واصلت التنقيب عن الغاز قبالة سواحل قبرص

أنقرة "تُكهرب" العلاقات مع نيقوسيا

10 : 56

تركيا لن تتراجع ما لم تُفرض عليها عقوبات قاسية تؤذي اقتصادها (أ ف ب)

تشهد العلاقات بين قبرص وتركيا، المتوتّرة منذ أكثر من أربعين عاماً بسبب الاحتلال التركي للجزء الشمالي من الجزيرة المتوسطيّة ما أدّى إلى تقسيمها إلى شطرين، تصعيداً حول مسألة احتياطات الغاز قبالة السواحل القبرصيّة بعدما قرّرت أنقرة القيام بعمليّات تنقيب تُخالف أبسط قواعد العلاقات بين الدول. وتطمح نيقوسيا لأن تُصبح لاعباً كبيراً في مجال الطاقة، بعد اكتشاف حقول ضخمة من الغاز في شرق البحر المتوسّط في السنوات الأخيرة، إذ وقّعت السلطات القبرصيّة عقوداً مع شركات عملاقة للطاقة، مثل "إيني" و"توتال" و"إكسون موبيل" للتنقيب عن الغاز. لكن تركيا تُعارض أيّ عمليّة تنقيب واستخراج للغاز يتمّ إقصاء القبارصة الأتراك منها.

وأرسلت أنقرة في الأشهر الماضية ثلاث سفن للتنقيب قبالة قبرص، متجاهلةً تحذيرات الاتحاد الأوروبي وواشنطن، وتوعّدت الثلثاء الماضي بتكثيف أنشطة التنقيب رغم تصويت الاتحاد الأوروبي على سلسلة تدابير بحقّها لردعها عن القيام بهذه الأنشطة "غير المشروعة" في المنطقة الاقتصاديّة الخاصة لقبرص.

ورأى أستاذ التاريخ والعلوم السياسيّة في جامعة نيقوسيا هوبرت فوستمان أنّها "لعبة لا أحد فيها على استعداد للتنازل"، موضحاً لوكالة الصحافة الفرنسيّة أن "أنقرة ستُواصل التنقيب، بل قد تُقرّر التنقيب في المساحات التي منحت الحكومة القبرصيّة ترخيصاً فيها"، لشركات أوروبّية وأميركيّة.

وردّاً على عمليّات التنقيب التركيّة الأخيرة، لجأ الاتحاد الأوروبي الساعي إلى بديل عن روسيا لإمداده بالغاز، إلى إقرار عقوبات تشمل اقتطاع 145.8 مليون يورو (164 مليون دولار) من أموال صناديق أوروبّية كانت ستُوجّه إلى تركيا العام 2020.

من جهتها، تؤكّد أنقرة أنّها غير ملزمة باتفاقات ترسيم الحدود البحريّة بين الحكومة القبرصيّة ودول أخرى مطلّة على البحر المتوسّط، متمسّكةً بحقوقها في الجرف القاري التركي. ولفت فوستمان إلى أن "تركيا لن تتراجع، فعقوبات الاتحاد الأوروبي خفيفة وغير مؤلمة، وأنقرة تعلم جيّداً أنّه ليس لديهم أيّ رغبة في المواجهة". كما رأى الخبير في مركز "اتلانتيك كاونسيل" للدراسات والعامل في قطاع المحروقات في قبرص تشارلز إيليناس أن أنقرة "لن تتراجع ما لم يفرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتّحدة عقوبات قاسية تؤذي اقتصادها".


ويُعرقل هذا التوتّر عمل الشركات الأجنبيّة للتنقيب عن النفط. واضطرّت سفينة استأجرتها شركة "إيني" للقيام بعمليّات تنقيب إلى أن تعود أدراجها في شباط، بعدما قطعت طريقها سفن حربيّة تركيّة، في خرق واضح للقوانين الدوليّة وتحدّ للدول الغربيّة.


وترى نيقوسيا أن الإدارة المشتركة للغاز لن تكون ممكنة إلّا بعد التوصّل إلى اتفاق سلام يضمن حصول القبارصة الأتراك على حقوقهم، لكن إيليناس اعتبر أن "تركيا ستُواصل عدوانها إلى أن تُوافق قبرص على طرح موضوع المحروقات على طاولة المفاوضات"، في وقت وصلت محادثات السلام إلى طريق مسدود.وتطمح قبرص لجني عائدات طائلة من الغاز، ففي حزيران أعلنت السلطات أنّها تتوقّع عائدات مقدّرة بـ8.2 مليار يورو خلال 18 عاماً من استغلال حقل "أفروديت" (بلوك 12) للغاز، بموجب عقد موقع مع شركات "شل" البريطانيّة - الهولنديّة و"نوبل إينيرجي" الأميركيّة و"ديليك" الإسرائيليّة. وقد تصل أرباح قبرص الإجماليّة إلى 15 مليار يورو على مدى عشرين عاماً بحسب إيليناس، "لكن ينبغي قبل ذلك ضمان المبيعات، وهذا تحدّ في سوق تتّجه بشكل مؤكّد نحو الطاقة النظيفة".

MISS 3