حمّام ساخن يومياً يُخفّض مخاطر أمراض القلب

05 : 10

رصدت دراسة جديدة رابطاً بارزاً بين الاستحمام المتكرّر بماء ساخن وتراجع مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية وحوادث مثل الجلطات الدماغية.

تؤثر العوامل المرتبطة بأسلوب الحياة على خطر الإصابة بمشاكل قلبية ووعائية، لذا يستطيع الفرد أن يتخذ الخطوات اللازمة لتغييرها. تتعدد العوامل القابلة للتعديل، منها مستويات التمارين الجسدية والحمية الغذائية.

اكتشف بحث جديد أجراه علماء من سبعة معاهد يابانية، بالتعاون مع جامعة المنيا في مصر، رابطاً بين الاستحمام المنتظم بماء ساخن وتراجع مخاطر أمراض القلب.

ارتكزت الدراسة على المراقبة، ما يعني أنها لا تستطيع التأكيد على أي علاقة سببية، لكن يشير الباحثون إلى احتمال وجود آلية كامنة حقيقية.

يذكر الباحثون في تقريرهم الوارد في مجلة "هارت": "يؤدي التعرض للحر إلى زيادة حرارة الجسم الأساسية ودرجة انقباض القلب وإيقاع ضرباته وتدفق الدم، مقابل تراجع إجهاد القص البطاني في الأوعية الدموية".

كان توموهيكــو أوكاي من "معهـــد محافظة أوساكا للصحة العامة" وكلية الدراسات العليا في الطب في جامعة أوساكا اليابانية، المشرف الأول على الدراسة.

يوضح الباحثون: "هذه الآثار تشبه مفعول الرياضة ويبدو أنها تُحسّن الوظيفة الوعائية علـــــى المدى الطويل".

استعان العلماء في دراستهم ببيانات دراسة أجراها مركز الصحة العامة الياباني، وشملت أكثر من 61 ألف شخص بين عمر 45 و59 عاماً.



ملأ حوالى 43 ألف مشارك منهم استبيانات مستهدفة في بداية الدراسة، في العام 1990. على مر هذه الاستبيانات، سُجّلت معلومات عن عادات الاستحمام، فضلاً عن عوامل مؤثرة أخرى مثل الرياضة، والحمية الغذائية، وشرب الكحول، ومؤشر كتلة الجسم، ومتوسط مدة النوم، والتاريخ الطبي.

شملت الدراسة الأصلية معلومات مشتقة من متابعة صحة المشاركين حتى وفاتهم أو حتى نهاية الدراسة في كانون الأول 2009.

أخيراً، تمكّن الباحثون من الحصول على بيانات كاملة حول 30076 فرداً، فأُضيفت إلى تحليلهم النهائي. بيــــــن العامين 1990 و2009، سجّـــــل فريق البحث 2097 حالة وفاة بسبب مشاكــل القلب والأوعية الدموية، وقد ارتبطـت 275 حالة منهــا بالنوبات القلبية، و53 بالسكتة القلبية المفاجئـة، و1769 بالجلطات الدماغية.

رصد الباحثون في تحليلهم تراجعاً بنسبة 28% في مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وتراجعاً بنسبة 26% في مخاطر الجلطات الدماغية لدى من كانوا يستحمون يومياً بماء ساخن، مقارنةً بمن استحموا مرتين في الأسبوع أو بوتيرة أقل. أخذ هذا التحليل عوامل مؤثرة أخرى بالاعتبار.

في الوقت نفسه، لم يذكر الباحثون أي رابط بين عادات الاستحمام الفردية والسكتة القلبية المفاجئة أو أي شكل من الجلطات الدماغية التي تُسمّى النزف تحت العنكبوتية.

وحين تعمقوا في دراستهم، رصدوا تراجعاً بنسبة 26% في مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية في المجموعة التي فضّلت الاستحمام بماء فاتر، مقابل تراجع بنسبة 35% في المجموعة التي فضّلت الاستحمام بماء ساخن، مقارنةً بالمشاركين الآخرين. لكن لم تبرز أي روابط مهمة بين حرارة ماء الاستحمام ومخاطر الجلطات الدماغية الإجمالية.

أخيراً، قيّم الباحثون بياناتهم مجدداً، بعد إقصاء من أصيبوا بمرض في القلب خلال 5 إلى 10 سنوات على بدء الدراسة.

كشف هذا التحليل أن الروابط بين عادات الاستحمام ومخاطر أمراض القلب بقيت مهمة من الناحية الإحصائية، أو ربما زادت قوتها بقدر التحليل الأولي.

لكن يلفت الباحثون في تقريرهم إلى عجز بحثهم عن مراعاة بعض العوامل، مثل التغيرات المحتملة في وتيرة الاستحمام. كما أنهم لم يراعوا طرق الاستحمام لأنها قد تتغير بين الناس والثقافات. في اليابان التي اشتقت منها الجماعات الخاضعة للدراسة، غالباً ما يشمل الاستحمام غمر الجسم بالماء حتى الكتفين، ويظن الباحثون أن هذه العادة ربما أثرت على النتائج.

ورغم هذا الرابط الإيجابي بين الاستحمام بماء ساخن وتراجع مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية، يجب ألا يتجاهل أحد المخاطر الصحية التي ترافق هذا الشكل من الاستحمام.

في مقالة ذات صلة، يعلّق الدكتور أندرو فيليكس بيردن على هذه النقطة قائلاً: "ثمة مخاطر محتملة للاستحمام بماء ساخن طبعاً، ويزيد احتمال الوفاة لهذا السبب مع التقدم في السن ومع ارتفاع حرارة الماء. قد يؤدي الاستحمام بماء ساخن جداً إلى حالات من الارتباك، ما يقود إلى الغرق أحياناً". لذا يشجّع بيردن الباحثين على إجراء دراسات إضافية حول الروابط بين الاستحمام بماء ساخن وصحة القلب والأوعية، كما يدعو الناس إلى عدم استخلاص استنتاجات فورية بناءً على نتائج الدراسة الأخيرة: "يجب أن تُركّز الأبحاث على المنافع المحتملة لغمر الجسم بماء فاتر أو ساخن، من دون الرأس، على مستوى القلب والأوعية الدموية. في غضون ذلك، لا بد من توخي الحذر بسبب ارتفاع حالات الوفاة المرتبطة بهذا الشكل من الاستحمام لدى جماعات غير منتقاة في الدراسة".


MISS 3