فؤاد أبو ناضر

فضح ألاعيب حاكم مصرف لبنان

لن تتمكّنوا من سرقة أولادنا!

31 تموز 2023

02 : 00

أوكلت الحكومة اللبنانيّة إلى شركة KPMG أمر تدقيق حسابات مصرف لبنان بين سنة 2015 وسنة 2019 (بالرغم من أنّ هذه الحسابات قد سبق لشركة Ernst & Young/ Deloitte أن قامت بتدقيقها والمصادقة عليها)، وكذلك حسابات سنوات 2020/2021 و2022، علماً بأنّ KPMG لم تجد أية مخالفات بين سنوات 2015 الى 2019، مع أنّ سنة 2018 كانت تتضمّن مبلغ ستة مليارات دولار في خانة الإصول السياديّة (seigneuriage)، كما كشفت صحيفة الــFinancial Times، بما يبيّن أنّ هناك تلاعباً محاسبياً من قبل حاكم مصرف لبنان.

أين هي ميزانيات مصرف لبنان العائدة لسنوات 2020، 2021 و2022 المدققة من قبل KPMG؟

ماذا تقول KPMG عن آخر الألاعيب المحاسبية التي قام بها مصرف لبنان لا سيّما إيجاد مراكز أصول جديدة في ميزانيته؟

كيف يمكن ألّا يكون هناك مخالفات بالرغم من أنّ «التعديلات» التي جرت لا تتناسب مع المعايير المحاسبيّة اللبنانيّة والدوليّة ولا مع أي منطق علمي أو مالي؟

تحويل الخسائر إلى أصول

في الحقيقة، إنّ تحويل الخسائر إلى أصول هو من الإبتكارات غير القانونيّة حتى لا نقول إحتياليّة.

إنّ تحويل خسائر مصرف لبنان الناتجة عن عمليّة Ponzi إضافة الى الهندسات الماليّة التي وضعها حاكم مصرف لبنان بنفسه (والتي إستفاد منها مساهمو المصارف بطريقة ملتوية)، إلى ديون مستحقة على الدولة لصالح مصرف لبنان وتحميلها للمكلفين (والذين أصبحوا ضحايا لأنّ عدداً كبيراً منهم كان ولا يزال من عداد المودعين في البنوك)، بدل تحميلها لمصرف لبنان والمصارف التجاريّة... يشكل جرماً فادحاً.

هذا سيزيد من جهة حجم الخسارة على كاهل المكلفين بدلاً من تحميلها لمساهمي المصارف، وسوف ينتج خسائر مستقبليّة من جهة أخرى، تتحمّلها الأجيال القادمة، ذلك أنّ بيع الأصول العقاريّة والأصول الأخرى العائدة للدولة لا يمكن أن تكون كافية لتغطيتها.

ماذا يقول وزير المال عن كلّ هذا وهو الذي كان مديراً مسؤولاً في مصرف لبنان، وأحد مهندسي الهندسات الماليّة؟ في الحقيقة فإنّ المادّة 75 من قانون النقد والتسليف تلحظ تنسيقاً بين مصرف لبنان ووزارة المال.

الى ذلك، وبكلّ تهرّب من العقاب وبتواطؤ كلّي من قبل الحكومة أوجد حاكم مصرف لبنان عمليّة Ponzi جديدة عبر منصّة صيرفة.

إنّ كلّ هذه الإبتكارات الماليّة الإجراميّة كانت في أساس الأزمة الماليّة وخسارة الودائع التي ادعى رئيس مجلس النوّاب أنّها مقدّسة، والتي أرادت لجنة المال والموازنة البرلمانية إعادة تكوينها عبر ابتكارات محاسبية أخرى.

منذ بداية الأزمة، إبتكر حاكم مصرف لبنان، لا بل منذ أكثر من 30 سنة، أسساً محاسبية جديدة، لا سيّما ثلاثة قيود جديدة في ميزانية مصرف لبنان وذلك لإخفاء خسائر القطاع المالي:

3 بنود محاسبية جديدة؟

- بداية إنّ بند «أصول أخرى» (الذي فُصِل عنه بند «أصول ناتجة عن عمليات الصرف للأدوات الماليّة» في تشرين الثاني 2015)، الذي أضيف إلى الميزانية منذ سنة 2002- 2003، زادت قيمته من 34.330 مليار ليرة لبنانية في منتصف تشرين الأوّل 2019 (حيث كان سعر صرف الدولار يوازي 1507.50 ليرات لبنانية) إلى 100.421 مليار ليرة اليوم (حيث أصبح سعر الصرف الرسمي للدولار 15.000 ليرة لبنانية: 6.7 مليارات دولار) بعد أن بلغ 179.380 مليار ليرة لبنانية في منتصف أيار 2023، أي قبل حوالى شهرين تقريباً. كنت قد كشفت، مع أفرقاء آخرين، هذا التهرّب، حيث أوجد حاكم مصرف لبنان بندين: بند «تعديلات إعادة التقييم» (المادتان 75 و 115 من قانون النقد والتسليف)، الذي كان رصيده صفر في كانون الثاني 2023 وهو 644.043 مليار ليرة لبنانية اليوم ( 42.9 مليار دولار).

- بند «تسليفات للقطاع العام» الذي تطور من رصيد صفر في كانون الثاني 2023 الى 249.474 مليار ليرة لبنانية اليوم (16.6 مليار دولار). بإيجاده هذا البند، يحاول حاكم مصرف لبنان، تحويل قسم من خسائر القطاع المصرفي العام (مصرف لبنان) والخاص ( المصارف التجاريّة) وذلك بهدف تحميلها للدولة وبالتالي للمكلفين اللبنانيين، بغية الوصول الى تصفية بعض أصولها مثل أملاكها العقاريّة وواجهتها البحريّة.




إدعاء باطل

إدعى حاكم مصرف لبنان أنّه كان هناك إتفاق بذلك، قائم منذ 2005/2007 مع وزارة المال، الذي كان قد نقض وجوده مجمل وزراء المال المتعاقبين. من يكذب من الفريقين؟ في كلّ الأحوال لا نجد أثراً لهذا الإتفاق في حسابات الخزينة (وزارة المال). زيادة على ذلك، فإنّ مجلس النواب وهو الذي صادق على إصدار سندات اليوروبوندز، على سبيل المثال، لم يصادق يوماً على هكذا إتفاق. من ناحية أخرى، فإن الدولة كانت تشتري دولارات من مصرف لبنان بالليرة اللبنانية لتغطية مشترياتها النفطيّة وغيرها التي هي حاجة البلد: 13 مليار دولار بين سنوات 2009 و 2019. كانت تدفع بواسطة أموالها الخاصّة أو عن طريق إصدار سندات خزينة. لم تستدن الدولة قط من مصرف لبنان وبالتالي ليست مدينة له بأي دين. كذلك، فعندما كانت الدولة تجمع مبالغ من الدولارات عبر إصدار سندات اليوروبوندز على سبيل المثال، كانت تودعها في مصرف لبنان ولم يكن هذا الأخير يسلّف الدولة في هذا الخصوص: 17.5 مليار دولار بين سنة 2009 وسنة 2019! كانت الدولة تنفق هذا المال بالليرة اللبنانية وليس بالدولار لذلك فإنّ مصرف لبنان كان قد تلقى دولارات من الدولة أكثر مما باعها. إذا كانت شركة KPMG قد قبلت بهذه الهرطقة المحاسبية والماليّة، فهذا لا يمكن تحويله على سعر الصرف الحالي بل على سعر الصرف الذي كان معتمدا في حينه (1507.5).

من الآن فصاعداً

مع الأموال الممكن استلافها من صندوق النقد او تلك المرتبطة بمؤتمر CEDRE، يجب اعتماد المبادئ المنصوص عنها في خطّة لازار Lazard لكي لا تحسم منها أكثرية ديون القطاع المالي وديون الدولة وبالتالي تحميل هذه الديون للشعب، وبشكل خاص:

- سن واقرار قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي العام (أي مصرف لبنان) والخاص (أي المصارف التجاريّة) مع تغييرالحوكمة على رأس مصرف لبنان بالطبع، مع دمج المصارف التجاريّة وزيادة رساميلها وتغيير مساهميها وتصفية مساهمات المساهمين الحاليين (بحسم قيمتها من الرساميل الموجودة أو شطبها والإستغناء عن المساهمين الحاليين) وإدخال كبار المودعين في الرساميل الجديدة (Bail-in) او الإنقاذ الداخلي عن طريق الإقتطاع من الرصيد الأساسي ( Haircut).

- الإلتزام بنشر الموازنة.

- تعديل قانون السريّة المصرفيّة.

- قوننة حركة رؤوس الأموال (Capital control).

- توحيد أسعار الصرف ( الجمارك، صيرفة، السعر الرسمي) قبل تحريره.

- إيجاد مؤسسة عامة لإدارة أصول الدولة وإيجاد حساب سيادي لإعادة توظيف واستثمار عائدات النفط والغاز المستقبليّة.

- التحقيق الجنائي المالي في حسابات مصرف لبنان وكافة الوزارات وكافة إدارات الدولة التي أوجدت بعد الحرب (كمجلس الجنوب وصندوق المهجرين ومجلس الإنماء والإعمار والهيئة العليا للإغاثة وسائر الدوائر الرسميّة الأخرى إضافة الى اكبر 14 مصرفاً.

MISS 3