"الحُكّام فقدوا ثقة الناس بهم واحترامهم"..

الرّاعي من الدّيمان: نعوّل على الجيش في فرض الأمن وعلى أهالي بشرّي ضبط النّفس

12 : 18

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قدّاس الأحد السادس من زمن العنصرة في الصرح البطريركيّ الصيفيّ في الديمان، وعاونه المطرانان حنا علوان وبول مروان تابت، رئيس دير سيدة حريصا الأب فادي تابت، رئيس الديوان في الصرح الخوري خليل عرب، القيم البطريركيّ الأب طوني الآغا، أمين سرّ البطريرك الأب هادي ضو، في حضور وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار، النائب جورج عطالله، الشيخ روي عيسى الخوري، رئيس رابطة قنوبين للرسالة والتراث نوفل الشدراوي وأعضاء الرابطة، رئيس إقليم كاريتاس الجبة إيليا إيليا، إضافةً إلى عددٍ من الراهبات وجمع غفير من المؤمنين.


بعد تلاوة الانجيل المقدس، ألقى عظةً، قال فيها: "إننا في الديمان نقضي فترة الصيف في نيابة الجبة من الأبرشية البطريركية، مع سيادة أخينا المطران جوزيف نفاع، نائبنا البطريركي العام فيها والكهنة والرهبان والراهبات وسائر مؤمني ومؤمنات هذه المنطقة".


وتابع: "إني أحيي أعزاءنا في رعية الديمان العزيزة، كاهنها ومختارها وناديها ولجنة وقفها، الذين نقيم معهم كالعادة وعلى نيتهم القداس الأول الذي نحتفل به في كرسينا البطريركي، نذكر منهم المقيمين والمنتشرين ويسعدنا ان يكون معنا اليوم عدد منهم برفقة سيادة اخينا المطران بول مروان تابت من مدينة هاليفاكس من كندا. ونفتتح فترة الصيف الذي نرجوه موسم خير ونعم. وفيما أحيي جميع الحاضرين، أوجه تحية خاصة إلى الوزير نصار في مناسبة إطلاق برنامج الحج الديني في موقع حديقة البطاركة وسائر المواقع الدينية البطريركية في الديمان، وادراجها على خريطة السياحة الدينية، والترويج لها وطنياً وخارجياً. هذه المواقع متصلة بتاريخ البطريركية المارونية خلال حقبة قنوبين، وبعدها حقبة الديمان، ومعها تاريخ الجماعة البشرية التي تشكلت حول البطريركية. نشكر نصّار على جهوده، وتجاوبه مع سعي الكرسي البطريركي ورابطة قنوبين للرسالة والتراث وجماعة الراهبات الانطونيات في حديقة البطاركة، آملين أن يحقق برنامج الحج الديني غاياته الروحية والثقافية والتنموية".


أضاف: "آلمتنا للغاية حادثة القرنة السوداء التي راح ضحيتها إثنان من بلدة بشري العزيزة من أسرة آل طوق الكرام وهما المرحومان هيثم ومالك. إننا نقدم تعازينا الحارة لعائلتي الضحيتين، ونلتمس من الله لهما الراحة الأبدية. ونعول على الجيش في فرض الأمن لصالح الجميع، وعلى أهالي بشري في ضبط النفس، ووضع الخلاف المزمن في منطقة القرنة السوداء في عهدة القضاء".


وقال: "عدد الرب يسوع في إنجيل اليوم نوعية المصاعب والاضطهادات التي تواجهها الكنيسة، اكليروسا وعلمانيين، كالجلد، الإحضار أمام المجالس والملوك، والخيانة، والبغض، والاضطهاد، والقتل... أمام هذا الواقع، يدعو الرب يسوع الكنيسة بكل أفرادها، رعاة وإكليروسا وشعبا، للتحلي بأربع ميزات: الحكمة، والوداعة، والاتكال على الهامات الروح القدس، والصبر.

فالحكمة. هي فضيلة وموهبة من مواهب الروح القدس تساعد العقل على تمييز ما هو خيرنا الحقيقي، في كل ظرف، وعلى اختيار الوسائل الفضلى للبلوغ إليه. وهي تلتقي مع الفطنة في حسن التصرف، ومع الانتباه والحذر.


أما الوداعة فهي تواضع القلب المنفتح على الله والناس. وهي الصفاء وقرب المنال من الناس، فلا كبرياء ولا تعالي، ولا انطواء على الذات. هذه الفضيلة هي من ثمار الروح القدس فينا إلى جانب اللطف والمحبة والسلام (غل 5: 22). الوداعة هي ميزة الرب يسوع الذي دعانا لنتعلمها في مدرسته: "تعلموا مني أنني وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحة لنفوسكم" (متى 11: 29). وجعل هذه الفضيلة مادة في دستور الحياة المسيحية، المعروف بإنجيل التطويبات: "طوبى للودعاء فإنهم يرثون الأرض" (متى 5: 4).


تتصف هذه الفضيلة بصفاء القلب والنقاوة وروح السلام. الاتكال على الهامات الروح القدس. فالروح يضع على فمنا كلمة الحق وما يجب أن نقوله بجرأة، وينعش قلوبنا بالمحبة، منتزعاً منها الخوف، ومقوياً إرادتنا بالثبات في الحق والعدل. الصبر حتى النهاية. وهو فضيلة تؤدي إلى الانفراج وإلى الخير. بالصبر يصمد الإنسان كمن يسير في نفق، مدركاً أنه سينتهي إلى نور الشمس، أو كمن ينتظر الليل الطويل حتى انبلاج الفجر الآتي حتما. ينتهي كلام الرب يسوع بالدعوة للتشبه به في الاحتمال بروح المشاركة في آلامه من أجل خلاص العالم: "ليس تلميذ أفضل من معلمه، ولا عبد من سيده، حسب التلميذ أن يصير مثل معلمه، والعبد مثل سيده" (متى 10: 24-25). إنها دعوة للسير في طريق يسوع الملوكي. بالأمس أمضينا نهاراً مع شبان وصبايا تجمعوا من عكار العزيزة ومن مناطق أخرى، في مدينة القبيات بمسرح مدرسة الآباء الكرمليين.


وقد تجاوز عددهم الـ600 مئية بحضور صاحبي السيادة المطران يوسف سويف راعي أبرشية طرابلس المارونية، والمطران إدوار جاورجيوس ضاهر راعي أبرشية طرابلس للروم الملكيين الكاثوليك، وفعاليات المدينة. كان اللقاء في إطار "الأيام الرسولية للشبيبة" التي ينظمها مكتب راعوية الشبيبة في الدائرة البطريركية بالتعاون مع لجان الشبيبة في الأبرشيات. وقد شملت هذه "الأيام الرسولية" مناطق أخرى مثل: رشميا ورميش والصالحية ودير الأحمر ورياق وأبلح. لقد شعرنا أن شبيبتنا شباب واعد وواع ومسؤول. بفضل وعيهم وتجردهم وحماسهم، سيكون لنا في الغد الآتي قادة حقيقيون مميزون. فلبنان عانى الكثير من الذين تسلموا الحكم منذ أكثر من ثلاثين سنة فأنهكوا الدولة، وهدموا مؤسساتها، ونهبوا أموالها، وحطموا اقتصادها، وأفقروا شعبها. ومن أجل المزيد، لا يريدون رأساً للدولة بانتخاب رئيس للجمهورية، ليكونوا هم رؤوسها المسخ، ولا يخجلون، لا من ذواتهم، ولا من الله، ولا من الوسطاء العرب والدوليين، ولا من المواطنين. فليتأكدوا أنهم فقدوا بالكلية ثقة الناس بهم واحترامهم".


وختم الراعي: "فلنحافظ على شبيبتنا، كنزنا الواعد والغالي، فهم مستقبل لبنان الحقيقي، وهم القوة التجددية فيه. نسأل الله أن يحفظهم بعنايته، ويفتح أمامهم مستقبلاً زاهراً، ليعيشوا دعوتهم في الحياة، تمجيداً لله الواحد والثالوث، الآن وإلى الأبد، آمين".


MISS 3