الليزر يُسهّل توقّع توقيت انفجار البراكين

01 : 59

حين نشاهد تقارير إخبارية عن البراكين التي تقذف الحمم والرماد، قد نقلق جميعاً على الأشخاص المحيطين بتلك المناطق. يعيش شخص واحد من كل عشرة حول العالم على مسافة مئة كيلومتر من بركان ناشط. على كل من يقيم بالقرب من البراكين، أو يزرع في أراضيها الخصبة، أو يزور المناظر الطبيعية الخلابة هناك، أن يفهم مسببات انفجار البراكين.



نشرت مجلة «ساينس أدفانسز» نتائج بحث جديد استعمل تقنية الليزر للتعمق في التركيبة الكيماوية للصهارة المنفجرة مع مرور الوقت. وبما أن الخصائص الكيماوية لتلك الصهارة تؤثر على مرونتها، وميلها إلى الانفجار، ومخاطرها المحتملة، قد يسمح هذا البحث بمراقبة تطور الانفجارات البركانية وتوقّعها مستقبلاً.



لعزل إشارات الذوبان، إستعمل الباحثون في تجربتهم الليزر بالأشعة فوق البنفسجية، وهو يشبه الأجهزة المستعملة في جراحة العين، لتفجير مصفوفة الصخور بين البلورات الأكبر حجماً. ثم حللوا الجزيئات التي ينتجها الليزر عبر القياس الطيفي الكتلي لتحديد التركيبة الكيماوية في المصفوفة البركانية. تسمح هذه الطريقة بإجراء تحليل كيماوي سريع.



سرّعت هذه التقنية قياس الخصائص الكيماوية للمواد المُذابة ومراقبة تطورها مع مرور الوقت وتعمقت بتفاصيلها، مقارنةً بالتحليلات التقليدية للصخرة كلها، أو سمحت بفصل المصفوفة وأجزاء البلورات عن عينات الصخور المسحوقة.



حتى لو اعتُبِرت البلورات «كبيرة»، غالباً ما تكون صغيرة بقدر حبّة الملح (أو تصل إلى حجم حبّة الحمص في أفضل الأحوال) ويصعب تحريكها.

ركّزت الدراسة الجديدة على ثوران بركان لابالما في العام 2021، وهو الانفجار البركاني الأكثر تدميراً في تاريخ جزر الكناري.



بين أيلول وكانون الأول 2021، غطّى 160 مليون متر مكعب من الحمم البركانية أكثر من 12 كيلومتراً مربّعاً من الأراضي، فتدمّر أكثر من 1600 منزل، وتمّ إجلاء أكثر من 7 آلاف شخص، وبلغت قيمة الخسائر أكثر من 1.4 مليار دولار.

حلّل الباحثون عينات الحمم البركانية التي جمعوها بطريقة منهجية عبر مساعديهم في إسبانيا طوال ثلاثة أشهر من الثوران البركاني.

إنها عيّنات بالغة الأهمية لأننا نعرف تاريخ ثوران البركان، وباتت الحمم البركانية المنبثقة من الانفجار تغطي الآن جزءاً كبيراً من المواقع التي أُخِذت منها العينات.



من خلال استعمال تقنية عاملة بالليزر، يمكن رصد تغيرات في الخصائص الكيماوية للحمم البركانية وهي على صلة بالتغيرات الحاصلة في الهزات الأرضية وانبعاثات ثاني أكسيد الكبريت، بالإضافة إلى أسلوب الثوران البركاني والمخاطر المترتبة عنه، بما في ذلك تغيّر الحمم البركانية السميكة التي تكون أشبه بجرّافة في بداية الانفجار، والحمم السائلة التي تنتج أنهاراً من الحمم البركانية السريعة، وأنفاق الحمم التي تتشكّل في مرحلة لاحقة من الانفجار.



إكتشف الباحثون أيضاً تغيراً محورياً في الخصائص الكيماوية للحمم البركانية قبل أسبوعَين تقريباً على انتهاء الثوران البركاني، ما يشير إلى تبريد الصهارة بسبب تراجع كمياتها. يمكن رصد تغيرات مماثلة واعتبارها مؤشراً على حصول ثوران بركاني مستقبلاً حول العالم.

لا يمكن تجنب انفجار البراكين أو التنقل في داخلها كما تصوّر كاتب الخيال العلمي الفرنسي جول فيرن يوماً. لكن تحسّنت تقنيات مراقبة البراكين بدرجة هائلة في العقود القليلة الماضية، وباتت تسمح لنا بمراقبة البراكين بطريقة غير مباشرة وتحسين التخمينات المرتبطة بنشاطاتها.



يهدف هذا البحث إلى اقتراح أداة مخبرية لاختبار العينات البركانية المُجمّعة خلال الانفجارات البركانية المستقبلية، ما يسمح بتحليل تطور الانفجارات البركانية وفهم سبب اندلاعها وتوقيت انتهائها.

في ظل حصول حوالى 50 انفجاراً بركانياً في أي وقت من السنة حول العالم، لا مفر من سماع خبر انفجار البراكين في نشرات الأخبار قريباً. لكن يمكننا أن نفكر هذه المرة بأهمية علم البراكين لتحسين طريقة فهمنا لعمل البركان وأسباب انفجاره وحماية الناس في محيطه.