عبدالله حمصي...الكوميديا تخسر أحد أعمدة الزمن الجميل

02 : 04

خسر لبنان أمس، عموداً فنياً جديداً وأحد أبرز الوجوه الكوميديّة من الزمن الجميل، مع وفاة الممثل القدير عبدالله حمصي (86 عاماً) الذي عُرف بشخصية «أسعد» في فرقة «أبو سليم» الشهيرة، بعد وعكة صحية ألمّت به وأدخلته المستشفى على أن يشيّع جثمانه اليوم في مسقط رأسه طرابلس.



أسعد




وُلِد الراحل عام 1937 وكان محباً للرياضة وحاز على بطولة الشمال في كمال الأجسام في 1955. بدأ مسيرته الفنية التي استمرّت أكثر من 60 سنة، في الخامسة عشرة من عمره كممثل مسرحي في كشافة «الجرّاح» الفنية مع صديقه صلاح تيزاني. وفي 1957، ساهم في تأسيس فرقة خاصة حملت اسم «كوميديا لبنان».

بعد ثلاث سنوات برز بشخصية «أسعد النعسان» ضمن فرقة «أبو سليم الطبل» التي حصد خلالها قلوب المشاهدين وحماسهم عبر شاشة «تلفزيون لبنان». وباتت الفرقة المؤلّفة من 27 ممثلاً أبرزهم صلاح تيزاني (أبو سليم) وعبدالله حمصي (أسعد) ومحمود مبسوط (فهمان) وأحمد دندش (درباس) وصلاح صبح (شكري شكرالله) وزكريا عرداتي (جميل)، تقدّم عروضاً انتظرها الملايين على الهواء مباشرةً.

أبو سليم: صهري الأحب إلى قلبي


«أبو سليم» الذي جمعته بالراحل علاقة فريدة، صُدم بخبر وفاة صهره وصديق دربه، هو الذي لم يكن على علم بالفاجعة لحظة اتصالنا به... وبعد تلقفه الخبر، بادر بالقول: «لا أدري من أين أبدأ؛ من الذكريات الفنية العظيمة التي ولدت العام 1952 بيننا، أو من لحظة زواجه من أختي هدى ليصبح بعدها الصهر الأحبّ إلى قلبي بين أصهاري الستة». وتابع بغصة واضحة: «ما من كلمات ستُوفي هذه اللحظة حقها. سيبقى في ذاكرتي حياً بطموحه وخجله ووجهه الضحوك. سأتذكره دائماً ممثلاً فريداً وأباً مثالياً فشل التاريخ في استنساخ مثيل له»، خاتماً «فاجأني الزمن وكسرني، لطالما اعتقدت وانتظرت، كوني أكبر أعضاء الفرقة سناً، بأن يرافقوني هم بالزغاريد إلى مثواي الأخير، إلا أن القدر شاء أن أرافقهم وأبكي عليهم واحداً تلو الآخر».

ليلى قمري: قصّروا في حقه

في العام 1960، أسس حمصي «فرقة الفنون الشعبية» التي قدّمت نُخبةً من المواهب الشابة، كما الكثير من الأعمال التي انفرد ببطولتها على مسارح عدة. وعلى هذه الخشبات، جمعته أعمال كثيرة مع الممثلة ليلى قمري أبرزها مسرحية «طبخة بحص» على مسرح «الرابطة الثقافية» في طرابلس و»هندومي سقطت الحكومي» على مسرح «الشاتو تريانو». وفي اتصالٍ مع قمري المتواجدة حالياً في مصر قالت: «أسعد تعب جداً ومن حقه أن يرتاح الآن، هو الذي أعطى الكثير ولم يأخذ شيئاً بالمقابل إلا محبة الناس». وأردفت: «لم يُنصَف ولم تتمّ رعايته كما يستحق، المسؤولون في هذا البلد قصّروا في حقه كثيراً، الله يرحمه»، مؤكدةً أن صورة الصلابة والقوة والطموح التي عهدته بها سترافقها طول العمر.

مسيرة زاخرة

تزخر مسيرة الراحل بما يزيد عن 1700 ساعة تلفزيونية، طبعت ملامح الزمن الجميل منها «عزيزتي مروة» بطولة سميرة بارودي، «المنتقم» لإحسان صادق، «قصص حب» لأنطوان غندور، مسلسل «صح النوم» مع الفنان دريد لحام، «دويك يا دويك» ومسلسل «مالح يا بحر» للكاتب مروان العبد، وحوالى 60 مسرحية منها «أسعد وعيلة أبو الريش» و»شاكوش ومنشار» و»منحوس وعروس و»أسعد بالأوكازيون» و»حربوق بقلب الصندوق» و»دويك والمغناطيس»، و300 حلقة إذاعية ضمن «ديوك الحي الله معكم» و»قهوة مُرّة يا اسكندر» و»الناس أجناس».

كما لمع نجمه في أكثر من 15 فيلماً سينمائياً منها «سفر برلك» و»بنت الحارس» الى جانب السيدة فيروز و»عودة البطل» للمخرج سمير الغصيني و»حبي الذي لا يموت» مع الراحل ملحم بركات و»نهاية حلم» للأب فادي تابت وغيرها، بالإضافة إلى مشاركته في الكثير من المهرجانات أهمها «مهرجانات قلعة طرابلس» التي انطلقت عام 1969 و»مهرجانات بعلبك».

ونعت «نقابة الممثلين المحترفين» في لبنان الراحل متقدمةً من محبّيه وذويه بأحرّ التعازي، وقال النقيب نعمة بدوي: «خسر لبنان وفنّانوه قامةً كبيرةً من نجوم الزمن الجميل وممثلاً كوميدياً ودرامياً قلّ نظيره في سماء المسرح والسينما والتلفزيون».



مع فيروز في بنت الحارس



أما رئيس نقابة الفنانين المحترفين الممثل جورج شلهوب فعبّر عن تأثره الكبير برحيله، ونعاه باسم النقابة ومجلسها وأعضائها طالباً من الرب العزاء والسلوان لأهله ومحبّيه. وقال: «عرفته في أوائل الثمانينات في عمل مشترك حمل اسم «رصيف الباريزيانا» فوجدت فيه رجلاً خلوقاً ومثابراً يعطي أصدق الأحاسيس للأدوار التي يؤديها».بدوره، قال المايسترو عبدو منذر: «لبنان كله والعالم العربي حزين على رحيل أسعد، خسرنا قامة كبيرة من نجوم الزمن الجميل والكوميديا»، مضيفاً: «أتمنّى أن يتّخذ المسؤولون رحيله عبرةً لينطلقوا منها إلى تكريم هؤلاء الكبار في حياتهم وليس بعد مماتهم».


MISS 3