إكتشاف غير مسبوق لتلسكوب جيمس ويب الفضائي: الكربون كان موجوداً في فجر الكون

02 : 00

حين كان الكون حديث العهد، لم تكن عناصره الكيماوية وافرة. شملت هذه المساحة الهيدروجين، وكمية من الهيليوم، وآثاراً بسيطة لعناصر أخرى. لم تظهر العناصر الأثقل وزناً قبل أن تتشكّل النجوم، ثم تعيش وتموت في نهاية المطاف.

يسهل أن نتصوّر ذعر العلماء إذاً حين استعملوا تلسكوب جيمس ويب الفضائي لاستكشاف فترات غابرة من تاريخ الكون، فاكتشفوا كميات كبيرة من غبار الكربون، بعد أقل من مليار سنة على وقوع الانفجار العظيم.



يشير هذا الاكتشاف إلى وجود وسيلة معينة لزيادة إنتاج الكربون في الكون الأولي المضطرب، وهو يشتق على الأرجح من موت نجوم ضخمة وقذفها نحو الفضاء أثناء موتها.

يكتب الباحثون بقيادة عالِم الكونيات، جوريس ويتستوك، من جامعة «كامبريدج» في بريطانيا: «يطرح اكتشاف الغبار الكربوني على عتبة الانزياح الأحمر التي تتراوح بين 4 و7 مشكلة كبرى على نماذج إنتاج الغبار والسيناريوات الشائعة عن أولى مراحل الكون».

كانت مرحلة فجر الكون، التي تشير إلى أول مليار سنة من عمر الكون وتلي الانفجار العظيم منذ 13.8 مليار سنة، فترة حاسمة. تشكّلت خلالها أوائل الذرات والنجوم، وظهر أول ضوء وسط الظلمة. لكن احتاجت النجوم بحد ذاتها إلى إنتاج كميات كبيرة من عناصر أثقل من الهيدروجين والهيليوم.

داخل الأفران النووية الساخنة والكثيفة في نواة النجوم، تُحطّم هذه الأخيرة الذرات جماعياً، وتدمجها وتُحوّلها إلى عناصر أثقل وزناً خلال عملية التركيب النووي النجمي. لكن تتراكم كمية كبيرة من هذه العناصر الثقيلة في النجمة بكل بساطة إلى أن تفتقر إلى مواد الانصهار وتموت، فتقذف محتواها إلى الخارج، نحو الفضاء المحيط بها. تتطلب هذه العملية بعض الوقت.

استعمل ويتستوك وزملاؤه تلسكوب جيمس ويب الفضائي لتحليل رواسب الغبار خلال فجر الكون ورصدوا ظاهرة غريبة، فاكتشفوا خاصية قوية على نحو غير متوقع في الطيف المرتبط بامتصاص الضوء المنبثق من غبار غني بالكربون، داخل مجرات كانت موجودة منذ 800 مليون سنة فقط بعد الانفجار العظيم.

تكمن المشكلة في الفرضية القائلة إن إنتاج حبيبات ذلك الغبار يحتاج إلى مئات ملايين السنين، وتشير خصائص المجرات إلى أنها كانت أحدث من أن تستطيع إنتاجها. لكنّ حل هذه المعضلة ليس مستحيلاً.

يقال إن أولى النجوم في الكون كانت أكثر ضخامة بكثير من النجوم الحديثة التي نشاهدها من حولنا اليوم. وبما أن عدداً إضافياً من النجوم الضخمة يحترق عبر تسريع استعمال احتياطيات الوقود فيه، كانت تلك النجوم لتعيش لفترة قصيرة نسبياً، فتنفجر في فترة السوبرنوفا التي تستطيع نشر مواد ثقيلة في مرحلة أبكر نسبياً.

يُعتبر جزء من النجوم الموجودة اليوم مصانع مطلقة للغبار أيضاً. إنها نجوم ضخمة معروفة باسم «وولف رايت»، وقد وصلت إلى نهاية حياتها وتوشك على بدء مرحلة السوبرنوفا. لا تشمل هذه النجوم كمية كبيرة من رواسب الهيدروجين، لكنها غنية بالنيتروجين أو الكربون، وهي تستعد لقذف كتلتها بوتيرة عالية جداً. سيكون الجسم المقذوف غنياً بالكربون أيضاً.

قد لا يكون اكتشاف كميات كبيرة من الكربون في مجرات متعددة خلال فجر الكون دليلاً على وجود تلك العمليات فحسب، بل يبدو أنها كانت شائعة في أولى مراحل الكون أكثر مما هي عليه في الزمان المكاني الحديث.

في الوقت نفسه، قد يعني هذا الاكتشاف أن النجوم الضخمة كانت المعيار السائد خلال الجيل الأول، ما قد يوضح سبب غيابها في الكون اليوم. نُشرت نتائج البحث في مجلة «ناتشر».


MISS 3