أحمد الأيوبي

حراك سنيّ إقتصاديّ على حافة السياسة

31 تموز 2023

02 : 00

تشهد الساحة السنيّة في لبنان تنوّعاً وحراكاً لا يقتصران على المشهد السياسي فقط، بل يمتدّان إلى المشهد الاقتصادي بعدما شهدت عقود القرن المنصرم الأخيرة ظاهرة رجال الأعمال الذين تحوّلوا إلى زعامات وقيادات سياسية ورؤساء حكومات ووزراء ونواب لكنّ أغلبهم فضّل نموذج الزعامة الشخصية، فلم يتّجهوا إلى تأسيس أحزاب سياسية ذات طابع مؤسساتي، وهذا ما انكشف مع تفاقم الانهيار الاقتصادي وتخلّي الرئيس سعد الحريري عن مسؤولياته وتعليقه العمل السياسي لتيار المستقبل ليس سياسياً فحسب، بل إنّ الانشكاف كان أكثر اقتصادياً واجتماعياً، وهنا يكمن مربط البحث في هذا المقام.

في المقابل، برزت ظاهرة أخرى تُمَثِّلُ إطاراً تعاونياً بين ما يزيد عن 250 من رجال الأعمال لتشكِّل مبادرة ممتدة على مجمل الأراضي اللبنانية، هي «إتحاد رجال الأعمال للدعم والتطوير – إرادة» والذي حمل العلم والخبر رقم 1282 بتاريخ 16 تموز 2013 وتأسّس بعد قيام أعضائه بالاطلاع على عمل المجموعات الاقتصادية العالمية الفاعلة التي تسهم في تطوير بلادها ومجتمعاتها وزيارة مؤسسات مختلفة تابعة لاتحادات رجال الأعمال العالميين للوقوف على إنجازاتهم على كافة الأصعدة، لا سيّما منها التربوية والصحية والإقتصادية والإجتماعية.

يسعى الاتحاد إلى «بناء تجمّع اقتصادي واجتماعي رائد يهدف إلى خدمة مجتمعنا وتعزيز هويته، كما يدعم ويحمي مصالح أعضائه»، ورسالته هي «تعريف وربط رجال الأعمال ببعضهم البعض بهدف خدمتهم وتوسعة أعمالهم وزيادة فعاليتهم».

تتألّف الهيئة الإدارية لـ»إرادة» من: المهندس عبد السميع الشريف رئيساً، ولؤي ملص نائباً للرئيس، عبد العزيز جمعة أميناً للسر وممثلاً للجمعية لدى الحكومة، المهندس محمد سنو أميناً للصندوق، الدكتور باسم البواب محاسباً، وعاصم النوام، المهندس مازن شبارو، المهندس مغير سنجابة، ياسر القوتلي، إبراهيم شهاب، صبحي بكداش، وربيع دندشلي أعضاء.

يتجنّب اتحاد «إرادة» مقاربة العمل السياسي ولا يطرح أعضاؤه أنفسهم كعاملين في السياسة، لكنّهم اتّجهوا نحو مبادرات تنموية تستجيب لتحديات الواقع الاجتماعي، فخلال جائحة كورونا أقام مركزاً طبياً للإسعاف الأولي بالتعاون مع جامعة بيروت العربية، كما جرى تنفيذ عدد من مشاريع الإنارة للأنفاق في بيروت وتجري دراسة إنارة طريق ضهر البيدر والتوسع نحو الشمال.

شملت المبادرات أيضاً مبادرة «تعلّم» وهي حملةٌ لدعم التلاميذ المتعثرين مادياً في لبنان، إلّا أنّ الإنجاز الأهمّ هو مركز «خبرات» لتحسين المهارات المهنية وإيجاد فرص العمل لأنّه يمثّل الحلقة المطلوبة في ظلّ اشتداد المصاعب الاقتصادية واضطراب سوق العمل وتراجع الفرص للحصول عليها.

يتحدّث أحد أعضاء الاتحاد المهندس محمد الضايع عن تجربة «إرادة»، فيعتبر أنّها رغم عدم انتشارها الواسع ومع محدودية إمكاناتها، إلا أنّها تجربة ناجحة حتى الآن وتستحق الجهد والمثابرة لتأخذ مكانها الطبيعي انطلاقاً من إحساس أعضاء الاتحاد بالمسؤولية الاجتماعية والتي لا يمكن فصلها عن الوضع العام في البلد، ما يجعلنا على تماس مع حاجات أهلنا وهذا يوجب علينا التحرّك لتحويل نجاحاتنا الشخصية إلى نجاح جماعي يخدم المجتمع وخاصة مع ما ينتظرنا من تحديات كبرى نتيجة الانسداد السياسي المسيطر على البلد.

يقرّ الضايع بأنّ تركيز «إرادة» هو في بيروت بسبب كثافة الأعضاء في العاصمة، لكنّه يعرب عن اعتقاده بأنّ الفترة المقبلة ستشهد وصول الاتحاد إلى جميع المناطق اللبنانية بناءً على التكامل ورفع مستوى المسؤولية الاجتماعية.

وكانت جمعية «إرادة» قد عقدت في 13 من الشهر الجاري (تموز) مؤتمراً بعنوان «مستقبل النظام اللبناني وتأثيره على الإقتصاد». وأعلن المجتمعون عن مجموعة من التوصيات، أكدت بداية على ضرورة الإلتزام بالمهل الدستورية، وكذلك على ضرورة الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية، وأهمية تشكيل حكومة جديدة متجانسة تستطيع تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان من ذوي الكفاءة العالية، وذلك من أجل القيام بالإجراءات التشريعية والتنظيمية اللازمة بغية عودة لبنان إلى الإنتظام في العمل، على مستوى السلطتين التنفيذية والتشريعية. كما أكّد المجتمعون أهمّية رسم نظام ماليّ جديد، مبني على سياسات عامّة رصينة.


MISS 3