جورج بوعبدو

"فتّح عين غمّض عين" على مسرح "مونو"

سينتيا كرم وفؤاد يمين... براعة الأداء الساحر

12 تموز 2023

02 : 01

تصفيق لأكثر من دقيقة بعد نهاية العرض

اسمان فقط، كل منهما كفيل باستقطاب جمهور واسع: سينتيا كرم وفؤاد يمين. كيف بالتالي إذا اجتمعا على خشبة واحدة؟ ستكون طبعاً ساعة وربع من الضحك الصافي. ما من شكّ بذلك. تمّ الاعلان عن المسرحية بملصقٍ مبتكر يظهر الممثليْن برسمٍ كرتوني وقد تقدّم بهما العمر. الملصق المذكور كان كفيلاً بإثارة الفضول، وقد زاد التشويق فيديو ترويجي نشر على وسائل التواصل لاحقاً. وهكذا توافد المئات الى مسرح «مونو» بالأشرفية لحضور مسرحية «فتّح عين غمّض عين» لسارة عبدو وكريم شبلي طمعاً ببعض الترفيه.



ملصق ترويجي



تبدأ الحكاية منذ الباحة الخارجية للمسرح حيث ثبّت كرسي حمام تمهيداً للقصة.

أما الحكاية فقصة عجوزين، هما ابراهيم (فؤاد يمين) وعايدة (سينتيا كرم). هي فصول من عمرهما يتذكرانها بأسلوب سردي وحوار مشوّق مضحك ومؤثر في آن، بعيد كل البعد عن الرتابة والتصنع بإخراجٍ مبتكر مع مشهدٍ افتتاحي ليمين وهو يقضي حاجته في الحمام متشاجراً مع زوجته خلف الباب. هي اذاً حكاية هذا الزوج الذي مرّ بكل المآسي والافراح وقهر الحزن والموت وبقي صامداً في وجه تحديات الحاضر والماضي، رغم كل المطبات والعراقيل لينتصر الحبّ في النهاية بلا منازع. تكاد وانت تحضر المسرحية تشعر بأنّ التفاصيل المنقولة بتمثيلٍ متقن هي قصصك أنت مع نصفك الآخر. كأنّها فصول يومياتك أو جزء من حكايات جيرانك أو اقاربك أو معارفك. عايدة وابراهيم يتلاسنان ككل زوجٍ على الصغيرة والكبيرة، تنهره لعدم وضع حذائه حيث يجب، ولبعثرة أغراضه أو عدم القيام بواجباته الزوجية، ويبادلها هو العتب بالتركيز على شوائبها. ولكنهما في كلّ تلك المراحل وعلى امتداد المسرحية لا ينفكّان يتذكّران قصصاً وحكايات عاشاها معاً: لحظات العشق الأول والقبلات المسروقة وحلاوة الزواج، ومحاولات الحمل والاجهاض، ثم فرحة الولادة وخيبة هجرة الابن، وصولاً الى مغادرة رب الأسرة للانضمام الى جبهة القتال وساعات التضرّع الى مريم العذراء لعودته سالماً، عقب أيامٍ مثقلةٍ بالقصف والانفجارات وانعكاسها المرهق على الروح والجسد.

رائعٌ هو النص ببساطته وعفويته القريبة من القلب، ويتقاسم البطلان إبداع التمثيل في انسجام تام وكيمياء مطلقة وكأنهما تقمّصا جسدين في حالتيهما المتناقضتين: الشباب والكهولة. وجميلٌ كان انتقال كرم ويمين بلمح البصر، وببراعةٍ استثنائية من ظهرٍ محدودب وشعر أبيض الى قامة شامخة وشباب نضر. مبهرة كانت كرم، التي تسجّل نجاحاً تلو آخر، ففي آخر سنتين أبدعت في أداء أغنيات لشارل أزنافور بأمسية خصصت له، ثم بدور «روكسي هارت» في موزيكال «شيكاغو» التي تنتقل الى «بيت الدين» ضمن مهرجاناتها في الشهر الحالي، بعد عروض ناجحة متتالية على مسرح «كازينو لبنان».





تُسحرك سينتيا بأدائها الاحترافي ومستواها الرفيع وسلاستها في التمثيل والسرد. أصبحت بالفعل رقماً صعباً يفرض نفسه بقوة على الساحة الفنية. ولعلّ أكثر ما يميزها هو تعدّد المواهب الصارخ لديها، فهي ممثلة، مقلّدة ومطربة في آن قادرة على خطف انفاسك في أكثر من منعطف، تماماً كما فعلت حين علا صوتها مردّدة ترنيمة تضرعت بها الى مريم العذراء في أحد مشاهد المسرحية.

لا يقلّ أداء يمين احترافيةً، فالممثل الذائع الصيت لبراعته في الأداء خصوصاً في الأدوار الكوميدية، يتربّع على عرش أكثر الممثلين استقطاباً للجماهير. لا عجب في ذلك أساساً، وها هو هنا يبهرنا مرةً أخرى بأداء يستحق الثناء فقد أدهشنا بلغتي الجسد والتمثيل متقمّصاً دوره بأبهى حلّة.

ساعة وربع من الضحك والتأثر... من القهقهات والعيون الملأى بدموعٍ مكبوتة... من العودة الى ذكرياتٍ مضت ووقائع ملموسة اختبرناها جميعاً... ساعة وربع مرّت بلمح البصر، تماماً كعنوان المسرحية، واستحقت تصفيقاً متواصلاً وقوفاً لأكثر من دقيقتين تقديراً للعمل المتكامل والأداء المبهر والمجهود المضني... «فتّح عين غمّض عين» عمل يستحقّ المشاهدة ورفع القبعة إجلالاً.

تستمرّ المسرحية حتى 23 تموز

للحجز:

الواتساب: 70248814

كل فروع مكتبة انطوان

أسعار البطاقات:10$ - 15$ - 20$ - 25$














MISS 3