الرياشي في الذكرى العاشرة لبيار صادق: رسم تاريخ لبنان والمقاومة اللبنانية

15 : 37

نظمت "دار الحوار"، في الذكرى العاشرة لرسام الكاريكاتور بيار صادق، ندوة فكرية حوارية لتكريمه "واستخلاص العبر من رؤيته التي ترجمت برسومات كثيرة".


حضر الندوة إلى عائلة بيار صادق، ممثل حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع مستشاره للشؤون السياسية أنطوان مراد، النائب ملحم الرياشي، النائب مارك ضو، وزير الإعلام السابق وليد الداعوق، مختار بحمدون فؤاد جبور، رئيس "نادي الصحافة" بسام أبو زيد، رئيس تجمع "رابطة لبكرا" غسان الخوري، رئيس رابطة "آل تابت" وسيم تابت، منسق منطقة بيروت في "القوات" إيلي شربشي، رئيس جمعية "إنفرا غرين" بيار بجاني، الشاعر هنري زغيب، عضو الهيئة التنفيذية في الرابطة المارونية المحامية ناتالي الخوري، المحامي بولس كنعان، مؤسس "دار الحوار" بشارة خيرالله وأعضاء لجنة "دار الحوار" وعدد من الفعاليات.


بعد النشيد الوطني وعرض مقتطفات من رسومات بيار صادق الكاريكاتورية ومواقفه، تلا مؤسس "دار الحوار" كلمة الشاعر عقل العويط الذي تغيب بداعي السفر، قال فيها: "يهمني باختصار شديد، في الذكرى العاشرة لغياب بيار صادق (1938-2013)، أن أقول إنه كان شخصا خطيرا للغاية. تكمن خطورته في ذكاء رسمه وكاريكاتوره، وفي نفاذه إلى أعماق هذا الفن، إلى طبقاته ومراتبه، وفي شغله على تظهير خصوصياته، وفي تعميمه، بما يجعله عملا ثقافيا ونخبويا وخصوصيا ومتميزا ومختلفا، ويجعله في الآن نفسه ملكا للحيز العام، وفي متناول الجمهور الواسع".


أضاف: "أحسن ما فيه، بل أجمل ما فيه، بل أنبله، أن بيار صادق لم يوظف هذا الذكاء الفني الخطير في خدمة الشر، ولا في خدمة الاستبداد، ولا في خدمة الفساد، بل في خدمة الأفكار والقيم التي آمن بها، وفي مقدمها الحرية، وما يحف بها من خير وجمال وأنسنة، ومن مستلزمات وطنية وسياسية ومجتمعية. لقد أدرك بيار صادق، بموهبته الرؤيوية النفاذة، أن الكاريكاتور، الذي كان ملعبه الأثير، هو فن ماكر للغاية، بما يظهره من معنى قريب المتناول، هو الجانب البين والظاهر منه، وبما يستبطنه من رموز وإيحاءات وأبعاد ودلالات، وهو المستور الخفي فيه".


وتابع: "على هذين الحبلين الدقيقين المرهفين، كان بيار صادق يلعب لعبته الخطيرة، ويمارس فنه الذكي، منخرطا حتى العظم في قيادة الرأي العام، ومضطلعا بدوره الثقافي – المجتمعي - السياسي – الوطني، الشديد التأثير والفاعلية والجدوى. خطورة بيار صادق المتعددة والمتنوعة والمتصاعدة هذه، كانت إيجابية لا سلبية. نظيفة لا ملوثة. خيرة وليست شريرة ولا جهنمية. وهي خطورة، إذ تتلبس الفن، وترفع لواءه، ظاهرا وباطنا، شكلا ومضمونا، خطا وحبرا أسود ولونا، كانت في الآن نفسه، تمارس فعلا ثقافيا يحمل الفن إلى ما هو أرحب مدى، وما هو أشمل، وأكثر تعقيدا، بحيث تصبح الثقافة التزاما انسانيا يحتل الكائن البشري فيه مرتبة الجوهر، وتكون السياسة والوطنية فيه بعضا من هواجس هذا الالتزام وهمومه وتجلياته".


وقال: "هذا الكاريكاتور الماكر، كان ظاهره هازلا، مسليا، خفيفا، ناقدا، وكان في مقدور المتلقي أن يستغرق فيه، فيستطيب ما يعرض أمامه، مكتفيا به، ومعربا عن ارتياحه للخدمة التي تقدمها إليه الجريدة أو الشاشة أو وسيلة التواصل الاجتماعي أو سواها من وسائط التفاعل. لكن المكر، كل المكر، أن هذا الكاريكاتور كان يفعل فعله السحري في المتلقي الفردي والجماعي، وفي الفضاء العمومي، وفي الرأي العام، محفزا، مستنهضا، مستثيرا، محرضا، من دون أن يدعي ذلك، أو يستعرض، أو حتى أن يتفلسف. كاريكاتور بيار صادق، ماكر ليس لأنه ناجح فنيا فحسب. صحيح أنه كاريكاتور - بيار صادقي – فنيا؛ بسيط، مباشر، خادع، متسلل، مدغدغ، منشط، قارص، عاقص، ناخع، ناكز، لاكز (كالمساس)، ناهش، ومضحك، في الآن نفسه. لكن الصحيح أيضا أنه كاريكاتور ذكي، ملتزم، حر، سيد، مستقل، مناضل، وبعيد المدى. وبسبب من هذا وذاك، هو يوقع المتلقي في حبائله الماكرة. وها هنا تكمن خطورة بيار صادق".


وختم العويط: "في ذكرى غيابك العاشرة، يا بيار، كم لبنان، كم دولة لبنان "الواقفة على صوص ونقطة"، كم نحن اللبنانيين، في حاجة إلى مثل خطورتك النقية النبيلة، الآن، وهنا. سلامي إلى بيار صادق".

زغيب


واستذكر الشاعر هنري زغيب مراحل عديدة من بدايات بيار صادق في مجلة الرسالة التي أصدرت عددها الأول في كانون الثاني سنة 1955، ثم كيف كانت الناس تبدأ بقراءة جريدة "النهار" من الصفحة الثامنة حيث يرسم صادق رسمته، مرورا بابتكاره للرسم الكاريكاتوري المتحرك عبر شاشة التلفزيون، واصفا صادق "بالمبدع الذي اعتمد المعادلة الأميركية Less Is More (الأقل هو الأكثر)، فاستطاع إيضاح الرموز التي كان يرسمها بأقل عدد من الخطوط".



غادة صادق ابيلا

وشددت السيدة غادة صادق ابيلا في كلمتها على دور والدها في مراحل سياسية عدة "وكيف كان يتعامل مع التهديدات السياسية التي طالته شخصيا وطالت عائلته، وكان يردد دوما أن صداقته مع السياسيين كافة، لم تمنعه يوما من انتقادهم، لكن سر نجاحه كان بسبب كثرة الأحداث في لبنان، والتي تتطلب كثافة في رسم الكاريكاتور".

خيرالله


بدوره شدد مؤسس "دار الحوار" على "أهمية بقاء مسيرة بيار صادق راسخة في وجدان الجيل الذي عرفه وتابع مواقفه عبر الكاريكاتور اليومي في الجريدة والتلفزيون"، أسفا لعدم وجود أمثاله اليوم في الجيل الشاب، داعيا إلى "ضرورة إيجاد وخلق ودعم نماذج جديدة من بيار صادق تنتمي إلى جيل الشباب".

الرياشي


من جهته، اعتبر الرياشي ان "الكلام عن بيار صادق قليل بالمقارنة مع حجم السرعة التي كان يرسم فيها الكاريكاتور، لكن أهمية الكلام عن بيار صادق تأتي كونه بحجم الخلود الذي يتركه المفكر والشاعر والمبدع بعد انتقاله إلى الجهة الثانية، مشددا على الدور الذي لعبه بيار صادق في كتابة التاريخ الحديث، في صناعة الكلمة بالرسم وصناعة الرسم بالكلمة، وتأريخ لبنان بالرسومات الكاريكاتورية"، مؤكدا انه "لا يمكن المرور على تاريخ لبنان ولا حتى على تاريخ المقاومة اللبنانية من دون العودة إلى رسومات بيار صادق".


وكشف أنه سوف يعمل مع زميله النائب مارك ضو الحاضر في الندوة، على "إعداد اقتراح قانون وتقديمه إلى مجلس النواب لرعاية أثار المبدعين أمثال بيار صادق وتخليدها".

مداخلات

وكانت مداخلات عدة، بحيث اعتبر الداعوق أن أسعد اللحظات كانت يوم زار بيار صادق في منزله وسلمه وسام الأرز من رتبة كومندور قلده اياه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان سنة 2012، معتبرا أن "شريط الصور لرسمات بيار صادق غنية بكل المواقف ولا تزال صالحة كونها تعبر عن الفترة الحالية أيضا".


وركزت مداخلة مراد على ما جاء في الكتاب المقدس "الأولون أخرون والأخرون أولون"، معتبرا أن "كاريكاتور بيار صادق كان يأتي في الصفحة الأخيرة من الجريدة، لكنه كان بمثابة الافتتاحية فيها، كذلك في نشرة الأخبار المتلفزة، بحيث كان الكاريكاتور المختصر المفيد للنشرة الاخبارية".


وركزت مداخلة النائب مارك ضو على الجانب الشخصي كون بيار صادق كان صديق والده. واعتبر ان "كاريكاتور بيار صادق ساهم في صناعة رأي عام الجيل الشاب الذي يبدأ عمله السياسي من دون تحليل، مكتفيا ببناء الموقف على الاستماع أو مشاهدة الرسوم الكاريكاتورية".


واستذكر أبو زيد المحطات المهمة مع بيار صادق خلال فترة عمله في "المؤسسة اللبنانية للإرسال"، وكيف كانت تولد الأفكار ثم تترجم إلى رسم كاريكاتوري.


أرملة بيار صادق السيدة حنان صادق اعتبرت ان زوجها كان "صادقا في بيته ومع عائلته وفي عمله وفي طريقة تعاطيه، وكلمة صادق كانت تليق به".


المداخلة الأخيرة كانت لابراهيم زود صاحب "غاليري دامو" التي لعبت دورا ثقافيا مهما في فترة الحرب.

MISS 3