طوني فرنسيس

جنين والإحتلال المديد

6 تموز 2023

02 : 00

خاضت إسرائيل في مخيم جنين معركة إضافية فاشلة سلفاً لتثبيت احتلالها للأراضي الفلسطينية. هي قامت بغزوات مماثلة في هذه المدينة منذ سنوات. الغزوة الأكبر ربما تعود إلى ما قبل 20 سنة، وطوال هذا الوقت لم تُغيّر في سلوكها ونهجها ورؤيتها. بالنسبة لها هي تخوض حرباً ضد حفنة من الإرهابيين، وتتجاهل صلب المشكلة في أنّها قوة احتلال على أرضٍ أجنبية.

ليست الغزوات العسكرية التي تتطور أساليب مواجهتها، هي وحدها التي تزيد في غضب الشباب الفلسطيني وتدفعه إلى حمل السلاح في وجه الاحتلال، فالاستيطان المتوحش هو عامل أساسي في الدفع باتجاه المقاومة. خلال الأيام الأخيرة قررت حكومة نتنياهو بناء 13 ألف شقة سكنية على أراضي الضفة، وفي اليوم التالي كانت تهاجم مخيماً للاجئين فلسطينيين على أرضهم وتهجّر نصف سكانه مرّة أخرى. لقد زاد عدد المستوطنين اليهود في الضفة إلى نحو 700 الف مستوطن والخطط الإسرائيلية تطمح إلى رفعه حتى المليون خلال الفترة القريبة المقبلة.

تتصرف إسرائيل متناسية تماماً القرارات الدولية بإقامة دولة فلسطينية في الضفة وقطاع غزة ، ومنذ 2014 توقف البحث تماماً في هذه التسوية التي كانت الولايات المتحدة تتولاها. باتت إسرائيل تنظر إلى الضفة كأرضٍ مُستعادة إلى الوطن اليهودي وليس مطروحاً إقامة دولة فلسطينية عليها، وإنما يجب طرد سكانها وجلب المستوطنين إليها وتكريسها جزءاً من إسرائيل الكبرى التي لم تتحدد حدودها رسمياً بعد.

في هذا المناخ الذي بلغ ذروته مع حكومة نتنياهو الراهنة، لا مفاجأة في أن يبلغ التوتر أشده، وأن يشعر الفلسطينيون بعد 56 عاماً بالتمام والكمال على اجتياح ضفّتهم وقطاعهم أن لا بديل عن المواجهة والمقاومة، وأن لا بديل من أجل مواجهة ناجحة عن توحيد الرؤية الفلسطينية ضمن مشروع وطني موحد يضع حداً لحالة الانقسام ويخوض معركة على مستويات عدة ومتنوعة، بدءاً من الإضراب العام والعصيان المدني المفتوح وصولاً إلى العمل المسلح.

ترتاح إسرائيل إلى غياب مشروع المواجهة هذا. وخلال غزوة جنين الأخيرة كرر مسؤولوها ومحللوها نظرية اليد الإيرانية في جنين والضفة، ولاحظوا بارتياح أنّ جبهة غزة بقيت هادئة بقيادة «حماس» وأنّ «حزب الله» الذي يهدد إسرائيل لم يلجأ مع شركائه الفلسطينيين إلى تطبيق نظرية «وحدة الساحات».

مصدر الارتياح الإسرائيلي الرئيسي هو الانقسام الفلسطيني، وعدم اهتمام العالم بما يجري إلّا من باب الأمن الإسرائيلي، ولن يتغيّر المشهد الا بعد إنهاء الانقسام وتحديد برنامج فلسطيني موحد يجمع الفلسطينيين حوله ويفرض على دول العالم انخراطاً جدياً لوضع حد لآخر قضية استعمارية في تاريخ العالم.


MISS 3