جاد حداد

Fake Profile... دراما عائلية باهتة

14 حزيران 2023

02 : 00

مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي ومختلف منصات عرض الفيديوات، مثل "يوتيوب"، تعرّف معظم الناس على ظاهرة المسلسلات التلفزيونية اللاتينية الطويلة حيث ترتكز القصص على أحداث درامية مفرطة وأداء مسرحي مبالغ فيه وتمثيل رديء، ومع ذلك يكسب الممثلون شهرة واسعة رغم كل شيء. يدخل المسلسل الكولومبي الجديد Fake Profile (حساب مزوّر)، على شبكة "نتفلكس"، في هذه الخانة. العمل من إخراج كاتالينا هيرنانديز وكليش لوبيز ومن كتابة بابلو إلانيس، وتكثر الأحداث فيه لدرجة أن يتخذ منحىً كوميدياً غريباً.

المسلسل من بطولة كارولينا ميراندا ورودولفو سالاس بدور "كاميلا" والدكتور "فيرناندو كاستيلو" على التوالي. هما يلتقيان عبر تطبيق للمواعدة في فيغاس ويتفقان منذ اليوم الأول. تنشأ رومانسية مفرطة بينهما وسرعان ما يقعان في الحب بعد مرور أربعة أشهر على بدء المواعدة. وبعد سلسلة من المواعيد الغرامية واللحظات الحميمة، يختفي "فيرناندو" لفترة. تشعر "كاميلا" بالألم بسبب الأجوبة الغامضة التي تتلقاها منه وتقرر التحرك بنفسها وتحديد موقعه في "قرطاجنة"، في بلده الأم كولومبيا. حين تصل إلى هناك، تتعرض "كاميلا" لصدمة قوية، فتكتشف أن "فيرناندو كاستيلو" الذي قابلته هو رجل مختلف. ثم تبدأ رحلة البحث عن الرجل الذي خدعها ويسهل توقّع مسار الحبكة بعد هذه المرحلة. إنها قصة انتقام تتخللها دراما عائلية معقدة ومألوفة.

تتعدد الثغرات في الحبكة وتكثر الأسئلة التي تبقى عالقة في نهاية المطاف. ما سبب استعداد "كاميلا" لتصديق رجلٍ خانها هي وخان زوجته مثلاً، ولماذا كان "أدريان" مستعداً لتصديق شخصٍ غريب بدل شريكته منذ بضع سنوات؟ إنه جزء من النقاط التي يمكن التطرق إليها من دون الإفصاح عن كمّ كبير من التفاصيل. تبقى القصة بسيطة أصلاً ويسهل توقّع التطورات اللاحقة. في الوقت نفسه، تكثر المشاهد الساخنة بلا مبرر، ومن الواضح أنها أضيفت إلى المسلسل لإثارة غرائز المشاهدين بكل بساطة. حتى أن هذه اللقطات تفتقر إلى العواطف بشكل عام. في غضون ذلك، تتعلق حبكة فرعية بفيديو تقوم "كاميلا" بتحميله على موقع مُصنّف للكبار فقط، لكن يتناسى صانعو العمل هذه الحبكة في منتصف الأحداث على ما يبدو. يتجاوز المسلسل هذا الجزء من القصة بسرعة فائقة لدرجة ألا يتسنى للمشاهدين أن يستوعبوا ما حصل، أو يفهموا هوية من حمّل الفيديو، أو سبب إقدامه على ذلك.

يبدو الإخراج بحد ذاته متخبطاً جداً، إذ من الواضح أن صانعي العمل لم يقدموا معظم المشاهد بالشكل المناسب بل اكتفوا بتقطيعها عشوائياً. تتعدد المشاهد التي يُفترض أن تكون مؤثرة في القصة، بما في ذلك شجار بين سيدتَين، وحادث سير يتعرض له زوجان، وصراع في نهاية الحلقة الأخيرة، لكنها تبدو رديئة لدرجة أن تتخذ منحىً فوضوياً ومبتذلاً.

على صعيد آخر، يخلو المسلسل من مونتاج عالي الجودة، فهو يوحي بأن الكاتب والمخرج لم يرغبا في إنهاء العمل. كان يمكن التخلي عن عدد من الحبكات الفرعية في السيناريو، لكنها بقيت على حالها لغايات ترفيهية بحت. تكمن المفارقة الحقيقية في عجز جميع تلك الحبكات غير الضرورية عن جذب المشاهدين. إنها فرصة ضائعة ومن المؤسف ألا تعطي هذه المقاربة المفعول المنشود بعد مرحلة معينة.

يبدو أداء جميع الممثلين جيداً في البداية، لكن تتعلق المشكلة مجدداً بكتابة شخصياتهم بطريقة عشوائية، إذ لا يمكن وضع أي منها في خانة الشخصيات القاتمة أو البريئة أو الرمادية. يطغى الارتباك على أداء كارولينا ميراندا بدور "كاميلا" ورودولفو سالاس بدور "ميغيل/فيرناندو كاستيلو"، وثمة تخبّط واضح في طريقة كتابة الشخصيتَين لدرجة أن يعجز المشاهدون عن تحديد الطرف الذي يستحق دعمهم في نهاية المطاف. قد يكون ماوريسيو هيناو بدور "أدريان" الممثل الوحيد الذي ينجح في التعبير عن العواطف المناسبة، فهو يعكس حجم الألم الذي تمرّ به شخصيته ويتخبط للوثوق بالشريك ويقرر التخلي عنه في النهاية. في المقابل، يفشل الممثلون الآخرون في ترك بصمتهم في مشاهدهم لأنهم يضطرون لتقديم أداء مبالغ فيه في معظم الأوقات، ما يؤدي إلى تخريب أجواء العمل ككل.

أخيراً، بالكاد ينجح المسلسل في جذب المشاهدين إلى القصة وهو يعجز للأسف عن تقديم دراما عائلية ناجحة. هو يبدأ بحبكة أساسية واحدة لكنه ينتهي بتشعبات مختلفة ومفرطة. باختصار، يخلو العمل من أي جوانب مميزة، إلا إذا أراد الناس الاستمتاع بقصة مألوفة وركيكة لتمرير الوقت.


MISS 3