ريتا ابراهيم فريد

رغم الحجْر المنزلي وتوقّف المصانع المهندس البيئي زياد أبي شاكر: مسبّبات التلوّث لم تختفِ

22 نيسان 2020

06 : 00

إنتشرت في الفترة الأخيرة تقارير عدة عن انخفاض في نسبة التلوّث تزامناً مع الحجر المنزلي الذي فرضه فيروس الكورونا. البعض اعتبر أنّ الأرض تأخذ استراحة، وأنّ إجراءات الوقاية ساهمت في تنقية الهواء. كما أنّ قرارات التعبئة العامة ومنع التجوّل في لبنان خفّفت كثيراً من نسبة التلوّث البيئي الذي تسبّبه وسائل النقل. "نداء الوطن" تواصلت مع الخبير والمهندس البيئي زياد أبي شاكر للمزيد من التفاصيل عن هذا الموضوع.



هل فعلاً ساهمت إجراءات التعبئة العامة والحجر المنزلي في انخفاض نسبة تلوّث الهواء في لبنان؟


كي نكون واقعيين وعلميين في مقاربة موضوع تلوّث الهواء، علينا أن نحدّد مسبّباته. ففي مدينة بيروت على وجه الخصوص، ينتج تلوّث الهواء عن عوامل عدّة أبرزها: المركبات (أي السيارات والشاحنات وغيرها)، مولّدات الكهرباء التي يتزايد عددها بشكل كبير جداً. وإذا خرجنا عن نطاق مدينة بيروت، يمكن التحدّث عن التلوّث الذي تسبّبه محطات توليد الكهرباء في منطقتي الذوق والجية.

ما يحدث اليوم هو أن المركبات هي التي توقّفت فقط، وبالتالي توقّف مسبّب واحد فقط من مسبّبات التلوّث. فمعملي الذوق والجية يعملان بشكل طبيعي، بالإضافة الى بواخر إنتاج الطاقة ومولّدات الكهرباء.

ما حدث إذاً هو أنّ استهلاك السيارات انخفض بنسبة 60%، والجوّ لم يعد كما في السابق ملبّداً بالغيوم السوداء والصفراء التي كانت تحتلّ سماء بيروت. لكن أشكّ في أن يكون الهواء قد أصبح نظيفاً بنسبة عالية. فعلمياً، لا يمكن أن نقيس نسبة تلوّث الهواء من الناحية البصرية فقط. هناك آلات متخصصة في أخذ عينات من الهواء وفحصها.





ماذا عن إقفال المعامل والمصانع؟


معامل التصنيع التي تتّكل على مولّدات الطاقة توقّفت بغالبيّتها عن العمل. هذا أيضاً ساهم في تخفيف نسبة تلوّث الهواء. لكن في المقابل، المولّدات المعنية بتوزيع الكهرباء الى المنازل لم تتوقّف عن العمل، لا بل أعتقد أن عملها ازداد بسبب شحنة الفيول السيئة التي تمّ استقدامها، والتي أدّت الى تراجع ساعات الكهرباء التي تؤمّنها معامل الطاقة.



بعد زوال أزمة الكورونا، هل تؤيّد المطالبة بتطبيق قرار المفرد والمزدوج للوحات السيارات بشكل دائم للحدّ من زحمة السير وتخفيف نسبة التلوّث؟


تطبيق هذا القرار من شأنه أن يحدّ من نسبة تلوث الهواء الى حدّ ما، لكن مع ذلك أنا ضدّ تطبيقه طبعاً. فنحن في بلد يرزح تحت أزمة إقتصاديّة كبيرة، والمواطنون يعانون من البطالة ومن تردّي مستوى المعيشة. فماذا سنقول لسائق الأجرة؟ يمكنك أن تعمل ثلاثة أيام في الأسبوع؟ كيف سيتمكّن من إعالة عائلته ودفع فواتيره وأقساط مدارس أولاده؟ وماذا نقول للموظّفين المجبرين على الذهاب كل يوم الى عملهم؟ هل لنا أن نجبرهم على التوجّه بشكل جماعي بحسب أرقام لوحات سياراتهم؟ هذا القرار لا يمكن تطبيقه لفترة طويلة في لبنان.





المواطنون والبلديات يشتكون من وجود كمية كبيرة من القفّازات المرميّة على الطرقات. ما مدى خطورة هذا الموضوع على البيئة؟


بالدرجة الأولى يمكن وصف هذه التصرفات بقلة الأخلاق وقلّة الأدب. والأهمّ أنّ هذا الأمر خطير جداً، ليس على المستوى البيئي فحسب، إنّما على المستوى الصحيّ أيضاً. لنعتبر أن من كان يرتدي هذه القفّازات مصاب بالكورونا، وانتقل الفيروس الى قفازه، علماً أنّ الكورونا يعيش على المواد البلاستيكية لمدة ساعتين او ثلاث كما يقال، وقام هذا الشخص برمي القفازات على الطريق، فهو سيساهم بالتالي في تفاقم الأزمة وانتشار الفيروس أكثر.

من الضروري جداً زيادة التوعية على هذه الظاهرة. وكنّا قد طلبنا من الناس أن يضعوا القفازات في أكياس قمامة منفصلة عن أكياس القمامة العاديّة. وطلبنا أيضاً أن يتمّ تعقيم هذه الأكياس قبل نقلها الى صندوق المهملات. أمّا على المستوى البيئي، فالخطر كبير أيضاً. كنّا قد انتهينا من زجاجات المياه البلاستيكية المرمية على الطرقات وانتقلنا اليوم الى القفازات المصنوعة أيضاً من مواد بلاستيكية وغيرها، وهذا يسبّب ضرراً كبيراً على البيئة.





ماذا عن حملات الرشّ والتعقيم التي تقوم بها البلديات للشوارع والمباني؟


بداية لا بدّ أن نشير الى أن هذا العمل لا جدوى منه، وقد يكون مضرّاً للبيئة. كما أنّ الطريقة التي يعتمدونها للرشّ لن تقتل الفيروس.

الأسلوب الوحيد لمكافحة الكورونا يكون عبر استخدام "السبيرتو"، ولا أحد يقوم برشّ هذه المادة، بل على العكس، هم يرشّون مواد تحتوي على الكلور، الذي يعتبر مادّة سامّة. وقد اتّخذ الموضوع منحى تجارياً، فسعى البعض الى بيع مواد تعقيم لسنا بحاجة لها، ورشّوا كميات كبيرة من المواد الكيميائية بطريقة عشوائية ومكثفة، حتّى أنهم لوّثوا أكثر مما طهّروا. من اتخذ هذا القرار هو إما جاهل، وإمّا متواطئ مع شركات تبيع أدوية التعقيم هذه.


MISS 3