تصرّ آني فارتيفاريان التي تتولّى مؤسسة «Art Design Lebanon» على إبقاء ذكرى ابنتها غايا فضوليان حيّة بأجمل الطرق. فالشابة التي خطفها انفجار الرابع من آب 2020 المشؤوم، كانت تحلم بإنتاج شبكة من المعارض الفنية على امتداد الوطن. لم يكتب لها أن تحقّق حلمها، ولكن الوالدة العصامية لم تستسلم فحوّلت حزنها بارقة أمل، بأن نظّمت مجموعة معارض يعود ريعها الى «مؤسسة غايا فضوليان».
لا يشذّ معرض «ألسنة النوم» عن القاعدة، إذ هو استكمال لمشروع خُطّط له قبل انفجار الرابع من آب بغية إقامة معرض مشترك للفنان حاتم الإمام والفنانة غايا فضوليان بمزج الفن التشكيلي بالتصميم الغرافيكي.
معرض «ألسنة النوم» للفنان التشكيلي حاتم الإمام الذي انطلق الخميس الفائت، هو وليد المعاناة وابن الفاجعة التي حلّت ضيفة على مسرح «مترو المدينة» في بيروت الذي لم يسلم بدوره من الأزمات، فحملته الشدّة إلى تغيير مكانه العريق بمسرح «أريسكو بالاس». ينقل المعرض رؤية غايا وشغفها بالفن والتصميم، عبّر عنها الإمام بوجدانه كاتباً عناوين عريضة من حياته على مخطوطات ولوحات تجريدية تأخذك إلى عوالم تثير مشاعر مختلطة ومتباعدة، من الارتياح إلى التعب ومن الحزن إلى الفرح، مع تصميم ديكور يجعلك واقفاً في نفق مظلم يبدو في آخره بصيص نور، ولوحة تفضح ما يختلجك من مشاعر وروحانيات؛ وكأنّ بعد كل نفق مظلم وموت نوراً وحياة.
«أنشأتُ الجمعية بعد وفاة ابنتي غايا بثلاثة أيام وقررت إكمال مسيرتها في عالم الفن التشكيلي والتصميم لتبقى في الذاكرة ولا يلفّها النسيان»؛ تؤكد مؤسسة الجمعية آني فارتيفاريان؛ مشيرة الى أنها نفّذت ضمن الهدف نفسه معرضين ضخمين ومزاداً في قصر سرسق، وضمّ كل معرض 30 فناناً تشكيلياً ومصمّماً وحرفياً، مع الحرص على ذكر أسماء الحرفيين والمصمّمين الذين ساعدوا في إنشاء المعرض.
«صحيح أنّ الفنان هو صاحب الفكرة والعمل، ولكنْ، هناك جنود مجهولون لا يطالهم الضوء. هدفي نفض الغبار عن هؤلاء وتقديمهم لأكبر شريحة ممكنة من الناس، إذ هكذا أوفيهم حقّهم»، توضح فارتيفاريان.
المعرض الحالي ليس تجارياً، وله طابع تاريخي، كما جرت العادة في المعارض السابقة؛ مع التركيز على إعطاء الفرصة للفنانين الشباب لإبراز مواهبهم وإيصال أفكارهم الفريدة.
تؤكد مديرة التسويق والعلاقات العامة في «Art Design Lebanon» سارة غنيمة أنه المعرض الفردي الأول للجمعية بخلاف المعارض السابقة فهو يضمّ 10 لوحات منها مخطوطات ومطبوعات معلّقة مع تصميم ديكور وإضاءة وأصوات خاصة بالمعرض. وتضيف: «هنا تجد كل شيء مختلفاً، فالصوت غريب والظلام دامس، فتجد نفسك في متاهة بين لوحات ومخطوطات تأخذك الى أبعاد مختلفة».
يوضح الفنان التشكيلي حاتم الإمام أنّ هذا المعرض ليس العمل الأول له مع آني فارتيفاريان، إذ سبقته معارض كثيرة منذ عام 2017 قبل حدوث الفاجعة، وتأسيس جمعية
«Art Design Lebanon». ويكمل أنّ الفن الذي يقدّمه يحاكي المناظر الطبيعية، والمعرض امتداد لرؤيته، إذ كثيراً ما تراوده أسئلة عن تعلّق البشر بالأماكن. تنتمي لوحات حاتم بغالبيتها إلى الفن التجريدي فهي لا تعطيك صورة واضحة عن المكان، ولكنها تأخذك في رحلة بحث عن الذات.
أما عنوان المعرض «ألسنة النوم» فعصارة أفكار وعبارات خطرت له في أثناء عمله على المعرض، مشيراً أنّ التعبير ليس حكراً على اللسان فحسب، بل يتعدّاه الى التعبير بالفن الصامت الذي يأخذك إلى الوعي واللاوعي. فالصوت يأخذ المُشاهد الواقف أمام اللوحة إلى عالم مجهول، وكلما اقترب من اللوحة رأى شيئاً مختلفاً فيها.
«أردت عزل اللوحات بعضها عن بعض على خلاف المعارض التقليدية، منعاً لتشتيت الأفكار ولإعطاء كل عمل حقّه، فتربط الناظر عَلاقة حميمة باللوحة تتخطّى حدود المكان إلى عالم آخر»؛ يختم الإمام.
يستمرّ المعرض حتى 20 تموز في»مترو المدينة».
ويتضمّن البرنامج:
- حواراً بين كريستين شايد وحاتم الإمام في الساعة 7 مساءً الثلثاء 18 تموز.
- حفلاً ختامياً مع جونيور صفير في الساعة 8:30 مساءً الخميس 20 تموز.
