي الحق وينظم العمل الإداري ويسمح لها بالتوسع بمجالات إجتماعية عديدة، كما إننا عملنا وما زلنا نعمل على الإنتشار والإنفتاح على العالم الخارجي.



تبث الرابطة اليوم روح الشباب والنشاط والمبادرة والاصرار والسهر والمتابعة والملاحقة، قررنا التقدم بمشاريع نكون فيها جاهزين امام الازمات المتأتية على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والوطني.

نحن دائماً بحاجة الى التحديث والى اساليب متطورة تحترم الطاقات الشبابية القادرة على تبادل الخبرات.



وتؤكد الرابطة اللبنانية للروم الأرثوذكس دائما على دورها ان يكون فاصلاً وجامعاً للاخوة المسيحيين ووطنياً لجميع اللبنانيين.هي المؤسسة الأم الجامعة، وهنا تكمن أهمية دور الرابطة.

إننا ندعو الى الحوار والإلتقاء على الثوابت الجامعة - فلبنان بلد للتلاقي الإنساني الرحب تسوده ثقافة الحرية والديمقراطية في مجتمع تعددي، جعل منه وطنًا مسكونيًا يحتضن الديانات السماوية بتسامح وتفاعل. وقد كان إلى الأمس القريب مثالاً يحتذى من دول تماثله في تركيبتها المتنوعة.



كلنا نهوى بيان الحق ولا نروم سمع غير الصدق

فهاكم الحق بلا تحريف ولا زيادة ولا تلطيف

متعنا رب السما من كرمه بنعمه زادت جميع نعمه

بنعمة الدستور والحرية والعدل والأخاء بالسوية

ذي كلمات إن فهمناها كما يجب , سدنا وسبقنا الأمما

وإن أسأنا فهمها فالعاقبة يعلمها ذوو العقول الثاقبة

ذل وخسران وحزن وكمد وحسرة دائمة حتى الأبد.


فالرابطة اللبنانية للروم الارثوذكس، هذه المؤسسة العريقة تحافظ على دورها الرائد وحضورها المتألق في خدمة لبنان.

وهي تهدف الى ترسيخ أسس العيش المشترك الذي رسخه الدستور اللبناني القائم على الحرية والمساواة على اساس المواطنة الواحدة.


فلنفهم يا سادتي معناها ولنسلكن فعلا بمقتضاها

ولنفتح الأبصار والبصائر ولنتق الأضرار والمخاطر

نعمل من اجل الحفاظ والدفاع عن حقوق الروم الأرثوذكس والمسيحيين الإجتماعية والثقافية والسياسية.


وتشكّل قوة ضغط لاستمرار وجودهم في البلد الأم بطريقة متساوية مع باقي العائلات الروحية و تهدف الى نشر التراث المشرقي على جميع المستويات.

اذ نسعى في الرابطة الى مدّ جسور التعاون والتلاقي بين كل الفاعليات الأرثوذكسية بتأسيس اتحاد، وكذلك إعادة إحياء اتحاد الروابط المسيحية مع الرابطة المارونية وغيرها.

واننا نتطلع الى غدٍ أفضل وانطلاقة جديدة، لتحرير لبنان من المعوقات التي تكبّله، واعادة تكوين الدولة ومؤسساتها، وانكفاء الضائقة الاقتصادية والاجتماعية، واسترداد أموال اللبنانيين المنهوبة، وتحرير ودائعهم.



فالظلم من بعض الوجوه زاد والإنقسامَ ملأ البلاد

والأمن مفقود كما في الماضي والحكم مبني على الأغراض

وكانت الرشوة قبلاً سرًا واليوم زادت ولكن جهرًا.

وإن حالة مجلس النواب محزنة لكثرة الأحزاب.

لا أحد يسعى بحسن النية إلا إلى المنفعة الذاتية.

لم تختلف حقائق الأشياء وما تغير سوى الأسماء.

نحن في أشد الخطر وحالنا حال أمرئ محتضر.

لذلك لا تستغربوا إبطاءنا وتيأسوا من نيلنا شفاءنا.



فسوف نقدر بإذن الله وسعينا الحميد أن نباهي بالإرتقاء غيرنا من الدول، وأن نعيد مجد قومنا الأول.



بشرط أن ينفذ الدستور ويعدل الآمر والمأمور.

بشرط أن تطبق الأفعال حقيقة عليه لا الأقوال.

فلنتأدب ولنعش أخوانا ولنحترم جميعنا الأديان.

آن لنا أن نألف الوفاق ونطرح الخصام والشقاق.

يا ايها الأحزاب رفقا بالوطن ورحمة بأهله في ذا الزمن.

ترفقوا بالناس والله أتقوا وكلكم على الأعادي اتفقوا.

اتفقوا لتحفظوا كيانكم وترفعوا إلى العلاء شأنكم.

الخوف من ضياع الإستقلال وأسفي وخيبة الأمال.

يارب إلهم زعماء الفرق ليدركوا مضرة التفرق واعطهم عقلاً رفيعاً

ثاقباً، وهمّة شماً ورأياً صائباً ليحسنوا الخدمة للبنان، وينشروا العدل مع الأمان.

والحمد الله على الدوام مكرراً في البدء والختام

لطالما أحببت الشعر في الصبا ولكن الشواغل العلمية أنستني المحافل الشعرية لذلك اخترت موضوعي لوصف حالتنا في هذه الأيام لأنها تهم كل فرد ما بيننا في القرب أو في البعد.

انني على يقين بأن قيامة لبنان آتية لا محال.



فالقيامة هي الإنتصار على الموت، وهي تجمع بين قوة الله المنتصرة وإرادة الإنسان الذي يقول نعم للرب ونعم للحياة.

عشتم أيها السيدات والسادة عاشت الرابطة اللبنانية للروم الأرثوذكس وعاش لبنان

حراً سيداً مستقلاً، إلى أبد الأبدين آمين."






MISS 3