اللحوم الحمراء والسكّر من أسباب سرطان القولون والمستقيم لدى الراشدين الأصغر سنّاً

02 : 00

تكشف دراسة جديدة أن تناول اللحوم الحمراء والسكّر قد يزيد مخاطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم وسط فئة الشباب. 

لاحظ الباحثون زيادة بارزة في عدد الإصابات بهذا السرطان وسط الراشدين الأصغر سناً في آخر عقدَين أو ثلاثة عقود. لم يتضح السبب الكامن وراء هذه النزعة المقلقة، إذ لا ترتبط معظم الحالات بالعوامل الوراثية أو الجينية. لكن تشير أحدث البيانات الآن إلى وجود أدلة داعمة للفرضية القائلة إن العوامل البيئية قد تكون مسؤولة عن هذه الزيادة.

اكتشف الباحثون أيضاً أن المصابين بسرطان القولون والمستقيم قبل عمر الخمسين كانوا يحملون مستويات منخفضة من السترات. ينتج الجسم السترات أثناء تحويل الطعام إلى طاقة، وتبيّن أنه يكون أقل مستوى من العادة لدى الأصغر سناً مقارنةً بكبار السن المصابين بسرطان القولون والمستقيم.

طُرِحت نتائج البحث خلال الاجتماع السنوي للجمعية الأميركية لعلم الأورام العيادي في 3 حزيران 2023.

يقول المشرف الرئيسي على البحث، سونيل كاماث، أخصائي في أورام الجهاز الهضمي في «عيادة كليفلاند»: «استعملت دراستنا تقنية «الميتابولوميات» التي تحلل المنتجات المتفككة وإنتاج اللبنات الأساسية في الجسم بحثاً عن أي اختلافات في سرطان القولون والمستقيم لدى الشباب مقارنةً بكبار السن المصابين بالمرض نفسه».

لإجراء الدراسة، استعمل الباحثون عينات من «المستودع الحيوي في عيادة كليفلاند» وركزوا على المصابين بسرطان القولون والمستقيم بين المرحلة الأولى والرابعة. ثم وزعوا المرضى على مجموعتين بناءً على عمرهم: أصغر من 50 عاماً، وأكثر من 60 عاماً. شملت الدراسة 170 مشاركاً مصاباً بالمرض.

رصد الباحثون بعد تحليل الروابط نواتج أيضية عدة تختلف مستوياتها بين المجموعتين، بما في ذلك السترات والكولسترول. لاحظوا أيضاً تغيرات بارزة في المسارات الأيضية المرتبطة بأيض الكربوهيدرات والبروتينات لدى المصابين بأولى مراحل سرطان القولون والمستقيم مقارنةً بالمصابين بدرجة متوسطة من المرض.




تعني هذه الاستنتاجات أن عوامل مثل فرط استهلاك المشروبات السكرية أو اللحوم الحمراء والبدانة قد تكون من مسببات سرطان القولون والمستقيم لدى الأصغر سناً.

يقول الدكتور ليونارد أوغنليشت، أستاذ طب وخبير في علم الأحياء الخلوي في «كلية ألبرت أينشتاين الطبية» (لم يشارك في الدراسة الجديدة): «يسلّط هذا البحث الضوء على مسألة أساسية: ثمة زيادة هائلة في الإصابات المبكرة بسرطان القولون والمستقيم لدى الأفراد الأصغر سناً. تطرح هذه النتائج أسئلة مهمة. في المقام الأول، يبدو أن هذه الدراسة تتمحور حول الميتابولوم (جزيئات صغيرة تنجم عن تفكيك مركّبات أكثر تعقيداً). هي تستعمل عينات من الأورام وتقارن أنسجة الورم بين المرضى الأصغر سناً وكبار السن. كذلك، تكثر المعلومات المفيدة حول الاختلافات في طبيعة الأورام مع التقدم في السن، لكنها لا توضح سبب تلك الاختلافات أو الأنماط الغذائية الكامنة وراءها في الأورام التي تصيب الشباب وكبار السن. من الضروري أن نُحدد العوامل التي تفسّر الاختلافات الأيضية المرتبطة بمخاطر السرطان، لكنها عملية صعبة بسبب تعقيدات الحمية البشرية وتقلباتها، فضلاً عن الطبيعة التفاعلية للمغذيات التي تؤثر على برمجة الخلايا».

يوضح الدكتور أنطون بيلشيك، أخصائي في جراحة الأورام ورئيس قسم الجراحة العامة في «مركز بروفيدانس سانت جونز» (لم يشارك في الدراسة الجديدة): «نظراً إلى تفشي سرطان القولون والمستقيم وسط الشباب، يحمل هذا الموضوع أهمية كبرى».

يوافقه الرأي الدكتور تيجاساف سهراوات من جامعة «يال»، فيقول: «يُعتبر سرطان القولون والمستقيم من أكثر الأمراض السرطانية شيوعاً، وغالباً ما يتم تشخيصه في مراحل متقدمة للأسف، رغم تعدد برامج الفحوصات».

يضيف كاماث: «تبقى هذه النتائج أولية ويُفترض أن تخضع لدراسات إضافية، لكنها تكشف أن التركيز على تخفيض معدلات البدانة وتخفيف استهلاك اللحوم الحمراء والسكر في الحمية الغذائية قد يساعدنا على الوقاية من الأمراض السرطانية، لا سيما سرطان القولون والمستقيم. لا يعني ذلك أن «السكر يغذي السرطان» لدى المصابين بالمرض، بل إن تخفيف استهلاك السكر لدى الأشخاص الأصحاء وغير المصابين بالسرطان قد يسهم في الوقاية من المرض مسبقاً».

يوضح سهراوات: «توصي معظم التوجيهات بالحد من استهلاك اللحوم الحمراء والمُصنّعة، لا سيما عند وجود تاريخ عائلي بمرض السرطان. كذلك، يُعتبر الكحول من أبرز مسببات السرطان في الجهاز الهضمي، لذا من الأفضل تجنب استهلاكه قدر الإمكان. تربط الدراسات أيضاً بين البدانة وزيادة حالات سرطان القولون والمستقيم، لذا تبقى الحمية الغذائية المتوازنة مقاربة مفيدة بشكل عام».

يوافقه بيلشيك الرأي ويتكلم عن وجود رابط واضح بين اللحوم الحمراء، والمأكولات المُصنّعة، وسرطان القولون والمستقيم: «يجب أن نشجّع الجميع على تبنّي حمية متوازنة تكثر فيها الفاكهة والخضروات الطازجة مقابل تراجع اللحوم الحمراء والمنتجات المُصنّعة منذ سن مبكرة لتخفيض احتمال الإصابة بسرطان القولون والسرطان».

في النهاية، يستنتج كاماث: «قد تساعدنا هذه الاستنتاجات على تحديد الأدوية القادرة على استهداف بعض مسارات الأحماض الأمينية ومسارات أيضية أخرى لتحسين النتائج المحققة وزيادة فرص نجاة المصابين بسرطان القولون والمستقيم». في مطلق الأحوال، تبرز الحاجة إلى إجراء أبحاث إضافية لمتابعة استكشاف هذه الروابط.


MISS 3