مريم سيف الدين

سليمان فرنجية مرشح يخشى المناظرة؟!

13 حزيران 2023

14 : 09

بانتظار نضوج "تسوية رئاسية" يتمّ بعدها ترئيس أحد الذين تتقاطع مع شخصه مصالح دول عدة لا يجرؤ جميع المرشحون على إعلان ترشحهم لرئاسة الجمهورية اللبنانية. من يسمع منهم أنّ حظوظه ارتفعت يسارع في جولاته على شخصيات ومرجعيات وسفارات وبلاد، بالمقابل لا يتكرم على الشعب بالخروج أمامه ومخاطبته كمرشح لرئاسة البلد. لا مشروع سياسي يطرحه، يختبئ خلف تسريبات ينشرها عبر الإعلام، ويحاول المتابعون من خلالها فهم ما يجري وما قد يقدمه هذا المرشح أو ذاك للدول بدل المواطنين كرئيس للجمهورية المنهارة، وإن كان محدود الصلاحيات ومكبل بالتسويات.



بعد استبعاد "حزب الله" لجبران باسيل، افتتحت المبارزة الرئاسية بتعميم اسم الوزير السابق سليمان فرنجية كأقرب المرشحين للوصول إلى قصر بعبدا. بل كادت حماسة البعض تعلنه رئيساً من دون الحاجة لانتخابه، كما أعلنه شارع 8 آذار "بطركاً" غداة إخراج الجيش السوري من لبنان في العام 2005، حيث انتشرت الأخبار المبالغ بها من قبل اعلاميين يستعجلون وصول فرنجية الحفيد إلى قصر بعبدا الذي سكنه الجد. هذه الحماسة أحبطها توافق القوى المعارضة، باستثناء بعض "التغييريين"، على التصويت لوزير المالية السابق جهاد أزعور بعد انسحاب النائب ميشال معوض. في الظل، وعلى مقاعد الاحتياط، ينتظر مرشحون "جديون"، أن يسقط المرشحان المعلنان فرنجية- أزعور وما تبلوره الساحة الإقليمية والدولية، لتطرح أسماؤهم وينزلوا إلى الملعب الرئاسي.


فيما تدور الأخبار والتأويلات وتطرح مختلف السيناريوهات حول جلسة الـ14 من حزيران، لا يتوجه المرشحون إلى الشعب الذي يطمحون بأن يحكموه بمشروع جدي. ففي النظام البرلماني لا سلطة مباشرة للشعب على هذا الاستحقاق، بالتالي لا أهمية لرأيه. يصبح الانتخاب ظاهرياً شأن مجلس النواب وحقيقة شأن الدول التي يخضع لها النواب. ويلعب "حزب الله" وحليفه الممسك بمفاتيح المجلس ورئيسه نبيه بري الدور الأهم في صناعة الرئيس من خلال منع وصول أيّ مرشّح لا يرضيهما ولا يخضع لشروطهما عبر التلاعب بالدستور... وطبعاً التهديد بالسلاح. وفي 14 حزيران سيفتح المجلس أبوابه أمام النواب الناخبين، مبدئياً، وسيكون رئيسه نبيه بري الذي أٌقفله أشهراً للضغط لصالح فرنجية، الحكم الذي سيدير العملية الانتخابية ويفسر الدستور وعدد الأصوات وفق مصالح فريقه.


وفي ظل هذه اللعبة لا يجد أي من المرشحين حاجة للتوجه إلى الناس، بل يكتفون برميهم بمقابلة اعلامية منسّقة ومحضرّة مسبقاً. أما المناظرات بين المرشحين فهي غريبة عن ثقافة هؤلاء ولا حاجة لنسأل كل مرشح عن خططه ورؤيته للعديد من القضايا خصوصاً في ظل الانهيار العظيم الذي يعيشه لبنان. وما الحاجة لمناظرة يتحدث فيها كل مرشح عما يمكن أن يقدمه للناس عندما تكون نية السلطة الاستمرار بجرائمها وبالنهب المنظم وحماية جميع المتورطين فيه؟


بالتالي ليس ضرورياً أن يملك سليمان فرنجية، مثلاً، مستوى من الثقافة يسمح له بخوض أية مناظرة بمواجهة أي خصم، فيكفي أنه "يملك شيئاً لا يملكه الكثيرون وهو ثقة "حزب الله" وثقة الرئيس السوري بشار الأسد" وفق قوله. صفة تهدد لبنان يرى فيها فرنجية معياراً كافياً لترئيسه، وهو للأمانة صريح بهذه النقطة، لكنّها صراحة فجّة تنبّه لما لا يجب انتخاب فرنجية رئيساً. فلا يتمتع بثقة الجهتين إلا من كان خادماً مطيعاً لهما ومتبنياً لقيمهما. ولا ننسى أنّ سليمان فرنجية كان وزيراً للداخلية في العام ٢٠٠٥ وحصلت في عهده أكبر عملية اغتيال في لبنان.


كان يمكن لفرنجية أن يثبت نفسه كمرشح لديه ما يقدمه، لو تجرأ على الخروج بمشروع أو بمناظرة إعلامية مع غيره من المرشحين يطرح فيها كل منهم رؤيته للخروج من الانهيار. لو استطاع المبارزة بالطروحات والأفكار بدل المبارزة بعلاقاته. لو طرح سياسات اقتصادية واجتماعية وخططاً لحماية لبنان وسيادته وشبابه من الموت في صراعات تخدم أنظمة أخرى.


وهو واجب على كل مرشح. فليتجرأ كل المرشحون وليخرجوا أمام الناس بمشاريع جدية وليتجرؤوا على الإجابة على أي سؤال يطرحه الإعلام المنحاز لمصلحة الشعب لا مصالحهم. فحتى في مسابقات الجمال يطلب من المتسابقين والمتسابقات الإجابة عن أسئلة عامة كي يتم تقييمهم. ومن يعرف؟ قد يكون سبب تهرّب المرشح الأبرز للرئاسة، خشيته من الإجابة.


وقد حالفت الصدفة فرنجية، إذ أتت ذكرى مجزرة إهدن قبيل موعد الجلسة المحددة لمجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية. صدفة منحت فرنجية فرصة للخروج بخطاب يقدمه كرجل دولة. لكنه أبى إلّا أن يسقط من دون مبارزة ومن دون مناظرة أو أن يحاول أحد إحراجه. ففي محاولته لادعاء "القوة" ألقى مرشح الثنائي الشيعي خطاباً ضعيفاً شكل سقطة لصالح مرشح آخر لم يعلن ترشحه بعد، وهو وزير الداخلية السابق المحامي زياد بارود.

اذ وصف فرنجية بارود بالـ"نعنوع" ما استدعى استنكاراً. كذلك شبّه فرنجية ما يجب أن يؤمن بأنها عملية ديمقراطية بمجزرة إهدن عندما قال "ما حدث في 13 حزيران لن يكون في 14 حزيران" على الرغم من أنه اليوم هو من يتلطى خلف الفريق الذي يهدد بالسلاح.

MISS 3