النبطية - نداء الوطن

دير سريان عطشى و"مشروع الطيبة" لا يرويها

7 آب 2023

02 : 00

اليباس يجتاح الزرع

«النهر حاملها والعطش قاتلها»، هذه هي حال بلدة دير سريان وعشرات البلدات الجنوبية التي تتغذّى من مشروع الطّيبة المائي. فالبلدة من دون مياه منذ أكثر من شهر ونصف، بعدما باءت كل الحلول بالفشل، ويصفها أهلها بـ»الترقيعية». في حين يضطرّ سكان دير سريان والطيبة والعديسة وغيرهم لشراء المياه بالصهاريج، وجد سائقوها فرصتهم الذهبية في الأزمة، حيث لامس سعر «النقلة» الواحدة مليون و700 ألف ليرة لبنانية.

لا مياه في حنفيات المنازل، «الميّ مقطوعة»، هذا ما يؤكّده الجميع. يجهلون السبب، تارة بسبب نفاد مادة المازوت، وطوراً بانقطاع التيار الكهربائي، ما يُعطّل محطات الضخ. تئنّ دير سريان من العطش. يعيش أبناؤها واقعاً مزرياً، في واحدة من أسوأ الأزمات التي عرفوها. وما زاد الطين بلة، هو ارتفاع أسعار نقليات المياه، حيث يتكبّد كل مواطن شهرياً أكثر من 7 ملايين ليرة كلفة شرائها، في وقت يُسجّل للبلدة دفع كل الرسوم المستحقة لشركة المياه.

حلّ الجفاف على المواسم الزراعية، وسيطر اليباس على أغلب المزروعات الصيفية. لا يصدّق «أبو يوسف» حجم الكارثة، يتأفّف قائلاً: «لا ماء للغسيل، ولا ريّ للمزروعات، بتنا نجهل مكمن المشكلة». بالفعل، يبحث أبناء دير سريان عن القطبة المخفية، هل هي أعطال محطات الضخ، أم اهتراء الشبكة. أسئلة بلا أجوبة. يشير المختار علي إبراهيم، إلى أنّ «الأزمة تعود إلى تراكم الأعطال داخل مشروع الطيبة الذي يفوق عمره الـ60 عاماً، ويشهد واقعاً مأسويّاً، مردّه عدم انتظام الصيانة. يصلحون المضخات من هنا لتتعطل من هناك». ويسجّل المختار، عتبه الكبير على شركة مياه لبنان الجنوبي، «فهي غير مستعدّة لإصلاح الأعطال المهملة والمتراكمة، واليوم ندفع الثمن».

أكثر من 45 بلدة تتغذّى من مشروع الطيبة الواقع في أسفل الوادي عند نهر الليطاني، وهو عبارة عن 16 بركة تجميع للمياه، ومن ثم تضخّ نحو القرى بمضخات كبيرة، جرى تركيبها من قبل الفريق الألماني الذي أشرف على تنفيذ المشروع في ستينات القرن الماضي، وكانوا يخضعونها لصيانة دورية سنوية، وبقي الأمر حتى انهيار العملة الوطنية، ومنذ سنتين ارتفعت نسبة الأعطال، ويشير وهبي إلى أن إصلاح إحدى المحطات قد كلّف حوالى 30 ألف دولار وبعد ثلاثة أيام توقّفت من جديد. ما فاقم الأزمة أكثر في البلدة هو غياب الآبار الأرتوازية، واعتمادها كاملاً على مشروع الطيبة. وعن السبب يقول وهبي إنّ «حفر بئر يحتاج إلى مبالغ طائلة، والبلدية مفلسة، ولا حلّ للأزمة إلّا بتدخل الدولة».

وعود بالجملة أغدقت على أبناء القرى، بضخّ المياه عبر «مشروع الـ800» الذي يجرّ المياه من بحيرة القرعون ونبع الزرقا، ويصل المشروع حتى بلدة شقرا، حيث توقف بسبب نقص التمويل. وكشف وهبي أنّ «شركة المياه وعدت ببدء الضخّ بعد سبعة أشهر، ولكن اليوم ماذا نفعل؟ كيف نواجه الأزمة؟ نحتاج إلى ميزانية كبيرة لشراء المياه».

سابقاً، كان الأهالي يعتمدون على تجميع مياه الأمطار في آبارٍ صغيرة محاذية لمنازلهم، لمواجهة أي أزمة طارئة، غير أنّ هذه الآبار قد جفّت أيضاً. في هذا السياق، يقول المختار علي لوباني «إن لم تحلّ الأزمة، سيكون الشارع ملاذنا للدفاع عن حقّنا»، لافتاً إلى أنه بصدد التحضير لتحركّات واسعة يُشارك فيها كل أبناء القرى المتضررة والعطشى. وطالب نوّاب المنطقة بالتدخل فوراً لاجتراح الحلول «نحن انتخبناهم وواجبهم مساعدتنا. لم يعد بمقدورنا دفع ثمن المياه».

في الخلاصة، لم يكن ينقص الناس سوى استفحال أزمة المياه. ليست دير سريان ولا حتى القرى الـ45 وحدها تعاني، بل كل قرى الجنوب، ليبقى السؤال الأبرز: إلى متى سنبقى عطشى في بلد المياه؟


MISS 3