جنازة رئيس الحكومة السابق ستُقام في كاتدرائية ميلانو الأربعاء

رحيل برلوسكوني يطوي صفحة من تاريخ إيطاليا

02 : 00

توفي أمس رئيس الحكومة الإيطالي السابق سيلفيو برلوسكوني عن 86 عاماً، لتطوى برحيله صفحة من تاريخ إيطاليا الحديث. فبرلوسكوني أعاد تشكيل المشهد السياسي والثقافي للبلاد، بينما واجه فضائح قضائية وجنسية.

وكان قطب الإعلام الملياردير الإيطالي قد نُقل إلى أحد مستشفيات ميلانو الجمعة لإجراء ما قال مساعدوه إنها فحوصات طبّية مقرّرة مسبقاً، علماً أنه أُدخل إلى المستشفى نفسه قبل 6 أسابيع بسبب إصابته بسرطان الدم والتهاب الرئة.

وستُقام جنازة رسمية في كاتدرائية ميلانو الأربعاء، الذي أعلنته الحكومة يوم حداد وطني لهذه المناسبة. وبعد وقت قصير على إعلان وفاته، تجمّع عشرات الأشخاص أمام المستشفى قبل أن يُنقل جثمانه إلى مقرّ إقامته الفاخر سان مارتينو في أركور بضواحي ميلانو، في حين تدفّقت الإشادات من إيطاليا، وبدرجة أقلّ من الخارج.

وشغل برلوسكوني منصب رئيس الوزراء 3 مرّات بين الأعوام 1994 و2011 لمجموع 9 أعوام، وكان عضواً في مجلس الشيوخ ورئيساً لحزب «فورتسا إيطاليا» اليميني، وشريكاً في الحكومة الائتلافية التي ترأسها اليمينية جورجيا ميلوني.

وقالت ميلوني في مقطع فيديو: «كان سيلفيو برلوسكوني محارباً قبل كلّ شيء. كان رجلاً لا يخشى الدفاع عن قناعاته وكانت شجاعته وتصميمه بالتحديد ما جعلاه أحد أكثر الرجال تأثيراً في تاريخ إيطاليا»، في حين اعتبر زعيم حزب الرابطة المناهض للهجرة ماتيو سالفيني أن البلاد خسرت «إيطاليّاً عظيماً... واحداً من الأعظم على الإطلاق».





بوتين: خسارة كبيرة للسياسة الدوليّة

وسارع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الإشادة ببرلوسكوني، معتبراً أن وفاته «خسارة لا تُعوّض». وكتب بوتين في برقية تعزية موجّهة إلى الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، وفق بيان صادر عن الكرملين: «بالنسبة إليّ، كان سيلفيو إنساناً عزيزاً وصديقاً حقيقيّاً».

وفي تصريحات متلفزة منفصلة، أوضح بوتين أنّ برلوسكوني فعل الكثير لتطوير العلاقات بين روسيا والدول الأوروبّية و»حلف شمال الأطلسي». ورأى أنّه برز لأنّه كان «مخلصاً جدّاً ومنفتحاً»، مؤكّداً أن «هذه خسارة كبيرة ليس فقط لإيطاليا، ولكن للسياسة الدولية».

كذلك، أشاد البابا فرنسيس بـ»شخصية نشطة»، فيما تحدّث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن «صديق إسرائيل العظيم»، وأشاد رئيس الحكومة المجرية فيكتور أوربان بـ»مقاتل عظيم».

واحتفظ برلوسكوني بمكانة خاصة في قلوب العديد من الإيطاليين، رغم سلسلة الفضائح الجنسية والملفات القضائية التي شوّهت سمعته على مدى سنوات. وقال رئيس الحكومة السابق ماتيو رينزي: «صنع سيلفيو برلوسكوني التاريخ في هذا البلد»، مضيفاً: «أحبّه كثيرون وكرهه كثيرون: على الجميع اليوم الإقرار بأنّ تأثيره على الحياة السياسية والاقتصادية والرياضية والتلفزيونية غير مسبوق».

ورأت زعيمة الحزب الديموقراطي المعارض (يسار وسط) إيلي شلاين، أن وفاة برلوسكوني «تُمثل نهاية حقبة». وبرلوسكوني الشخصية الاستثنائية والأب لخمسة أبناء من زواجَين، وجد صديقة جديدة في 2020 هي مارتا فاسينا، عارضة الأزياء السابقة التي تصغره بـ53 عاماً والنائبة عن حزبه «فورتسا إيطاليا».

ضريح رخاميّ مستوحى من الفراعنة

وسبق أن بنى برلوسكوني ضريحاً رخاميّاً مستوحى من الفراعنة في قصره في أركوري قرب ميلانو ليُدفن فيه أفراد عائلته وأصدقاؤه عند وفاتهم. واستخدم برلوسكوني، الذي كان يتمتّع بكاريزما ويفهم جيّداً ما يُريده جمهوره، الإعلام لإبراز صورة رجل قوي عصاميّ يُمكن للناخبين الامتثال به.

بدأ برلوسكوني مسيرته كقطب عقارات، قبل أن يستثمر في قنوات تلفزيونية إيطالية كسرت القالب الإعلامي التقليدي وبثّت برامج تحظى بشعبية، خصوصاً عند النساء ربات المنازل اللواتي أصبحنَ في ما بعد من أعمدة قاعدته الانتخابية.

وصوّر نفسه على أنه «مخلّص» وحظي بشعبية واسعة، رغم اتّهام المنتقدين له بالمحسوبية والفساد والضغط من خلال قوانين لحماية مصالحه. وأُعجب مناصروه بصراحته، رغم أن العديد من الإيطاليين كانوا يُحرجون بشدّة من نكاته الفظّة وإهاناته على الساحة الدولية، بالإضافة إلى فضائح قانونية كثيرة أدّت إحداها إلى إدانته بتهمة الاحتيال الضريبي.

وفي الوقت الذي كان فيه الاقتصاد الإيطالي متعثّراً، كان برلوسكوني يُقيم حفلات الـ»بونغا بونغا» الشهيرة مع شابات لقاء أموال في قصره الفخم بالقرب من ميلانو. وأدّت هذه القضية إلى محاكمة انتهت قبل أشهر قليلة ببراءته.

فنان على متن سفن سياحية

ظهر برلوسكوني، وهو ابن موظّف مصرف في ميلانو مولود في 29 أيلول 1936، في بداية حياته العامة فناناً على متن سفن سياحية، حيث كان يُغنّي ويروي قصصاً مضحكة. ومع حصوله على شهادة في القانون، دخل مجال الأعمال وتتالت نجاحاته.

لكنّه أبدع خصوصاً في عالم التلفزيون، حيث لم يتردّد خلال الثمانينات، في الاستعانة بنساء عاريات في برامجه. وتضمّ شركة «فينإنفست» التي تملكها عائلة برلوسكوني، قنوات تلفزيونية (ميديا فور يوروب) ومجموعة «مندادوري» للنشر.

وبعد نجاحاته في عالم التلفزيون، انطلق في عالم السياسة عام 1994. وفي غضون أسابيع قليلة، أسّس حزب «فورتسا إيطاليا» وفاز في الانتخابات. وكونه محبّاً لكرة القدم، ترأس أيضاً نادي ميلان لمدّة 31 عاماً، قبل بيعه في العام 2017 لمستثمرين صينيين.


MISS 3